تأثير الاتفاق الإطاري على لجان المقاومة في المرحلة المقبلة
تأثير الاتفاق الإطاري على لجان المقاومة في المرحلة المقبلة
الخرطوم- آثار كامل
تعرَّضت لجان المقاومة التي تقود الحراك والاحتجاجات منذ بداية الثورة في ديسمبر من العام 2018م، لكثير من الانتقاد والاختراق في الفترة الأخيرة، إلا أنها ظلت تردد أنه لا مجال عن التراجع من الغايات التي خرجت من أجل تحقيقها وبرز نشاطها بصورة أكبر عقب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، التي قام بها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، ورفضت اللجان أي خطوات تقوم بها الحرية والتغيير والأحزاب بالتفاوض مع العسكريين, وتمسَّكت بموقفها الرافض إلا أن اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين عقدت ورشة بدارها خرجت بمشروع وثيقة دستورية لإدارة الفترة الانتقالية وتمت مناقشتها ومن ثم تم التوقيع على اتفاق إطاري في القصر الجمهوري صبيحة الاثنين الخامس من ديسمبر، بموافقة بعض لجان المقاومة بالخرطوم.
التحكم في القيادة
رغم أن قوى الحرية والتغيير ظلت تبذل مساعيها لإعادة الثقة بينها وبين لجان المقاومة بعد شبه انهيار جدار الثقة بينهما خلال فترة العامين التي حكمت فيهما قوى الحرية والتغيير وهي تحاول إعادة هذه الثقة بطرحها لدعوتها لتكوين جبهة عريضة من القوى الثورية، وأن تم تأسيس هذه الجبهة تكون قد وفرت جهداً ووقتاً ثميناً في الدفع بقيام الدولة المدنية وإكمال هياكلها وتخطي العقبات التي تواجهها في صعيد لجان المقاومة التي أكثر تمسكاً بشعار اللاءات الأكثر تعقيداً في المشهد السياسي.
رفض التوقيع وإبعاد ممثلي الأحزاب
شدَّدت بعض لجان المقاومة على رفضها القاطع للاتفاق الإطاري بين قوى الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري، وحسب الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة فضيل عمر، ذكر بأن الاتفاق الإطاري الذي تم بين المجلس المركزي للحرية والتغيير والمكوِّن العسكري نحن لسنا معنيين به، فيما ورد في حديث الناطق الرسمي السابق للجان مقاومة الخرطوم عثمان سر الختم، في حديثه لـ(الجريدة) باتهامه الحزب الشيوعي بالوقوف خلف وجود اتجاه داخل لجان المقاومة لإبعاد ممثلي الأحزاب التي وافقت على الاتفاق الإطاري، ولفت عثمان بأنها واحدة من محاولات الحزب الدءُوبة في الانفراد باللجان، مؤكداً عدم صدور قرار رسمي بإبعاد منسوبي الأحزاب التي وافقت على التسوية، وأردف بأن يتم الترويج للقرار، وأضاف إذا تمت الخطوة وفصل المحزَّبين من لجان المقاومة فهذه خطوة لو لم تكن ممتازة يمكن أن تخرج الصراع الحزبي من داخل اللجان وتحويله للساحة السياسية، وأي حزب يختار أدواته وخطابه لإدارة صراعاته مع بقية الأحزاب في الساحة السياسية.
هيكلة شاملة
يقول الصحفي والمحلِّل السياسي هاشم عبد الفتاح في حدثيه لـ(الصيحة): إن الأحزاب السياسية تحتاج إلى ترميم شامل وهيكلة شاملة من الداخل، من حيث المكوِّنات الشبابية وتحتاج إلى تنظيم وإعادة بناء لابد من حدوث انعتاق والتخلي عن القيادات المقدَّسة والشروع فوراً في الهياكل والقوانين الداخلية بما يتفق مع أشواق ومتطلبات الجيل الجديد. فالأحزاب التقليدية قامت في ظروف ليست الظروف التي نعيشها الآن فلابد من مواكبة المرحلة. وبسؤاله عن مدى تأثير الاتفاق الإطاري على لجان المقاومة في المرحلة المقبلة، قال عبد الفتاح: إن اللجان هي المحكم الأهم في المشهد كقوى فاعلة في رسم خارطة الفترة الانتقالية وصولاً إلى قيام الدولة المدنية، لافتاً إلى أن التنافس السياسي لازال قائماً في الساحة السياسية، وأوـضح بين مكوِّنات قوى الحرية والتغيير والأحزاب والقوى السياسية الأخرى أنها لاتزال تعاني من صعوبة التماسك ووحدة الصف وعاجزة عن تجاوز خلافاتها لتصل لتحالف حقيقي ضمن كتلة سياسية واحدة، مشيراً إلى أن لجان المقاومة واجهة للتعبير الجماهيري والتوقيع الإطاري لن يؤثر عليها في المرحلة المقبلة لا بالسلبية ولا الإيجابية، لأن اللجان نرى أنها ماضية في مشروعها بإقامة دولة مدنية كامة وتحقيق العدالة ومواصلة جدولة الشهر التصعيدي المواكب المركزية واللا مركزية، والآن حدَّدت لجان المقاومة بأن يصبح السودان دولة مدنية ويذهب في طريق الحكم الديموقراطي عبر لا مركزية فيدرالية، وسيادة حكم القانون.
تحصيل حاصل
قال عضو لجان تنسيقيات مقاومة الخرطوم مجدي تيراب، في حديثه لـ(الصيحة) بأن تأثير الاتفاق الإطاري على اللجان في المرحلة المقبلة يقوم على جانبين السلبي والإيجابي، ولفت إلى أن الجانب السلبي يتمثل في ازدياد شعلة التغيير والمواصلة بنفس العزيمة والمضي نحو الهدف، ونوَّه بأن التأثير السلبي يتمثل في أن يبعد بعض الأفراد الموجودين بالشارع، مشيراً إلى أن قوى الشارع ترى بأن الاتفاق ليس منه جدوى تحصيل حاصل وليس بحل نهائي ولا احتمال بأن يكون بداية حل، وأضاف تيراب بأن مسألة إبعاد ممثلي الأحزاب التي وافقت على الاتفاق الإطاري من داخل لجان المقاومة تخضع إلى مناقشات داخلية قاعدية ونقاشات طويلة لاتخاذ القرار المناسب, وأضاف بأن يوم أمس الخميس، أول موكب مركزي بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري، مؤكداً جاهزية القوى الثورية، ولفت بأنه موكب مختلف بجانب المواصلة في جدول التصعيد الثوري.
الالتفات للعقبات
قال المحلِّل السياسي د. خالد قنديل: إن حالة التشظي لازالت قائمة مابين قوى الثورة المختلفة مع قوى الحرية والتغيير، ويرى بأن هذا التشظي استفاد منه العسكر لذلك من الضروري جداً الالتفات إلى هذه العقبات التي تواجه قوى الثورة من خلال تشتيتها، وأضاف بأن تأثير الاتفاق الإطاري لن يؤثر تأثيراً ظاهراً على اللجان في العلن، بل التأثير الحقيقي يظهر بداخلها بالآراء والمقترحات بجانب وجود الأفراد المنتمين لأحزاب شاركت في التوقيع، وأشار إلى أن اللجان سوف تعمل على إبعاد كل القوى التي ليست لها مصلحة، والتي تحاول الآن أن تجد موطئ قدم مثل أحزاب النظام البائد وإعادة إنتاجها، وبعض النخب الطفيلية والمتسلقة التي تصنف شعب كل حكومة وتحاول أن تستفيد من هذا الوضع، واقترح قنديل بأن تجلس لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير في حوار، لأن الحوار هو أحد الأدوات السلمية التي تنتهجها كل القوى المدنية في العالم ومناقشة المواثيق والدساتير لضمان واستقرار التحوُّل الديموقراطي.