من بينها إيران: الشراكات الجديدة لـ”إيقاد”.. كسر الحاجز التقليدي
تقرير- مريم أبَّشر
تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية المشتعل أوارها حتى الآن، لم تنعكس سلباً على الدولتين فحسب، بل طالت بأثر بائن كل الدول الأوربية، تخطتها لبقية قارات لجنة دول العالم، ولم تكن الدول الأفريقية استثناءً. وبما أن معظم الدول الأفريقية تعاني من النزاعات، الحروب، الجفاف والتصحر، فقد شكلت أسباباً حقيقية لموجات النزوح واللجوء داخل الدول الأفريقية والخارجية، ولأن دول القرن الأفريقي (دول إيقاد تحديداً) هي أكثر المناطق في أفريقيا تعاني من ويلان الطبيعة والسياسة، فقد مثلت المساعدات التي تأتي من دول الاتحاد الأوربي وأمريكا بجانب العون الأمريكي مصدراً مهماً لمواجهة تلك التحديات المتراكمة وتزداد يوماً بعد يوم سوءاً .
غير أن تداعيات الحرب الأوكرانية التي استنزفت اقتصاد إحدى أكبر الدول الأوربية تصديراً للغذاء والنفط، بل أن أثر الحرب ضرب كل أوروبا في مقتل، حيث باتت الدول الأوربية تشكو من عجز مواد الطاقة وارتفاع أسعار الغذاء، فكان من الطبيعي تناقص الدعم الأوربي والأمريكي للقارة السمراء.
ولعل نقص المساعدات التي تأتي من شركاء المنظمة من أوروبا وأمريكا دفع بالسودان خلال الاجتماع الوزاري لمجلس وزراء خارجية إيقاد رقم (٤٨) لطرح مسودة خارطة طريق جديده تتجاوز النظم التقليدية وتفتح نوافذ جديدة للمنظمة في تعاملاتها الخارجية .
فقد طرح السودان مشروع إقامة شراكات جديدة تتجاوز القديم التقليدي مع شركاء دوليين جدد، وحدَّد وزير الخارجية المكلف، روسيا والصين، هما دولتان ظلتا تدعمان أفريقيا دون توصيف لنمط العلاقات التي تربطها بتلك الدول و المنظمة، ورأى أنه من الأفضل للمنظمة البحث عن صيغة جديدة للشراكة مع هذه الدول تتجاوز الشراكة التقليدية التي تأثرت كثيراً بتداعيات الحرب الأوكرانية، و قد وجد المقترح السوداني القبول والترحيب من الدول الأعضاء في المنظمة.
صيغ جديدة
كما أشرنا فإن الحرب الأوكرانية انعكست سلباً على السلع الأولية كالغذاء والطاقة في أوروبا وتدفع بالتضخم نحو مزيد من الارتفاع، ما يؤدي بدوره إلى تآكل قيمة الدخول وإضعاف الطلب، فضلاً عن أن الاقتصادات للدول الأوربية المجاورة لأوكرانيا بصفة خاصة سوف تصارع الانقطاعات في التجارة وسلاسل الإمداد وتحويلات العاملين في الخارج، كما ستشهد طفرة تاريخية في تدفقات اللاجئين.
كل هذه التداعيات جعلت من الصعب على تلك الشركات التقليدية القديمة مد يد العون للقارة الأفريقية والمنظمات التابعة لها في ظل هذا والوضع المعقد الذي تعيش فيه، وبما أن كلا من: الصين وروسيا تبحثات لموطئ لقدم في أفريقيا الأرض البكر ذات الموارد الطبيعية الهائلة، فإنه بات من المهم تقنين تلك الشراكات بما يخدم دول المنظومة وأهدافها.
أزمة حقيقية
وفق المتابعات الماثلة تشعر كثير من الحكومات والشركات والأسر في جميع أنحاء العالم بالآثار الاقتصادية للحرب بعد عامين فقط، من تفشي جائحة فيروس “كورونا” الذي أحدث أضراراً واسعة بالتجارة العالمية.
ومع ازدياد معدَّلات التضخم، يتوقع أن يتسبب الارتفاع الصاروخي في أسعار الطاقة في زيادة الاحتمالات بمواجهة أوروبا شتاءً بارداً ومظلماً. وتقف أوروبا على شفا الركود.
كما يتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها، الذي تفاقم بسبب قطع شحنات الأسمدة والحبوب من أوكرانيا وروسيا التي تستأنف ببطء، إلى انتشار الجوع والاضطراب في العالم النامي.
بل أن أثر هذه الحرب الأوكرانية طال دولاً أفريقية، وأصيبت اقتصاديات العديد من الدول بالانكماش، الأمر الذي ألقى بظلال سالبة على الدعومات والمساعدات الأوربية والأمريكية للدول الأكثر حاجة في العالم.
توارد خواطر
رغبة إيقاد في خلق شراكات جديدة غير تقليدية وعلى وجه الدقة مع روسيا والصين، ربما تماثل ذات الرغبة لدى البلدين وسعيهما المستمر بحثاً عن مدخل لأفريقيا، في روسيا غيَّرت نبرتها التقليدية للمساعدة المقدمة لأفريقيا والتي تعود للحقبة السوفيتية، وشرعت في إبراز قصص النجاح الملموسة والإنجازات السياسية، على الأقل، خلال العقد الماضي في جميع أنحاء أفريقيا. حيث عقدت قمماً تضم روسيا والدول الأفريقية وأصبحت الشراكة الاستراتيجية مع أفريقيا أولوية في السياسة الخارجية لروسيا.في ذات الوقت تقدر روسيا بشدة استعداد الأفارقة لتعزيز التعاون الاقتصادي”.
وترى أنه من مصلحة الأمتين العمل معًا للإبقاء على العلاقات التجارية والاستثمارية ذات المنفعة المتبادلة وتوسيعها في ظل هذه الظروف الجديدة. ومن المهم تيسير الوصول المتبادل بين الاقتصاديين الروس والأفارقة إلى أسواق بعضهم البعض وتشجيع مشاركتهم في مشاريع البُنى التحتية واسعة النطاق”. وباتت روسيا تمنح شراكاتها مع أفريقيا أولوية .
ما يجدر ذكره وفق موقع “مودرن ديبلوماسي” أن العديد من البلدان الأفريقية قامت بإصلاحات اقتصادية، ولهذا السبب، يتزايد الطلب على منتجاتها ذات الأسعار التنافسية والجودة العالية، وعلى الرغم من اهتمام الشركات الروسية بهذه السوق، لكن وتيرة تقدَّمهم في تنفيذ مشاريعهم بطيئة للغاية، وذلك جراء عجزهم عن توفير الموارد المالية لدعم التجارة مع أفريقيا والاستثمار في أفريقيا.
العون من الصين
الصين هي الأخرى ظلت تبحث عن شراكة حقيقية مع أفريقيا واتخذت من علاقاتها المتطوِّرة خاصة في فترة الحكومة السابقة السودان مدخلات لأفريقيا نظراً للموقع الجيواستراتيجي الذي يتمتع به ولذلك طوَّرت علاقاتها بأفريقيا وملأت الفراغ الذي خلَّفه تراجع النفوذ الغربي، بعض الشئ في فترة ما، وبالنظر إلى حجم المخاوف الغربية من الأوضاع الهشة في بعض الدول الأفريقية، لذلك يرى مراقبون أن سعي منظمة الإيقاد خلق شراكة جديدة مع الصين يصب في ذات الاتجاه الذي ترغب فيه.
ويرى مختصون أن التعاطي الصيني مع القارة الإفريقية يأتي ضمن صناعة تطويع الجغرافيا السياسية والأمنية للرؤية الاقتصادية الصينية، أضف إلى ذلك
أن الصين تدَّعي أن توجهها إلى القارة الإفريقية يحمل بُعدًا إنسانيًّا، أو ما تراه الصين يدخل في خانة المسؤوليات الدولية التي تتمحور حول مساعدة الدول الأفريقية المتخلفة أو النامية للوصول إلى حالة التقدم، وهذا المدخل الإنساني هو ذات المقصد الذي تسعى إيقاد في ثوبها الجديد بناء شراكات جديدة مع المجتمع بعيداً عن النمطية التقليدية.
الخليج – أيضاً
البحث عن شراكات جديدة تقف إلى جانب دول إيقاد وفق الرؤية السودانية الرئيس الحالي للإيقاد تشمل إلى جانب الصين وروسيا دول الخليج وإيران وفق مصدر بالإيقاد، وأضاف لأن المنظمة تسعى لشراكة تضم الدول العربية طرحت ذلك مقترحاً يقضي باعتماد اللغة العربية ضمن اللغات المعتمدة بالمنظمة، ولفت إلى أن دول الإيقاد تعاني من أزمات مالية خاصة وأن هنالك ضعف في تسديد اشتراكات الشركات، لذا فإن محاولة الخروج عن الدعم النمطي التقليدي بالاهتمام على الاتحاد الأوربي وبعض دول أوربا والولايات المتحدة لم يعد مجدياً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلَّفتها الحرب الأوكرانية وهذا جعل البحث عن منافذ دعم جديد أمر في غاية الأهمية، لافتاً إلى أن السكرتير التنفيذي لإيقاد ورقني، شرع بالفعل في إجراء اتصالات بتلك الدول لبلورة الصيغة المثلى لشكل التعاون المشترك.