سكان المعسكرات في دارفور.. أحلام العودة
الخرطوم- آثار كامل
رهن السفير البريطاني بالخرطوم، جايلز ليفر، حل أزمة النازحين في دارفور، بالتوصل إلى تسوية سياسية بين الفرقاء السودانيين وشدَّد ليفر في فيديو قصير من داخل معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، على أنه من دون التوصل إلى ترتيبات سياسية وأمنية مستدامة، تكفل للنازحين العودة إلى مزارعهم وقراهم وحياتهم لما قبل مرحلة الصراع، فإن مستقبل هؤلاء الأشخاص سيكون الاعتماد على مزيد من المساعدات. وعبَّر ليفر -الذي يزور زمزم للمرة الأولى- عن صدمته من نقص الخدمات الأساسية بالمعسكر، ومما سمعه من النازحين حول انعدام الأمن، ودعا السفير البريطاني، إلى المسارعة في تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، ومفوَّضيات الأراضي والحواكير، وبقية المؤسسات والهياكل التي يمكن أن تؤدي إلى حل مشكلات المواطنين، وتحقق الأمن في دارفور.
توفير المال
حاكم إقليم دارفور أركو مناوي المعيَّن وفق اتفاقية جوبا للسلام بدأ خطوات تجاه كيفية توفير الدعم اللازم لإنفاذ بنود توقيع جوبا، بجانب الجولات التي قام بها والتبشير بالجدية في الإيفاء بالالتزامات تجاه الإقليم البلاد، وضرورة توفير المال الذي يشكِّل عقبة في طريق الحكومة الانتقالية جلها في الوقت الراهن، ونجد أن إقليم دارفور الذي يحلم أهله بإعادة سيرته الأولى ما قبل 2003م، أكثر رخاءً وأمناً وإعماراً في وقت يعاني فيه في الوقت الراهن تشظ ونزوح ونزاعات قبلية لا تعرف السكون، فيما زاد تصدع النسيج الاجتماعي الذي كان يقوم منذ تأسيس دولة الفور ــ المسمى عليها الإقليم ــ على التعاضد والتكافل كل ذلك سيجعل مهمة ما تم تعينهم بواسطة استحقاق سلام جوبا بما فيهم الحاكم أكثر صعوبة، لأنهم ورثوا تركة ثقيلة لحقبة تراكمات أخفق النظام السابق فيها، طيلة العقود الثلاثة الماضية.
ازدياد النازحين
بدوره قال الأمين العام لمنظمة إنهاء الإفلات من العقاب عثمان جامع في حديثه لـ(الصيحة) بأن الوضع في إقليم دارفور معقد، وكذلك نفس الوضع في السلطة السياسية، لافتاً إلى أن الانفلاتات الأمنية لازالت قائمة ولم يتم حسمها حتى الآن وهذه واحدة من الإشكاليات والعقبات بجانب ازدياد أعداد النازحين، وأشار جامع إلى أن الوضع السياسي الراهن كما أشار السفير البريطاني هو من معرقلات تعافي الإقليم بجانب عدم اكتمال سلام جوبا، ونوَّه بأن الأوضاع الإنسانية التي يعيشها النازحون واللاجئون في المعسكرات، متدهورة بجانب نقص الغذاء، وأضاف لابد من أن تحل جذور المشكلة بتعافي الإقليم بغرب البلاد، منبِّهاً إلى أن إقليم دارفور ليس وحده الذي يعاني، بل بعض الولايات -أيضاً- ممن تضرَّروا فيها بالفيضانات الأخيرة أصبحوا نازحين بسبب عدم توفر الدعم والأوضاع السياسية بالبلاد، منوِّهاً بأنه لابد من التوافق أولاً لين الفرقاء السياسيين والتوصل لحل.
ظروف مغايرة
وشدَّد جامع على ضرورة العمل في الفترة المقبلة لإرجاع النازحين إلي قراهم وإرجاع النساء والأطفال من مناطق اللجوء التي لا تتوفر بها أدنى مقومات الصحة النفسية والتربوية، ولابد من أن تعمل كل الجهات على عودة النساء إلى البيوت حتى تعيش المرأة في أمان نفسي، وهو مطلوب لانخراطها في العمل العام والتنموي للمشاركة الفاعلة في العمل السياسي، وتربية جيل معافى في إقليم يتمتع بالموارد الغنية، وعلى السياسيين والأحزاب الاتفاق وإنزال الشعارات على أرض الواقع المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة وتقديم الاستشارات والتعاون.
تجاوز الأخطاء
قال أستاذ العلوم السياسية والمحلِّل السياسي د. صلاح الدومة، خلال حديثه لـ(الصيحة) بأن حكومة الإقليم الجديدة لن تقدم شيئاً للإقليم مالم تصحح الأخطاء السابقة وتتجاوز أخطاء الولاة الحاليين بالإقليم، غير ذلك ستكون عبئاً ثقيلاً على خزينة الحكومة الانتقالية. وأضاف الدومة بأن النازحين واللاجئين قضيتهم معقَّدة وتحتاج إلى توفير مقوِّمات غير ذلك لن يتغيَّر شيئ وكثير من النازحين يرفضون العودة إلى القرى بسبب عدم وجود مقومات حياة، فالحرب دمَّرت وكسَّرت، حتى البهائم قتلت فطالما لايوجد أمن لاعودة لهم. ولفت الدومة بأن هناك أموالاً ضخمة خصصت لعودة النازحين واللاجئين لقراهم فأين ذهبت تلك الأموال، لذا لابد من دراسة الأمر وتوفير قضاء ونيابة وشرطة ومقومات حياة وإعادة تأسيس القرى لتكون العودة آمنة وطوعية.وأمَّن الدومة على حديث السفير بخصوص ضرورة التوصُّل إلى ترتيبات سياسية وأمنية مستدامة، تكفل للنازحين العودة إلى مزارعهم وقراهم.
توقف الدعم
يرى أستاذ العلوم السياسية أحمد الجيلي، في حديثه لـ (الصيحة) بأن الوضع الحرج الراهن الذي يعيشه اللاجئون والنازحون بالمعسكرات، له علاقة وثيقة بالوضع الداخلي السياسي خصوصاً بعد إجراءات 25 أكتوبر، وتوقف الدعم الخارجي، الذي شمل توقف برنامج ثمرات للدعم المادي المباشر للأسر بالمشاركة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمات ودول مانحة أخرى، ما تسبب في حرمان النازحين واللاجئين من الاستفادة من ذلك البرنامج وسبق وأن طالب مناوي بتوفير المال لتمويل مشاريع التنمية، كما نجد أن التحدي المالي الماثل الآن يمثل عقبة للحكومة كافة، وليس الإقليم فقط، مشيراً إلى أن دارفور يجب أن تنتقل لمرحلة مجتمع ما بعد الحرب من خلال إنفاذ برامج المشاريع التنموية التي يحتاج إليها الإقليم، إلا أن عدم إيفاء المانحين بالتزاماتهم يشكِّل عقبة أمامه، عقبة المال تشكِّل تحدياً كبيراً في ظل تنصل المجتمع الدولي، لافتاً إلى عدم قدرة الوضع المالي في السودان على تحمل نفقات تنفيذ عملية السلام، مطالباً مجتمع المانحين بالقيام بواجبته، مشيراً إلى عملية البطء تجاه قضايا السودان، وهو ما يؤثر سلباً على عملية السلام مما يجعل السلام على المحك في ظل ضائقة مالية لا تسمح بالتمويل الذاتي، لذلك لابد من إيجاد تدابير عاجلة.