نهر النيل.. الموت الصاعد من باطن الأرض
* محمد عبد العظيم محجوب
(داء ميناماتا يشار إليه أحيانا، بالمتلازمة العصبية الناجمة عن تسمم الزئبق الحاد. وتشمل أعراضه الترنح وخدر اليدين والقدمين والضعف العام في العضلات وتضييق في مجال الرؤية وتلف السمع والنطق. وفي الحالات القصوى الخلل العقلي والشلل والغيبوبة والموت الذي يتبع ذلك في غضون أسابيع من ظهور الأعراض. ويمكن أن يؤثر النوع الخلقي من أنواع هذا المرض أيضا على الجنين في الرحم). هذا ملخص نقلا عن ويكبيديا..
وبالمختصر ميناماتا منطقة يابانية تأثرت من مخلفات مصنع كانت تطرح في مياه الصرف الصحي الذي اختلط بالخليج، مخلفات المصنع كان يوجد بها مادة الزئبق.. ففي مارس 2001 تم الاعتراف رسميا بـ2.265 ضحية وتم تعويض حوالي 10000 تأثروا بدرجات مختلفة….
نقطة سطر جديد
كل ما حدث في ميناماتا إن لاحظتم كان نتيجة تعرض غير مباشر للزئبق (من خلال تناول اسماك في بحر مالح لا يستخدم لا في شراب أو خلافه)
للأسف الشديد إن ما يحدث بولاية نهر النيل هو تعرض مباشر للزئبق وغيره من المواد الكيميائية المستخدمة في التعدين…
فإن نعمة الذهب تتحول الى نقمة عند إساءة استخدام طرق استخلاصه.. والأرض المعطاء بالذهب يصعد منها الموت عند استخدام الطرق العشوائية وغير الآمنة… ((ويقال إن التعرض للأبخرة يؤدي الى تلف نسيج الرئة، ويسبب الفشل الكلوي ويصيب الكبد.. وهذا ورد في دراسة لوزارة المعادن عام 2013))
___
الدراسات العلمية التي أجريت وتجرى في ولاية نهر النيل أثبتت وجود الزئبق في التربة والمياه، حتى مياه أزيار وجد بها زئبق، وفي دم الناس حول عمليات التعدين وبنسبة كبيرة ومخيفة بل ووجد حتى في مكيفات الهواء..
وقدر أحد الباحثون كميات الزئبق المتبخرة في الهواء فقط نتيجة حرق الذهب وبحساب بسيط للخمس سنوات الماضية (ولمنطقة واحدة) بأنها تتجاوز (200) طن زئبق هذا فقط المتبخر دعك عن الموجود في الكرتة وخلافها، وإذا استمر الحال على ما هو عليه ولم نتحرك بصورة عاجلة فإن حجم المصيبة سيزاد..
وربما بكارثة أكبر من ميناماتا بكثير…
___
إلى كل من يضعون الكرتة في الأودية أو الأراضي الزراعية وللأسف حتى بالمنازل، أو يقومون بعمليات الحريق لاستخلاص الذهب في مناطق السكن أو دون أخذ الوقاية لأنفسهم..
أقولها لكم وبكل وضوح أنتم تشرعون في إهلاك أنفسكم وإهلاك الآخرين (ولو كنت قانونياً لأضفت إليكم مادة الشروع في القتل)
___
إلى شركات التعدين.. يمكن أن يستخلص الذهب بطرق فيزيائية صديقة للبيئة. فاستخدام السيانيد في أحواض مفتوحة يشكل خطراً على البيئة ولابد من استخدام أنظمة سلامة وأمان عالية جداً تضمن إنهاء أي مخاطر محتملة على صحة الإنسان أو الحيوان أو النبات.. هذا أو التراجع سيكون أنفع للبلاد والعباد.
___
للسادة الحكومة.. والمعادن.. والشركة.. وقيادات المجتمع.. وللسكان..
مازلنا في مرحلة نستطيع معها إصلاح ما أفسده التعدين، ومعالجة اللآثار السالبة على البيئة المحيطة بنا..
لكن ذلك يتطلب النية الصادقة والإرادة الجادة، والعمل الفاعل والتعاون الكامل مع البدء فوراً..
ولن نفقد قلمين فقلمنا هذا لله والوطن والأهل..
__
ودعوة للسادة الإعلاميين للانخرط فوراً في عمليات توعية وتعريف بمخاطر استخدام الزئبق والمواد الكيميائية وتجاوز شروط السلامة وهذا خير ما تفعلون لوطنكم..
_
وهذا شئ من حتى..
* ناشر صحيفة شندي مدينتي الورقية الإلكترونية