الحصة وطن تعني: أن “المصلحة العامة” هي المحرك لهذا وذاك، وتبقى هي الضابط للتصرفات والمواقف، ويتم التنازل للمصلحة العامة مهما كان نوع هذا التنازل ووصفه وقيمته، وتُرمى – بعيداً – المصالح الخاصة والشخصية والحزبية، وتختفي روح الانتقام، ومظاهر الحقد، وعبارات التجريم والتخوين بغير دليل، وهذا محكٌ من المحكّات المهمة التي يجب رعايتها، فإن المصلحة العامة إذا رُوعِيت وقُدّمت تحقّق واحد من أهم الأسباب المُعِينة على اجتماع الشمل وجمع الكلمة واستقرار البلاد وأمان العباد.
ـ الحصة وطن تعني: أن يتراحم أبناء الوطن فيما بينهم، فإن معنى الحصة وطن تعني تكاتف وتعاطف وتواد أهل الوطن؛ فإن الوطن بمن فيه من أهل وقرابة وجيران ومجتمع نعيش في وسطه، فإذا كانت الحصة وطن: يرحم ولاة الأمر والمسؤولون في الدولة على تنوع مناصبهم ووظائفهم رعيتهم، وأشفقوا عليهم وبذلوا كل ما بوسعهم لتوفير ما الناس بحاجة إليه، واجتهدوا في مساعدتهم بكل مستطاع، والحصة وطن تعني أن يرحم الكبير الصغير، والقوي الضعيف، والغني الفقير، والعالم الجاهل، والمعلم المتعلم، والطائع العاصي، والتجار بمختلف أنواع تجاراتهم عامة الناس، وأن يرحم الطبيب المريض رحمة في الجانب المادي والمعنوي، فإن تحقيق مظاهر التراحم من التعاون على البر والتقوى، ومن خفض الجناح، ومن بذل المعروف بكل أنواعه، هي من أول ما يفهم من كلمة “الحصة وطن”، ومما ورد في هذا المعنى العظيم قول من وصفه الله تعالى بأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم عليه الصلاة والسلام، حيث قال : (هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) رواه البخاري ومسلم .
ـ الحصة وطن تعني: أن يترك أبناء الوطن النزاع والشقاق وأسبابهما، فإنه حيث كان التنازُع عقبه الفشل قال تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا).. فإن الافتراق مذموم والتحزب للأشخاص والجماعات والأحزاب ممقوت شرعاً، وعواقبه في إضعاف المسلمين لا تخفى مع ما ينتظر أهله من وعيد أخروي. فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب؛ هكذا يردد هذه العبارة وما في مضمونها أئمة الإسلام، والتأليف بين القلوب مهمة سامية، ونعمة من الله عظيمة كريمة.
ـ والحصة وطن تعني أن يبتعد وينأى ويفر أبناء الوطن عن القاعدة الخبيثة (الغاية تبرر الوسيلة)!! فالغاية قد بررت لبعض أهل العقوق لأوطانهم الوسائل مهما كانت تلك الوسائل؛ ولذلك فإن من المؤسف أن يكون العرف في كثير من أوطان المسلمين اجتهاد ما يسمى بــ (المعارضة) في إضعاف الدولة حتى إنها لتفرح لدمار بلادها وسوء حالها، وقد تسهم في ذلك الدمار بطريق مباشر أو غير مباشر!! لأن ذلك سيكون من أسباب وصول تلك المعارضة إلى الحكم !! بل قد يكون بفهمها هو الطريق الوحيد للظفر بالسلطة التي أصبحت غاية عند أهل السياسة، وأهل هذه الأعمال لا ينبغي أن يكونوا ممن يردد شعار (الحصة وطن).
ـ الحصة وطن تعني: أن يتخلّى أبناء الوطن عن الجهويات والعنصريات القبلية، فإنها مما يستخدم في تمزيق الأوطان، بل هي السلاح الفتاك في ذلك، وهي أمراض لا تعشعش إلا في أدمغة المرضى وضعاف الديانة والجاهلين، والحصة وطن تعني نبذ الحزبية وداء الحزبية داء عضال، والأحزاب في بلادنا للأسف في مسيرتها منذ الاستقلال لم نرها قد شفت عليلاً أو أروت غليلاً، وتجاربها مريرة، وقد أتيحت لها الفرص الكثيرة في حكم البلاد لكنها في ميزان العدل كان ضرها أكثر من نفعها، ومن أسباب ذلك تقديمها الولاء على الكفاءة ومصلحة الحزب وأهل الحزب وجماعة الحزب والمنتمين للحزب على المصلحة العامة، ولا يعتبر في مآلاتها إلا المتجردون !!
ـ الحصة وطن تؤدي إلى أن تعتز الأوطان بأبنائها، وتتقدم إلى الأمام بهممهم وسواعدهم، وتجويد أعمالهم، وإتقان مهاراتهم؛ وأن يترك أبناء الوطن “العطالة” و”البطالة” ويجتهدوا في الإنتاج والعمل؛ فإذا ما تحرك أبناء الوطن وتفجرت طاقاتهم المبدعة، وكفاءاتهم العالية وخدموا وطنهم؛ فلابد أن يتقدم الوطن ويعلو شأنه بعد توفيق الله تعالى المالك المتصرف، أما إذا بخل أبناء الوطن، وتخلفوا عن ذلك، فسيؤدي ذلك التخلف إلى التأخر والانحدار على المستويين الخاص والعام, فإن من معنى أن الحصة وطن أن يتقدم الإنسان بعمله، لأجل أن يتقدم بلده ووطنه في شتى المجالات، فالعالم لا بد أن يظهر علمه ويعمل به من أجل خدمة وطنه وأبناء وطنه، والتاجر وصاحب المال لا بد وأن يستثمر أمواله وثروته لصالح بلده ووطنه، فإنشاء المشاريع وسد الاحتياجات الاقتصادية التي يحتاج إليها الوطن من تصنيع وإقامة الأعمال الناجحة والفاعلة كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى خير الوطن اقتصادياً وصناعياً، إذاً فعلينا جميعاً أن نسعى كأفراد وجماعات لإجادة العمل وإتقانه.
** هذه بعض معاني عبارة: (الحصة وطن)، فهل سنرى هذه المعاني في الأفعال والتصرفات والسلوك أم ستبقى شعارات يرددها البعض دون عمل بمقتضاها؟!