وثيقة المحامين.. حتى تكتمل الصورة
بعد هجوم العلماء والدعاة
وثيقة المحامين.. حتى تكتمل الصورة
الخرطوم- صلاح مختار
شنَّ الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة، هجوماً على دستور لجنة المحامين، واعتبر التوقيع عليه تجاوزاً وطغياناً وعدواناً، وقال: إن الدستور يفرض فكرة مناهضة للإسلام وفيه انتهاك للشعب وهويته. وقال نائب رئيس الاتحاد، الشيخ مختار البدري، خلال مؤتمر صحفي إن الحديث حول عدم وجود هوية للبلد خدعة كبرى، مشيراً إلى أن عقيدة الدولة هي عقيدة الشعب، وأن دستور المحامين يصادم هوية الشعب السوداني المتمسك بدينه وعقيدته. وتحدى البدري موقعي وكاتبي وداعمي دستور المحامين العلماني أن يحيلوا الأمر للشعب السوداني ليحدد بين اختيار العلمانية أو الشريعة الإسلامية.وحول المخرج من الأزمة السياسية، دعا بيان تلاه نائب الأمين العام للاتحاد، آدم يوسف، إلى تكوين حكومة كفاءات مستقلة من أهل الخبرة العملية والعلمية بعيداً عن الحزبية . وطالب بإبعاد الدول الأجنبية متمثلة في السفارات من التدخل في الشأن السوداني، وتحجيم دور اللجنة الرباعية والتي ثبت انحيازها لطرف على حساب الآخر. وحث اتحاد العلماء والأئمة والدعاة، المؤسسة العسكرية على عدم الاستجابة للضغوطات الأجنبية، وألا يقبلوا لهم رأي أو مشورة . كما طالب بمحاسبة المتورطين في سفك الدماء وقتل الأبرياء وإشعال الفتن وسرقة الأموال من غير استثناء، وتحديد فترة زمنية لا تتجاوز عام واحد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة .
شئ محزن
غير أن الأمين العام لاتحاد المحامين الطيب العباس، أكد أن ما جاء في حديث هيئة العلماء غير صحيح، وتساءل هل المشروع طرح للشعب السوداني حتى يقول فيه رأيه ويعدِّل فيه. ووصف حديث هيئة العلماء بالشئ المحزن. وأكد العباس لـ(الصيحة) أن مشروع وثيقة الدستور جهد وطني لتأسيس الدولة المدنية بفهم طالب به الشارع والثورة السلمية التي تتحدث عن الحرية والسلام والعدالة, مبيِّناً أنها العناصر الأساسية. وقال: أي كلام بأن تلك العناصر تتناقض مع الشريعة الإسلامية كلام غير صحيح, وأضاف: هؤلاء مهووسون، من حقهم أن يقولوا في الوثيقة رؤيتهم, إذا كانت تنتهك الشريعة الإسلامية أو حقوق الإنسان. وتابع: نحن لسنا الجهة التشريعية, ولا نلزم الناس بذلك, قلنا أخذنا آراء الناس والذين يريدون الدولة المدنية, قلنا لهم هذا هو هيكل تأسيس الدولة المدنية, وقال في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) هنالك دولة مدنية ولم نقل إن الدستور يخالف الشريعة الإسلامية أو الدين كلنا مسلمين وأبناء مسلمين وحريصين, وقال: (ما في زول يعلمنا ليه أو يخرجنا منه بأي فهم من المفاهيم), واعتبر ذلك جهد مهني وقومي ووطني للم السودان تحت مظلة الدولة المدنية يراع فيه كل الحقوق والحريات والأديان.
غير ملزم
ورأى العباس أن المطلوب من العلماء تبيان وجود مادة مخلة بالدين مخالفة للشريعة الإسلامية أو يقولوا أحسن نعمل كذا أو كذا. وقال لأن ماطرحناه غير ملزم للناس, وإنما هو أساس للاتفاق, بعد ذلك يمكن للناس أن تبدي رأيها إذا كان هنالك خطأ أو إصلاح أي بند فيه أو تعديل أي مادة, ولم نطرح المشروع حتى الآن على الشعب السوداني والجهات المعنية بالفترة الانتقالية. لأننا نتحدث عن فترة حكم لمدة عامين بعد ذلك يأتي دستور يقول كلامهم فيه, إذا كنا محتاجين إلى دولة مدنية أو علمانية هذا حديث لم نتطرق له حتى الآن. وقال: نحن نريد أن نلم الناس خلال عامين حتى قيام المؤتمر الدستوري الذي هو حق كل أهل السودان بعد ذلك كل يدلو بدلوه. وقال: للأسف الشديد هناك هوس ديني يتم استقلاله استقلال سيئي بفهم استقطاب الشعب السوداني بأن المشروع يخل بالأعراف والتقاليد. مؤكداً أن الحديث الذي أدلى به غير سليم، لأن عاطفة السودانيين تفتحت,لأنه خلال ثلاثين عاماً، كان مكبوتاً. وقال: (هؤلاء الشباب لا حضرونا ولا شافونا وأكبر من فيهم عندما ولدوه في الإنقاذ كان في رحم الغيب). وأضاف: نحن نتحدث عن أجيال تتحدث عن حقوق وحريات وسلام, ولم نقل لهم نريد أن نؤسس دولة علمانية أو نميِّز دين عن دين, لأن الناس سواسية أمام القانون, وقال الله تعالى يقول (لكم دينكم ولي دين) وقال تعالى (لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) وبالتالي المسألة فيها تجاذب وانجذاب للوطن وللحرية والتقاليد وللدولة المدنية وهو مانصينا عليه. وقال هؤلاء لديهم مرارات سياسية نحن خارج إطارها نتعامل بمهنية ونتحدث عن دولة القانون الناس فيه سواسية.
مصادر التشريع
استهجن القيادي بالمؤتمر الشعبي وأحد صانعي وثيقة المحامين القاضي السابق والخبير القانوني بارود صندل، حديث هيئة العلماء والأئمة والدعاة، وقال لـ(الصيحة): يبدو على هؤلاء أنهم لم يقرأوا الوثيقة أصلاً وإلا لما قالوا حديثهم, وأضاف: أنا شاركت في صناعة الوثيقة هذه, لا هي مناهضة للدين ولا لأي شئ, فقط الوثيقة لم يذكر فيها مصادر التشريع إذا كان من الشريعة الإسلامية أو العرف أو غيره, بل ورد كلمة أخرى وهي الدولة المدنية تقف على مسافة واحدة بين الأديان وكريم المعتقدات, هذا كل الذي ورد. بالتالي قال (إن بعد الظن إثم) هؤلاء الذين يدعون إنهم علماء أظنهم لم يقرأوا الوثيقة, ولكنهم محرِّضين.
قوانين حاكمة
وتساءل صندل هل وثيقة 2019 كان فيها الإسلام؟ وهل الوثيقة الانتقالية كان فيها الإسلام؟ مؤكداً أن الوثيقة لم يكن فيها إسلام وحكمنا بها ثلاث سنوات. وأضاف: هؤلاء أين كان رأيهم؟ وتابع: حتى نكون موضوعين هؤلاء من رأيهم أن يطالبوا أن تكون الوثيقة إسلامية مائة بالمائة، ولكن لأن الفترة انتقالية قلنا نؤجل مواضع الخلاف, الآن القوانين الحاكمة في البلاد كلها مستمدة من الشريعة الإسلامية هل هنالك شخص غير فيها حاجة؟ وأضاف: (نحن قلنا الفترة هذه فترة انتقالية قلنا لا يجب أن نتناقش في الخلافات، بل نعمل وثيقة مهمتها إدارة الفترة الانتقالية). وبعد عامين عندما يتوجه الشعب نحو الانتخابات عليهم أي علماء السودان أن يأتوا بوثيقة إسلامية مائة بالمائة. وأكد صندل أن الحديث خلال هذه الفترة غير مفيدة للبلد. مبيِّناً أن الوثيقة التي يتحدثون عنها أحسن من وثيقة 2019 بكثير, وقال أزيدك من البيت شعراً هي أفضل من الوثيقة التي قدَّمتها قوى نداء السودان, وأكد أن كلامهم ليس فيه علمية أو موضوعية. وجزم بأن الوثيقة لم تمس الإسلام أو أي شئ من هذا القبيل. وأن الأمور تمضي بصورة طبيعية. باعتبار أن المكان ليس للمساومة, حتى يتم تصنيف الناس هؤلاء كفار ومشركين أو غير ذلك. ودعا صندل العلماء والدعاة الابتعاد من الأشياء الخلافية السياسية, وقال بإمكانهم يحرضوا الشعب بعد الانتخابات أن يختاروا وثيقة أخرى كان أفضل لهم.