تُثبت الأحزاب السياسية السودانية وناشطوها وتحالفاتها والمجموعات التي حملت السلاح ضد بلدها، تبثت كل يوم أنها ليست على قدر المسؤولية الوطنية، وليست مُخلصة من أجل الوطن وسلامته واستقراره، تتكالَب على المغانم، وتتعارَك كما الجِراء على قطعة عظم إذا لاحت لها فرصة اغتنام السلطة والتمتّع بمباهجها الزيف، ما يحدُث في الساحة السياسية من تطوّرات في الداخل هنا، وفي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يؤكد بجلاء أن أحزابنا وحركاتنا والناشطين السياسيين المجتمعين هناك أو القابعين هنا في الخرطوم يتلمَّظون في انتظار الاتفاق مع المجلس العسكري، ما هُم إلا مجموعات تلهث وراء رغائبها دون أن تكون هموم المواطنين ومصلحة البلاد هي همّهم الأكبر ..
لو كانت الأحزاب والحركات تبحث وتتناقَش في كيفية انتشال البلاد من محنتها، ووضع إطار عام لإنقاذ اقتصادها، وتعويض إنسانها ما فاته، لقُلنا إن القيادات السياسية المُجتمِعة وضعت أرجلها على الطريق الصحيح، لو كانت أحزابُنا والحركات تبحث في اجتماعات أديس أبابا بين صفوفها أو في المدى السوداني الواسع الفسيح عن الكفاءات الوطنية، وأهل الخبرات وخيرة أبناء البلاد من العلماء وأهل النظر لتضع على عواتقهم مهمة بناء السودان وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه وإصلاح ما يتوجّب إصلاحُه، ومنع بلادنا من الانهيار السياسي والاقتصادي، لاطمأنّت قلوبُ أهلِ السودان على مستقبلٍ لا يزال يلفّه السواد، لو كانوا يبحثون هنا في الخرطوم أو هناك في أديس عن مقومات التفاهم لمشروع وطني محدد الأولويات، واضح الفكرة بشعارات حقيقية تقفز بالبلاد من الوِهاد إلى القِباب، لانتبهت أفئدتنا جميعاً وغشيتها طمأنينة وسكينة، وترسّخت فيها الثقةُ بأننا سنخرج إلى برٍّ آمنٍ وسنتجاوز الصعاب.