مباراة الموسم
ناصر بابكر
* عندما تغادر لعامين مُتتاليين من تمهيدي دور الأبطال وتملك فرصة بلوغ مراحل متقدمة في البطولة العربية.. عندما تسنح لك فرصة الوصول لنصف النهائي للمرة الأولى في البطولات العربية.. عندما تكون على بُعد مباريات قليلة من تحقيق مجد إقليمي تزين به تاريخك ببطولة جديدة.. عندما تُعاني من مشاكل مالية لا حصر لها وتكون على بُعد 90 دقيقة من ربح نصف مليون دولار.. عندما تُعاني من مشاكل إدارية ونفور أبناء النادي من تقدم الصفوف بسبب الخوف من العجز المالي وأمام فرصة لتحقيق مكسب يزيل مَخاوف الكثيرين ويفتح الأبواب أمام مُستقبل إداري أفضل عبر تقدم الكثيرين في أول جمعية عُمومية قادمة.. عندما تَمتلك فُرصة لتأكيد التفوق التاريخي وعُلو الكعب على الأندية الجزائرية سيما بالقلعة الحمراء.. عندما يكون مُتاحاً للكل تنقية الأجواء والوصول إلى استقرار كبير ورسم فرحة كبرى في شفاه كل محبي وعُشّاق النادي.. فإن كل تلك المعطيات وغيرها تؤكد أمراً واحداً لا ثانٍ له وهو أن المباراة التي يخوضها المريخ اليوم أمام مولودية الجزائر هي مباراة الموسم بالنسبة للأحمر، وربما ليس الموسم فحسب وإنّما على مدى مواسم مضت.
* فلاعبو المريخ يستطيعون أولاً كتابة مجد لأنفسهم واستعادة ثقة أنصارهم كاملة، ثانياً حل مشاكلهم المالية، ثالثاً من خلال مواجهة اليوم والإدارة تستطيع حل مشكلة الديون الخارجية بشكل كامل أو على أقل تقدير تجاوزها بنسبة 90% حال الفوز اليوم مع العلم أن تلك المشكلة هي أكثر ما يُؤرِّق غالبية الأنصار.. والجماهير تملك فرصة تجاوز الإحباط والانتقال لبحر التفاؤل والأمنيات بمستقبل أفضل سواء بالنسبة للفريق أو الواقع الإداري للنادي حال تحقق الانتصار اليوم.. والأجواء بصورة عامة في الكوكب الأحمر ستشهد تغييراً مهماً ومطلوباً نحو الأفضل بما يسمح بالاتفاق على ما يقود لتحقيق مصالح النادي العليا والتداول حول المُستقبل في جوٍّ مثالي مُفَعّمٍ بالفرح.
* لكن ليتحقق كل ذلك، وبما أنّ المثل يقول (مافي حلاوة بدون نار) فإنّ لاعبي المريخ سيكونوا مطالبين بتقديم 90 دقيقة تاريخية عنوانها بذل الجهد والعطاء بدون توقف والتحلي بأعلى درجات التركيز دفاعاً وهجوماً والانضباط التكتيكي والثبات الانفعالي مع الثقة الكاملة بالنفس وعدم اليأس وضبط الاعصاب والسيطرة عليها في أصعب المواقف، لأنّ المهمة صعبة والمباراة مُعقّدة لكنها على أي حال ليست مستحيلة.
* أما الجماهير، فينبغي أن تكون الوقود الذي يحرك أقدام نجوم الفريق ليغمروا كل أرجاء المُستطيل الأخضر عطاءً طوال الـ90 دقيقة، وينبغي أن تكون مصدر مَدِّهم بالطاقة والحيوية والحماس والروح القتالية.. ومصدر مَدِّهم بالثقة الكاملة والإيمان بالفوز مهما تعقّدت المباراة ومهما صعبت ومدِّهم بثقة القدرة على الظفر ببطاقة التأهل حتى لو تأخّروا في النتيجة إلى آخر لحظات المباراة.. فتحقيق تلك المكاسب يحتاج إلى تضافر جُهُود بدأ منذ فترة ليست قصيرة ويحتاج فقط لأنّ يكتمل بنجاح من خلال عمل ضخم وتكامل أدوار في القلعة الحمراء اليوم بالمُدرّجات والمُستطيل الأخضر.
* غنيٌّ عن القول بضرورة احترام المنافس الذي يعد مطلوباً في كل جولة حتى لو كان المنافس ضعيفاً، ناهيك عن فريق جزائري عريق وقوي يجيد اللعب خارج أرضه ويحتاج التعامل معه لقدر كبير من الجدية والانضباط التكتيكي، لكن بعيداً عن الخوف أو مركبات النقص، لأن المريخ يملك من مُقوِّمات التفوق ونقاط القوة سواء تاريخياً في مُواجهاته مع أندية الجزائر أو حاضراً من خلال التوليفة التي يمتلكها والحلول الهجومية المُتنوِّعة التي يستند إليها إلى قوة دفع الأنصار التي تسنده، لذا فإنّ كان ثمة أمر واحد ينبغي التذكير به فهو ضرورة التحلي بالنفس الطويل والصبر والثقة طوال زمن اللقاء سواء من الجماهير أو اللاعبين فإن حضر حسم مبكر فذلك أمر رائع نرجوه جميعاً وإن تأخر أو تعقدت المهمة فإن الثقة ينبغي أن تكون حاضرة ويتواصل العمل بنفس القوة بل وبقوة أكبر حتى يتحقق النصر بمشيئة اللـه وتوفيقه وما النصر إلا من عند اللـه.