قضية: السرطان.. واقع مخيف
تحقيق- انتصار فضل الله
قدِّرت آخر الإحصائيات الرسمية عن زيادة بنسب كبيرة في التردد اليومي لمرضى السرطان إلى مستشفى الأمل لعلاج الأورام، وأشارت إلى نسبة تردد تفوق الـ( 80%) من الولايات، و (3%) من العدد الكلي للمرضى أجانب.
وكشف مسؤول لـ(الصيحة)، عن تنامي المرض وظهور عدد يفوق الـ(1000) حالة جديدة في السودان .
فيما أورد هذا التحقيق، تحديات تواجه مستشفى الأمل القومي تمثلت في توقف معظم الخدمات، إضافة لمشاكل إدارية وغيرها.
مستشفى الأمل الحال يغني عن السؤال
عذاب ومعاناة
تحت أشعة الشمس الحارقة التي تغطي فضاء مستشفى الأمل لعلاج السرطان، ينتشر المرضى في حيرة من أمرهم ترافقهم آلام وقسوة المرض،
يشكو بعضهم انعدام الخدمات وتدهور الوضع بالكامل، والبعض الآخرفي انتظار التشخيص، رغم الصعاب يأملون تدخلات عاجلة من السلطات لتدارك الموقف.
قال مرضى لـ(الصيحة) إنهم يعيشون ظروفاً مرضية سيئة تحتاج للنظر إلى البُنى التحتية للمستشفى الذي يفتقر لكل شيء، فيما أكد مرافقون للمرضى وجود إهمال غير مبرَّر للخدمة العلاجية ونادوا بضرورة الاهتمام بالصحة عموماً .
نسب التردد تفوق مقدرة “الأمل” والمستشفى تواجه تحديات ومشاكل
قصور واتهام
فاحت رائحة القصور الذي يواجه مستشفى الأمل ووجه البعض اتهامات طالت أواخر شهر أكتوبر الماضي، مدير مستشفى الخرطوم لعلاج الأورام (الذرة)، وتناقلت الأسافير بأنه امتنع عن إعطاء جرعات الكيماوي لمرضى السرطان وأمر بطردهم من عنابر البرج فطرقت (الصيحة) بابه ليوضح أسباب هذا الوضع بجانب الحديث عن موقف المرض.
ظهور ما يفوق الـ(1000) حالة جديدة
زيادة مستمرة
المؤسف أن هناك زيادة مستمرة في نسبة انتشار مرض السرطان داخل السودان، وفقاً لدكتور أحمد عمر عبد الله، المدير العام لمستشفى الأورام في الخرطوم، الذي أشار لظهور عدد يفوق الـ(1000) حالة جديدة في الشهر، يتم تشخيص أغلبها في مراحل متأخرة.
وحول اتهامه بإيقاف إعطاء الجرعات الكيماوية للمرضى، أفاد (الصيحة) بأن المشكلة التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي لم تستمر لأكثر من ثلاث ساعات، وعزا السبب لانقطاع المياه من برج الأمل، حيث تم إخطار الإدارة بتوقف الموتورات الرافعة للمياه بالطوابق العلوية بالبرج وهو المكان الذي تعطي فيه الجرعات الكيماوية، كاشفاً عن مشاكل إدارية تواجه البرج.
نسبة التردد من الولايات تبلغ (80%)
تحرُّكات ولكن!
وأضاف د عبد الله، لتدارك الوضع تم الاتصال بالجهات الفنية المسؤولة عن صيانة هذه الموتورات كما تم الاتصال بالمخزن للتأكد من وجود موتورات احتياطية، لكنه تفاجأنا بإرسال كل الموتورات في عهد الإدارة السابقة إلى ورشة هندسية للصيانة ولم يتم إبلاغهم كإدارة جديدة بوجود الموتورات البالغ عددها 12 موتوراً، في الورشة، بالتالي تم الاتصال مع الورشة الهندسية التي تجاوبت بسرعة كبيرة مع الوضع في المستشفى، فتم مدها بعدد موتورين كبيرين فتم تركيبها فوراً، مؤكداً معالجة المشكلة في وقت وجيز وبدأ المرضى في تلقي العلاج.
اتهم مدير عام مستشفى الذرة جهات لم يسمها وراء الترويج للمشكلة التي تعتبر عادية جداً على حد قوله، مؤكداً أنه تم التجاوب مع المشكل بشكل سريع نظرًا لوجود المرضى.
وأضاف قائلاً: ما حدث يعكس النظرة المتشائمة لبعض الناس والذين لا يعجبهم النجاح ويريدون لهم الفشل دائماً.
مواطنون.. ينادون الاهتمام بالصحة
أنواع المرض
وحول موقف انتشار المرض ذكر أن أكثر أنواع السرطان شيوعاً سرطان الثدي عند النساء بنسبة كبيرة جداً تصل لحوالي (17%) من مجمل الحالات، وأيضاً سرطان البروستاتا عند الرجال فوق الخمسين عاماً.
ولفت إلى أن نسبة الشفاء يمكن أن تصل إلى (100%) من كل أنواع السرطان، لكن ذلك يعتمد على مرحلة المرض والاكتشاف المبكِّر، وقال واحدة من المشاكل لا توجد إحصائيات دقيقة لحجم الوفيات نسبة أن الكثير من المرضى يتوفون في منازلهم لا يمكن حصرهم، لكنه أكد ارتفاع نسبة الوفيات المصابة بالمرض في المراحل المتأخرة عكسها تماماً في الحالات المبكرة التي تصل لـ(5%)، أشار لعوامل داخلية وراثية وجينية وأخرى خارجية تتمثل في استعمال المواد المسرطنة والكيماويات الضارة تأتي في شكل “أطعمة، مسوحات وكريمات ” إضافة إلى أنواع من الإشعاعات الخطرة المنبعثة من مصادر الطاقة الكهربائية وشبكات الضغط العالي، ويعتبر العاملين في الأجهزة “السينية’ التشخيصية الأكثر تعرُّضاً للإصابة.
حذَّر د. عبد الله، من الإشعاع المنبعث من الفضاء الخارجي بما يعرف بفوق البنفسجي الذي يسبب سرطانات الجلد.
مرضى يحترقون بأشعة الشمس
سعة الاستيعاب
حول سعة استيعاب مستشفى الأمل، ذكر المدير العام، أنها تضم كل العيادات في برج الأمل وهنالك أقسام الأطفال، العلاج الكيماوي، وآخر يعرف بقسم الجيباب متخصص في علاج مرضى سرطانات الدم المزمنة، أما العيادات المحوَّلة فهي يومية وفي أغلب الأيام تعمل أكثر من عيادة، حيث يرتادها أكثر من (300) مريض، في اليوم، من كل مناطق السودان بما فيها ولاية الخرطوم، ولكن الأغلبية يأتون من ولايات غرب السودان، والشرق، والشمال والوسط بنسبة تفوق (80%)، لذلك تعتبر المستشفى قومي بما تقدِّمه من خدمات لعلاج مرضى السرطان في كل أنحاء البلاد، إضافة لبعض المرضى القادمين من دول الجوار “شاد وجنوب السودان واريتريا”، لافتقارهم خدمات علاج السرطان في دولهم، وأردف بلغت نسبتهم في آخر إحصائية (3%) من المرضى بشكل عام.
مؤخراً ازداد تردد العيادات اليومي بنسبة عالية جداً، حيث يتطلب العدد بحسب مدير المستشفى مراجعة العنابر والغرف الخاصة بمكاتب العيادات والأقسام التي تقدِّم الخدمة العلاجية، نسبة أنها تعمل تحت ضغط كبير جداً.
الوضع الحالي لبرج الأمل منهار، وبحاجة لصيانة وتأهيل كامل، لكن هذا وفقاً لمدير المستشفى يتطلب أموالاً كبيرة جداً من ناحية توصيل المياه والصرف الصحي الذي أصبح بالي جداً، فالآن المياه أصبحت تتسرَّب من كل الطوابق، كما أن التكييف سيئ جداً ومعظم الطوابق لا يوجد بها تكييف والآن يجلس المرضى في الحر الشديد.
مسؤول: الوضع يتطلب توفر المال
مشاكل أخرى
هناك مشكل أخرى أشار إليها المدير تتمثل في انعدام ابسط المقومات في غرف إعطاء الجرعات الكيماوية ، فالبرج يحتاج للكثير من الدعم المالي، حتى تهيئته بالصورة المناسبة والمعقولة.
حالة انهيار كامل في تقديم الخدمات بالمستشفى واجهت المدير العام منذ أن استلم الإدارة قبل شهرين ونصف، لافتاً إلى تعطل المصاعد وتدور العنابر وهي الآن خارج الخدمة، إضافة إلى توقف بعض الأجهزة بسبب التكييف، بجانب مشاكل الصرف الصحي وتوفير مياه الشرب، يقول كل البُنى التحتية للمستشفى منهارة .
إصلاحات جذرية
بلا شك يتطلب الوضع إصلاحات عاجلة لكن د. عبد الله يؤكد أنها تحتاج كثير من الدعم المالي.
يخرج الدعم الأساسي المخصص للمستشفى من وزارة الصحة الاتحادية، ويسمى بدعم التسيير فهناك مبلغ مرصود شهري ذكره المدير العام يبلغ (41) مليون جنيه، ولسوء الحظ لا تسدد ربما للظروف الاقتصادية الضاغطة التي تمر بها البلاد، لتسيير المستشفى القومي التي كانت تسمى – سابقاً- بالمركز القومي لعلاج الأورام.
تقدِّم المستشفى وفقاً للمدير العام، خدمات للمرضى غير متوفرة في أي مستشفى أخرى، ولا يمكن مقارنتها بمستشفى مدني مثلاً من ناحية استقبال للمرضى واختصاصيين وتخصصات نادرة وإمكانيات ومعامل تشخيصية، بالتالي فهي المركز الكبير الذي المرجعي الوحيد لكل ما يخص المرضى، فالاهتمام بها ودعمها اتحادياً وليست ولائياً ضروري جداً، بالإشارة إلى محدودية ميزانية وزارة الصحة الولائية التي يعلمها الجميع.
معالجات آنية
أعلن المدير عن البدء في تشغيل أجهزة العلاج الإشعاعي المتوقعة وصيانة وفتح عناصر الجناح الخاص وتهيئة العيادات وتجهيز غرفة نظيفة للعلاج الكيماوي قريباً، وهي ستكون طفرة كبيرة جداً في العلاج الكيماوي الذي يتم تحضيره الان بصورة عشوائية إضافة إلى معالجة التحديات الإدارية، من خلال وضع الهياكل الإدارية الصحيحة في المستشفى وتنشيط الأقسام للعمل بكفاءة عالية.
وأشار إلى وجود أزمات أخرى وهي انقطاع العلاج الكيماوي لفترات، لكن الآن بدأت تنساب طلبيات الأدوية جزئياً عن طريق الإمدادات الطبية وقريباً سوف يتم توفير كل العلاجات للمرضى.
شدَّد د.عبد الله على تغيير النظرة الضيِّقة الخاطئة بنسبة (100%) للمستشفى, وأضاف: الكثير ما زال ينظر لها باعتبارها مستشفى ولائية، ويرى أن تتحمَّل مسؤولياتها الولاية، فعلى وزارات المالية والصحة الاتحادية تحمل المسؤولية، مؤكداً على ضرورة أن تكون هناك أولويات في الدعم والوضع في الحسبان معاناة الإنسان السوداني المريض غير المنتج ولابد من الاعتناء بصحته في المقام الأول حتى يتحوَّل لإنسان لفاعل ومنتج وأن توضع صحة الإنسان السوداني أولوية في توزيع الأموال.
ونصح بضرورة اكتشاف المرض مبكراً، مؤكداً أن ذلك يحتاج لمجهود كبير إعلامي وتثقيفي للمواطنين ومسوحات للكشف المبكر، نصح بعدم الخوف من المرض والذهاب الفوري للطبيب المختص، مؤكداً أن الخطأ في تشخيص المرض لحالات نادرة جراء بعض الأخطاء المعملية لسوء الأجهزة أو بعض المحاليل، مبيِّناً أن أكثر من (99%) من تشخيص المرض يكون صحيحاً، محذِّراً من اللجوء للعلاج البلدي والعلاج بالأعشاب.