صلاح الدين محمد صالح محمد يكتب: مع المتنبي
لزوم ما لا يلزم
صلاح الدين محمد صالح محمد
مع المتنبي
وبعيداً عن السياسة التي لا تجلب إلا النكد؛ كان لي صديق عزيز وأقسم غير حانث في أنه (اخ لم تلده امي) كما قالت العرب؛ وكان هذا الصديق ويدعى (محمد ناصر الدودو) كثيراً ما ادخل معه في مطارحات شعرية وغيرها من أخبار العرب القدامى وعن الفاعل والمفعول وعن المحسنات البديعية كالجناس والطباق … الخ؛.وكنت اختلف معه في شيء واحد، فقد كان يرى ان افضل بيت شعر هو بيت المتنبي (ولم أر في عيوب الناس شيئا؛ كنقص القادرين على التمام)، الا انني كنت أرى ان بيت الشعر هذا جميل ولكن لا يمكن أن يرقى أن يصل إلى أن يكون أفضل بيت شعر قالت العرب في الحكمة؛ وكعادته لم يدخل معي في جدال، بل اجابني بإجابة مقتضبة ربما او قال كلمة مثلها؛ فلقد كان هذا الناصر عاملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) فلم يكن يدخل في جدال في الحق فما بالكم بما هو دونه؛ مرت الأيام كالخيال احلام وابحرت في بحور الشعر متنقلا بين جرير والفرزدق والمتنبي والمعري، فأعجبت بأبي العلاء المعري أيما اعجاب؛ حتى انني اسميت عمودي هذا على ديوانه اللزوميات او لزوم ما لا يلزم؛ ومع مصارعتي في الحياة وسعيي للرزق فيها كما الوحوش في البرية حتى اصبح حالي كما قال المتنبي (ضاق صدري وطال في طلب الرزق قيامي وقل عنه قعود؛ ابدا اقطع البلاد ورزقي في نحوس وهمتي في صعود) التقيت خلال السعي في الرزق بشتى أصناف البشر كريمهم وبخيلهم وغنيهم وفقيرهم، برهم وفاجرهم وغيرهم؛ ثم وجدت فيهم من كان يمكن ان يتسبب في أن اصل الى مبتغاي وان يمد لي يد العون دون ان يكلفه شيء ولكنه بخل واستغنى، فتذكرت حينها ومن دون تكلف بيت الشاعر أبو الطيب المتنبي (ولم أر في عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام) نعم لا يمكن أن يكون في الإنسان عيب كعيب ان يستطيع ان يمد يد العون إلى أخيه فتجده يبخل بذلك؛ الآن فقط ادركت حب صديقي العزيز ناصر لهذا البيت من الشعر؛ و أدركت انه لكي تفهم بيت شعر او حكمة او مقولة اذا لم تمر بالظرف الذي مر به صاحب تلك المقولة فلن تستطيع تذوقها؛ ربما تعجب ببلاغة او جمال الشعر ولكنك لن تستوي مع من مر بالتجربة؛ هي دعوة لكل من بيده ان يساعد أخاه فليفعل لا اقول عملاً ببيت الشعر السابق؛ فالشعراء قد يصيبوا ويخطئوا؛ ولكن عملاً بقول افضل الخلق (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل) والحديث في صحيح مسلم؛وأدركت فيما أدركت أيضاً ألا تعلق آمالك بالناس فيخيب رجاؤك ولكن علقها برب الناس (وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ) أو كما قال صل الله عليه وسلم؛ فإذا علمت ذلك فقد ارتاح بالك واطمأنت نفسك وزاد يقينك، فإذا استعنت بعد ذلك وجدت نفسك تستعن بالله وحده ولا يعني هذا الا تستعين بأخيك ولكنها استعانة تحصيل حاصل؛ ولا ينبئك مثل خبير.
ودمتم سالمين،،،
management [email protected]