القيادي بالاتحادي (الأصل) محمد سيد أحمد “الجكومي” لـ(الصيحة):
هذه هي (....) كواليس التحضيرات الأخيرة للثورة
لهذا (…) قمنا بتحويل موكب المهنيين من البرلمان إلى القصر
نعم.. الشارع تقدّمَنا في الخروج والاحتجاج على الإنقاذ
قوش كان كلمة سر نحاج الثورة ولا أستبعد عودته عبر (السيادي)
الاتحادي (الأصل) ناهَض النظام السابق ولا مزايدة في ذلك
الاتحاديون الذين شاركوا في (الإنقاذ) يمثلون أنفسهم ومكانهم السجون
صندوق الانتخابات هو الفيصل ونريدها حكومة كفاءات وليس تكنوقراط
هناك أحزابٌ جماهيرها ما “بتملأ ركشة” مقابل أحزاب جماهيرية
صبرنا (30) عاماً على الإنقاذ وسنصبر (3) سنوات على الانتقالية
حاورته: شادية سيد أحمد
تصوير: محمد نور محكر
محمد سيد أحمد سر الختم، القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني، والناطق باسم الجبهة الثورية بالداخل، عضو المكتب القيادي لقوى الحرية والتغيير، وعضو الوفد التفاوضي لقوى إعلان الحرية والتغيير.
عُرف محمد سيد “الجكومي” بموافقه المناهضة للنظام السابق منذ مشاركة حزبه في حكم الإنقاذ، ولم يتوان الرجل في انتقاد سياسات النظام السابق على الرغم من وجود وزراء من حزبه في الحكومة، فضلاً عن المناصب السيادية، إلا أنه كان يعتب على هؤلاء، وصدع بذلك أكثرمن مرة، بأن هؤلاء لا يمثلون الحزب، وإنما يمثلون أنفسهم، بالتالي هم ليسوا محسوبين على الحزب الذي يرفض المشاركة في حكم الإنقاذ.
محمد سيد أحمد كان يوجه انتقادات جريئة لحكومة الإنقاذ دون الالتفات لأي شيء… التقته “الصيحة” في حديث الصراحة حول الفترة ما قبل وما بعد الثورة، وتجاذبت معه أطراف الحديث حول العديد من القضايا.
* بداية.. حدّثنا عن كواليس تحضيراتكم للتغيير أي في فترة ما قبل المواكب؟
– قبل عودة الإمام الصادق المهدي، كانت هناك اجتماعات مستمرة لقوى نداء السودان، وكنت ممثلاً للجبهة الثورية في هذه الاجتماعات بالداخل، كانت تدور معظم هذه الاجتماعات في حزب الأمة، حتى قبل مجيء الصادق المهدي، وقوى الإجماع كانت تهاجم نداء السودان وتعتبره وتصفه بأنه يقف مع السلطة، وأطلقوا علينا لقب “الهبوط الناعم”، رغم أن الحوارالذي كان يدور بين نداء السودان والمؤتمر الوطني كان يتحدث عن المشكل السوداني بشكل عام، ولم يتحدث عن مشاكل دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، باعتبار أن المشكلة عامة مع خصوصية هذه المناطق.
وبعد عودة الإمام الصادق المهدي للبلاد، تم عقد لقاء في التاسع عشر من ديسمبر، وهو يوم صادف ذكرى إعلان الاستقلال من داخل البرلمان، وقام الحزب الاتحادي في ذات اليوم بتكريم رواد الاستقلال وصُنّاعه.
*كيف تم اعتقالكم؟
في يوم 27 ديسمبر، عقدنا اجتماعاً ثانياً في العمارات شارع 41 لتسمية مناديب نداء السودان في تحالف “مارس” الذي عُرف لاحقاً بقوى إعلان الحرية والتغيير، تمت تسمية الممثلين لترفع للمكتب القيادي، ويتم تحديد الاجتماع القادم، وتمت مداهمة الاجتماع بعد خروج عدد من القيادات، وتم اعتقالي محمد سيد أحمد، ومحمد حمد ولم يُطلق سراحُنا إلا بعد انتصار الثورة.
*ماذا حدث في ذلك اليوم؟
– أكدنا نحن كحزب اتحادي ديمقراطي، بأننا ماضون في مناهضة هذا النظام واقتلاعه، ووقتها كانت الاحتجاجات والتظاهرات السلمية قد بدأت في مدينة الدمازين في الثالث عشر من ديسمبر، وفي تلك الاحتفائية تم الإعلان عن موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بكل شجاعة، وهو مواجهة نظام الإنقاذ، وكنا نتوقع فض هذه الندوة واعتقالنا رغم وجود عدد من رموز المؤتمر الوطني بها من بينهم جمال الوالي باعتبار أن والده من زعماء الحركة الاتحادية وزعماء الاستقلال، الذي لم يقبل حديثاً عن النظام وقتها.
*ماذا فعل نداء السودان عقب عودة الصادق المهدي إلى السودان؟
– على الفور دعا الإمام الصادق المهدي إلى مؤتمره الصحفي الشهير، ومن ثم اجتماع للمكنب القيادي لنداء السودان برئاسة الإمام الصادق المهدي، أكدنا من خلاله على ضرورة أن يتصدر الصف الأول من قيادات نداء السودان المشهد السياسي في الخروج للشارع في المسيرات التي انتظمت البلاد وقتها، ويجب علينا ألا نتحدث عن معاناة المواطن ونحن قابعون في غرفنا ونترك المحتجين لمواجهة الرصاص والبمبان.
وفي ذلك اليوم تم اعتقال مجموعة من قوى الإجماع وعدد من الناشطين من دار حزب البعث، وفي ذات اليوم كان لدينا اجتماع في دار الحزب الشيوعي مع قوى الإجماع بعد قطيعة طويلة واتهامات متبادلة مع توقعاتنا بأن يتم اعتقالنا “محمد سيد أحمد، عمر الدقير، مريم الصادق، أحمد الدفينة” وآخرون ممثلون لنداء السودان. وتم الاجتماع، ناقشنا من خلاله ضرورة تصعيد العمل الثوري ضد النظام وفق تدرج محدد. ورفضنا خلال الاجتماع الخروج في موكب تجمع المهنيين للبرلمان لزيادة الأجور وقلنا للاجتماع إن موكباً سيتوجه للقصر لإسقاط الرئيس، وتفهم تجمع المهنيين الموقف، وعدلوا الموكب إلى القصرالجمهوري، ولتفعيل الثورة دعونا لاجتماع في 26 ديسمبر يضم كل القوى السياسية داخل نداء السودان وقوى الإجماع الوطني وخارج هذين النطاقين، الاتفاق على رؤية جديدة لقيادة الثورة السودانية علي أساس أن الشارع يتقدم هذه المسيرات، ونقولها للأمانة والتاريخ أن الشارع تقدمنا ولم نتقدمه نحن، وتم الاجتماع برئاسة عمر الدقير في دار المؤتمر السوداني، من خلاله تم تشكيل تنسيقية العمل، وأكدنا على ضرورة تكوين المكتب القيادي الذي لم يتم تسكينه والتنسيقية لا زالت تقود العمل.
*رغم مواقفكم في مناهضة النظام السابق وإعلان ذلك مراراً وتكراراً إلا أن هناك وزراء من حزبكم كانوا يشاركون في الحكومة السابقة؟
– نعم هناك وزراء في الحكومة، أولاً هؤلاء يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الحزب، نعم أقولها لك، هناك قيادات من الحزب سقطت مع النظام، ولكن هناك 99% من قياداته وقاعدته كانت ضد النظام، وكانت تجهر بهذا الرأي، عقب قرار فض المشاركة في الحكومة من هيئة القيادة منذ العام 2013، ومن ثم قمنا وقيادات أخرى بمقاطعة الحزب في العام 2015، وحدث ما حدث، وهذا يؤكد على موقف الحزب الرافض للمشاركة في حكم الإنقاذ، وفي العام 2017 شارك حاتم السر وغيره في الحكومة لخلق موازنة داخل الحزب عقب الصراعات التي كانت تدور في الحزب حتى لا يُترك الحزب للسيد الحسن لينفرد به، وهذ المشاركة نتصل بهؤلاء الأفراد الذين شاركوا، وذكرنا ذلك حتى لا تكون هناك مزايدة على موقف الحزب الاتحادي من معارضته للنظام ولا تسطيع أي قوى أن تزايد على مواقف الحزب المعارضة، وعارضنا لحفظ حق الحزب الاتحادي الديمقراطي، وأقولها بكل صراحة، الذين شاركوا في النظام السابق من الاتحاديين مكانهم السجون، ويجب ألا يكونوا أحراراً ويجب أن تتم محاسبتهم، وطالبنا بذلك.
*كخطوة لاحقة ما بعد الفترة الانتقالية ما هو الأفضل لحكم السودان؟
من الطبيعي حكومة أحزاب، وهناك أحزاب ليست لها جماهير” ما بتملا ركشة”، وهؤلاء يستفيدون من الثورات ويمتطون ظهورها، والديمقراطية تعني الأحزاب، والأحزاب تعني الجماهير، ومن يملك الجماهير مرحباً به والأحزاب العريقة شبابها كان الأكثر عدداً في السجون وفي المظاهرات والاعتصام، وفي نهاية المطاف صندوق الانتخابات هو الفيصل والحكم العدل، ونقول للأحزاب التي ليس تلها أوزان، لقاؤنا في صندوق الانتخابات، وصبرنا على حكم الإنقاذ ثلاثين عاماً لن تغلبنا ثلاث سنوات انتقالية، ثم نرى مع من يقف الشارع من الأحزاب التي ناهضت الاستعمار، ونريدها حكومة كفاءات وليس تكنوقراط.
*كيف تقرأ لقاء جعفر الميرغني برئيس المجلس العسكري؟
– نحن في قوى إعلان الحرية والتغيير، نجلس مع المجلس العسكري، ونتفاوض معه، ونكون واضحين المجلس العسكري شريك في إنجاز الثورة، ولو أراد المجلس العسكري للثورة ألا تنجح لفعل ذلك، ومن باب هذه الشراكة رغم وجود بعض الهنات للمجلس السكري، تم لقاء البرهان وجعفرالميرغني وتم التشاور والحث على ضرورة الاتفاق، وأن للنظرة الوطنية والدينية رغم الإقصاء الذي حدث تحتم علينا مطالبتكم بتقديم تنازلات وإتمام الحل السوداني.
ونقولها بالصوت العالي، إن صلاح قوش لعب دوراً مفتاحياً ومفصلياً في تفكيك النظام وإسقاطه ونجاح الثورة ورفض فض الاعتصام بالقوة.
*هل من رؤية محددة لحزب الميرغني لخارطة السودان المستقبلية؟
– الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل موجود في كل المؤسسات الموجودة الأن الجبهة الثورية، نداء السودان في برنامج البديل الديمقراطي القديم التجمع الوطني الديمقراطي وغير ذلك، كل هذه المؤسسات الحزب الاتحادي شريك أساسي فيها، وخلال الفترة القادمة سنعمل على لملمة الشعث الاتحادي، ولم شمل الحزب الاتحادي، ومن ثم عقد المؤتمرات القاعدية والمؤتمر العام لانتخاب قيادة الحزب الجديدة، ولابد من مواكبة العصر، وهناك جيل جديد له رؤيته إذا لم نواكبه ونتعامل معه بعقلانية وواقعية، سيتجاوزنا، لذلك علينا أن نستوعب ما حدث خلال الثلاثين عاماً ليتم تطويره وإنتاجه في قالب جديد وبرؤية جديدة للحزب الاتحادي الديمقراطي.
*كيف تم ذلك؟
– صلاح قوش هو من سهّل للمعتصمين الذهاب للقيادة، ولو أراد غير ذلك لقام وعمل على ترس الشوارع المؤدية للقيادة، مثلما تم ترس شوارع القصرالجمهوري، وكل اللجنة الأمنية كان بإمكانها عدم الانحياز للشارع، وتحدث مجزرة في 6 أبريل وتتفرق دماء الشهداء.
*كأنما تدافع عن صلاح قوش؟
– أنا لا أدافع عن صلاح قوش، وهو الذي قام باعتقالي لأكثر من أربعة أشهر، وإنما أتحدث من الواقع وللتاريخ لا أدافع عن صلاح قوش، فهو من قام بتعذيبي داخل المعتقل عندما كان مديراً لجهاز الأمن والمخابرات في النظام السابق، وكنت وقتها السياسي الوحيد الذي تعرض للضرب والتنكيل من قبل جهاز الأمن وتم تقييدي بالكلبشات، ووضعت في الشمس الحارقة لأكثر من مرة ولساعات طويلة، حينما استنكرت حديثه معنا كمعتقلين عند ما قلت له: (تأكلون مال الشعب” وتجيبوا لينا فطور عدس)، وعندما تم تحويلي من سجن كوبر إلى زنازين جهاز الأمن ببحري، تم ضربي بالسياط، وصلاح قوش لم يقدم لي أي مساعدة، ولم أدافع عن صلاح قوش، وهو من قام بمصادرة مبلغ 90 ألف ريال مني، وتمت محاسبتي بالسعر الرسمي لبنك السودان، وبالتالي ليس هناك ما يجعلني أدافع عن صلاح قوش، وإنما أتحدث للتاريخ وأكرر حديثي مرة أخرى، صلاح قوش لو أراد لهذه الثورة عدم الانتصار لكان ذلك، وأقول لك هناك تسريب ظهر لصلاح قوش خلال اجتماعه مع الرئيس المخلوع حينما قال للبشسر أستطيع أن أسيطر على الشارع السوداني لمدة ستة أشهر، وبعدها لا أستطيع، وهذه كانت دعوة صريحة من قوش للاستمرار في التظاهرات والمواكب، ولا أحد يستطيع أن ينكر دوره في إنجاح الثورة .
*بصورة أو بأخرى هل نتوقع عودة صلاح قوش للمسرح السياسي مرة أخرى؟
– أعتقد ذلك، ولا أستبعد قيام المجلس العسكري بإعادة تقديمه سواء كان ذلك عبر مجلس السيادة أو غيره.
* السودان يعيش وضعاً اقتصادياً لا يُحسَد عليه، كيف تقرأ هذا الوضع؟
– المحيط العربي الضيّق في هذه الفترة هو صمام الأمان للحل الاقتصادي في السودان، وعندما يتم الاتفاق بصورة نهائية بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير المجتمع الدولي سيعمل على إعفاء ديون السودان ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، ولا بد من وجود صندوق باريس وصندوق النقد الدولي ودول “الترويكا” ويعود اقتصاد السودان إلى وضع أقوى.
*ماذا بشأن المعالجات الاقتصادية على المستوى الداخلي؟
– لابد من الاهتمام بالإنتاج والإنتاجية، خاصة وأن السودان بلد زراعي، يمتلك أراضي كبيرة، ولدينا ثروة حيوانية يجب رعايتها، إلى جانب الصناعات التحويلية القائمة على المنتجات الزراعية، ونستطيع خلال الخمس سنوات الأولى بدعم الأصدقاء والمجتمع الدولي أن نستقيم وتستوي الأمور من الناحية الاقتصادية.
*هل نتوقع أن يكون هناك إعفاء كامل للدين الخارجي الذي أثقل كاهل السودان لسنوات تطاولت؟
– لا نستطيع القول بأنه سيكون هناك إعفاء كامل للدين الخارجي، ولو تم إعفاء فسيكون لجزء منه، وستتم جدولة ما تبقى لفترة طويلة، هذا سيساعد السودان كثيراً.