رئيس مسار تنمية الرحل عثمان أبوبكر لـ(الصيحة): الصراعات المسلحة أثرت علينا وليس هنالك جسم يعوِّضهم
الرحل من ضمن اتفاقيات أبوجا وجوبا ويتعرِّضون للنهب دون حماية
الرعاة أكبر قطاع ساهم في دخل الدولة و (95%) منهم غير متعلم
يقبع قانون الرعاة بالأدراج وليس لهم حق مطلبي للتعامل مع البنوك والتأمين
حوار: عوضية سليمان 22نوفمبر 2022م
كشف رئيس مسار تنمية الرحل عثمان حسين أبوبكر، عن صعوبات جمة تواجه قطاع الرحل بالسودان, رغم أنه قطاع مهم وحساس بحسب قوله، وقال إنه يشمل شريحة كبيرة جداً من الأطفال والنساء في جميع ولايات السودان, مؤكداً أنهم مهملون ومهمشون وخارج الشبكة, وليس لهم جسم يمثلهم ويحميهم عند ضياع حقوقهم المنهوبة من قبل قطَّاع الطرق.
وأضاف عبر حوار مع (الصيحة) أن الرحل صدر لهم قانون في عهد حكومة البشير, ولكن ما زال القانون موجوداً بالأدراج دون تفعيل الأمر الذي حرمهم من التعامل مع البنوك والتأمين الصحي, مما دفعهم إلى إنشاء منبر باسم الرحل عبر الإدارات والتجمعات الأهلية, مؤكداً دور المسار في إنشاء مدارس وحفر آبار وتركيب مضخات في دارفور وشرق السودان. وقال إن قضيتهم كانت حاضرة في اتفاقية نيفاشا وأبوجا وسلام جوبا, مطالباً الدولة بتكوين مجلس للطفولة ومفوِّضية للرعاة وأن تدرج أسماءهم في إحصائية الدولة لأنهم يقومون بدفع الضرائب للدولة .
من هم الرحل والرعاة الذي لم تهتم بهم الدولة باعتبار أنهم قطاع مهم؟
هم من يمتلكون ثروة حيوانية ضخمة ويسيرون بها من مكان إلى مكان منهم الأبالة والبقارة والغنامة، يرتحلون عبر مراحيل, وهنالك فرق بين الرحل والرعاة. وهم من يمتلكون الثروة ويرتحلون بأسرهم وأطفالهم عبر مسارات و مراحيل عابرة للحدود في فترة الصيف عبر إثيوبيا, وأفريقيا الوسطى, وتشاد, وجنوب السودان, وفي فترة الشتاء يرجعون إلى مناطقهم. وهم قطاع كبير جداً يمثل أكثر من (8) ملايين نسمة, وأكبر قطاع مساهم في الدخل القومي في السودان, يوفرون الاكتفاء الذاتي للأسواق.
من أين جاءت فكرة الاهتمام بالرعاة والرحل؟
منذ عام (88) عندما كنا في حدود السودان منطقة أم دخن وشاهدنا الظلم الذي يقع على الرحل منهم (95%) أميون (خارج مظلة التعليم) كنا وقتها مضطهدين من السلطات في الأسواق عبر أساليب وحيل يصعب ذكرها دون وجه حق. حقوق الرعاة منتهكة, لذلك كوَّنا جسماً يتحدث عن قضايا الرحل ولذلك من يمتلك الماشية هم الرحل كالأمبررو والفلاتة الأكثر ارتحالاً.
ما هو دوركم في خدمة الرحل كجهة مسؤولة عنهم ؟
لقد لفتنا انتباه الدولة والمسؤولين والمنظمات الأممية عن قطاع الرحل, وفي مجال التعليم أسسنا أكثر من (600) مدرسة، للرحل في دارفور وشرق السودان والنيل الأبيض والنيل الأزرق, وهنالك مجالس تربوية, وفتحنا مكاتب في الولايات لقضايا الرحل عبر مؤتمرات مع منظمات اليونسيف. وفي مجال المياه قمنا بتنفيذ عدة آبار ومضخات والدوانكي في كل محليات السودان مع التوعية والعيادات المتحركة . وهناك دور للمرأة من خلال تمليكها مشاريع صغيرة واستقرارهم في (الدمر) والزراعة. هناك بحوث ودراسات مع جامعات عالمية مع أثر التغيُّرات المناخية للرحل. ولذلك الجهد الذي قمنا به أكثر من جهد الدولة تجاه الرحل والرعاة. لأن الدولة لاتعرف عدد الرحل في (2003) قمنا بتعداد في غرب دارفور كان العدد أكثر من مليون ونصف.
هل هنالك استراتيجية تجاه تطوير مجال الرحل والرعاة؟
في عام 2006م، أدخلنا الرحل في استراتيجية لوزارة الصحة ومركز لمجلس الوزراء لإحصاء ضريبة القطعان. ولكن هنا من الممكن أن نظلمهم لذلك لابد من حصر عددهم بعد ذلك تقدم الخدمة.
أين دور الدولة تجاه الرحل والرعاة؟
أمر الرئيس المخلوع البشير، بإنشاء مكتب للرحل, وكانت خطوة كبيرة. وفي اتفاقية أبوجا كان التفاوض حول الرحل والدولة تبنت ذلك, وقالت إنها تمثلهم ولكن حقوقهم مهضومة. ولكن بعد أن عقدنا اجتماع مع مسؤولين في الدولة صدر قرار بإنشاء مجلس للرحل. وبعد اتفاقية نيفاشا تحدثنا عن وجود مسارات دولة جنوب السودان, وهم لا يدركون أن الدولة انفصلت وتم التنبيه ذلك في اتفاقية نيفاشا ولم يتم مناقشة الرحل ما أدى إلى مشكلة أبيي. الآن وهم يعانون مشكلة كبيرة عند نهب مواشيهم دون حماية من أي طرف.
أين هي المشاكل التي تواجه الرحل؟
عدم تضمينهم في استراتيجية الدولة. وقوانين المراعي التي صدرت في 2015م، شمل كل حقوق الرحل,ولكن ظلت قابعة بالأدراج لم تفعَّل حتى الآن, الرعاة ليس لهم استراتيجية بعد أن عملنا مسح لكل الولايات والآن ليس لديهم أي قانون مفعل والمشكلة الآن تم حل الاتحاد بقرار من رئيس الجمهورية السابق وتحويلهم إلى جمعيات مع حل اتحاد المزارعين وليس هنالك جسم مطلبي يتحدث باسم الرحل.
كيف يسير العمل بعد حل الاتحاد؟
بعد الحل كانت هنالك جمعيات, وطالبنا بتفعيلها, لحل المشاكل. كانت هنالك قوانين مثلاً شركة التأمينات لا تؤمِّن للرحل والبنوك لا تدعمهم, إذاً كيف تقوم الجمعية, الآن هم يعيشون دون اتحاد ودون قانون وجسم وليس هنالك جهة مسؤولة عنهم, نحن كمسار حاولنا ولكن الأمم المتحدة قالت: ليس من أولوياتها قطاع الرحل, ولا يقدمون خدمات له. وفي اتفاقية جوبا طالبنا بقطاع الرحل عبر ممثلين للقطاع لأنهم محتاجين وعي لأنهم إذا دعوتهم لا يعرفون مطلبهم، لذلك أولاً، محتاجون توعية هناك مقترح أن تكون هنالك مفوَّضية في كل ولاية للرحل.
في قضية الرحل الآن ماهو دوركم وتحركاتكم بشأن المسار؟
قدَّمنا ملف الرحل كقضية قومية, كذلك قدمنا تصوُّراً لمفوَّضية قومية للرحل وجمعنا كل رؤساء جميع الأحزاب وسألناهم في برامجكم الانتخابية هل يوجد منفستو الرحل في الانتخابات؟ وقتها كان الصادق المهدي اقترح بإقامة مؤتمر للرحل, وكل حزب يقدم مقترح يهتم بالرحل كالنساء والأطفال وليس كرعاة ينهب حقهم وأن القطاع مهم ومهمل وخارج الشبكة ليس لديه تشريعات وقوانين لابد من الاهتمام به من أجل تنمية السودان, لأنه يمثل قوة اقتصادية كبيرة وأمن غذائي في السودان ودول الجوار حتى أوروبا. لو اهتم السودان بهذا القطاع.
أين دوركم تجاه القطاع المهم؟
قمنا بتقديم مقترحات بشأن إنشاء مفوضية قومية للرحل, عرضت إلى رئيس مجلس الوزراء السابق عبد الله حمدوك واقترحنا الهيئة القومية للمراعي ووضعنا المجلس القومي لتعليم الرحل أمام التحديات الموجودة, من الأمية والجهل وعدم التعليم, وأن يتم تمثيل للرحل عبر البرلمان, ولكن الناس فهمها مغلوط والرحل منهم أمبرروا الفلاتة والشكرية الدينكا. وهي تعتبر مهنة عند القبائل. وآخر خطوة قمنا بها جمعنا كل الإدارات الأهلية من الولايات من أجل تأسيس منبر الرحل يطالب بحقوقهم بعد اجتماع ومناشدة للأمم المتحدة ولكن رفضوا المساعدة بحجة أن الدولة لا تهتم بقطاع الرحل.
من أين يستمد المسار قوته المالية لدعم الرحل في غياب دعم الدولة ؟
من الأهالي والمجتمع والآن تم تخريج (800) طالب، من جامعة الأحفاد عبر منح مقدمة عبر المسار, وهنالك تعاون من جامعة الإمام الهادي وقمنا بتأسيس مركز لبحوث الرحل في جامعة السودان لمنح الماجستير والدكتوراة وتم تأسيس الشبكة العربية مقرها الأردن, ونحن كمسار في الاتحاد العالمي للرعاة مثلنا الشبكة الأفريقية عبر منظمات لتبادل التجارب والآن هنالك محاولات لإنشاء اتحاد عالمي للرعاة. ومثله في أفريقيا وفي عدة محافل معتمدين على المنظمات والأمم المتحدة. ليس هنالك دعم من الحكومة.
بعد تكوين الجسم هل ستكون هنالك رؤية أخرى للقطاع أم يكون بنفس الطريقة التي يعمل بها الآن ؟
نعم، ستكون هنالك تغيُّرات كثيرة منها تأسيس مراكز تدريب ومنبر لجسم مطلبي ومفوِّضية قومية لرعاية الحقوق وتضمين الرحل في استراتيجية وزارة التعليم، إضافة إلى وزارة الصحة ووزارة المالية لذلك لابد من تقنينهم لأن لديهم إسهام كبير في المجتمع وبالتالي إذا الرحل مثلاً أضربوا عن عدم وجود البان ولحوم في الأسواق سيكون هنالك ضرر كبير.
أبرز المشاكل والتحديات التي تواجه القطاع ؟
كل الحركات المسلحة وكل الصراعات المسلحة سواءً أكانت في تشاد أو جنوب السودان أثرت في الرحل وليس لديهم حقوق أو جهة يمكن أن تعوضهم حيث يتم نهب قرابة (500) رأس، في كل صراع، إضافة إلى ذلك تؤخذ منهم الضرائب لذلك الآن هم ضحية.
هل لديهم مواقع ثابتة؟
مواقع المراحيل هي ثابتة من وقت وجود الإنجليز ولديهم دامر وفرقان مثلاً في شرق السودان الضباينة في القضارف هم الأساس والآن ليس لديهم حق تم الاستيلاء على مواقعهم. وليس لديهم حقوق حتى الحق التاريخي مهضوم لأنه لايوجد من يمثلهم في الدولة ولا أحد يفهم قضيتهم لذلك وجودهم مهم في الخدمات. مثلهم ومثل النازحين يجب أن تهتم بهم الدولة وهو قطاع قومي يساعد في التنمية بدلاً من حرمانهم من قوانين الدولة. ولذلك نطالب الدولة بالاهتمام بالقطاع لأنه مهم وأي حزب يحتاج إلى قطاع الرحل الذي يشمل النساء والأطفال, لذلك لابد من وجود مجلس طفولي ومجلس رعاة ومفوَّضية للمراعي. أما تعدادهم لا توجد إحصائية محددة للرحل والرعاة, فقط نحن نتحدث عن مسار قومي.