19 نوفمبر2022م
كلمات للذكري
في العام 1998 استضاف البرنامج الشهير وقتها “مشوار المساء ” الدكتور أحمد عبدالعال ..هذا الفنان الذي مازال حتى الأن بذات حضوره الجميل رغم رحيله عن الدنيا قبل سنوات عديدة ..في تلك الحلقة التي خصصت عن الفن التشكيلي ، تحدث أحمد عبدالعال بلغته الوسيمة والعميقة ..قدم الرجل إفادات في منتهى الجرأة ودافع عن الاتهام التاريخي حول “صفوية الفن التشكيلي” ..وعدم قدرته في الوصول للمتلقي العادي ..الذي يجد صعوبة في تفكيك دلالات الألوان.. في تلك الحلقة لم ينف الراحل الجميل أو يؤكد صفوية الفن التشكيلي ..ولكنه قدم حلولاً موجزة ..من بينها ما يعرف ” بفن الإحاطة” ..والرجل يعني أن يذهب المعرض التشكيلي للناس في أماكنهم و لا ينكفئ في قاعة العرض ..وهي دعوة صريحة منه بأن تكون معارض التشكيل في الأحياء السكنية والتجمعات البشرية.
مصطفى ..رائد الرمزية
صحيح أن مصطفى سيد أحمد لم يكن هو الفنان الذي وضع لبنة الغناء الأولى ولكنه كان امتداداً جمالياً للعديد من الأسماء التي ساهمت في صياغة وجداننا السماعي وغرست فيه الغناء المعافي والطاهر..ورغم ذلك أحدث مصطفى طفرة هائلة على مستوى التفكير في شاكلة الغناء وإن كان البعض يعتبره مجدداً من حيث الطرح الجديد في المفردة الشعرية التي إتسمت بالحداثة والتجديد.
ولعله -أيضاً- يعتبر رائداً في إدخال الرمزية في الشعر والغناء وإن سبقه على ذلك محمد وردي في أغنية (الود) التي تعتبر الشكل الحداثي الأول والرمزي على مستوى الغناء السوداني الذي اتسمت مفردته في معظم الأوقات بالمباشرة والعادية..ومصطفى بحسب خبراء الموسيقى لم يحدث تغييراً هائلاً على مستوى التأليف الموسيقي والألحان ولم يكن أثره مثل محمد الأمين وإبراهيم الكاشف الذين جاءوا بأشكال موسيقية جديدة لم تألفها الأغنية السودانية حيث كان محمد الأمين حاضراً ومجدداً عبر أغنيته (شال النوار) التي تعتبر فتحاً جديداً تطاول فوق جدار العادية.
ود الحاوي ..ميلودية مبتكرة
استخدم عبداللطيف خضر ود الحاوي في تلحين أغنياته إمكانيات مختلفة للتعبير، وقد أثرى بذلك حركة الموسيقى عموماً فلجأ المؤلف الموسيقى إلى توظيف الأداء الموسيقى بالاهتمام بالأوركسترا وإدخال آلات جديدة وإيقاعات جديدة وتراكيب ميلودية مبتكرة، وببروز ألحانه ذات الثراء أصبحت الحاجة أكثر إلى التوزيع الموسيقى مما أفاد الموسيقى السودانية بشكل عام لتنفتح على عوالم علمية جديدة لم تكن متوافرة في الزمن السابق.
عن ذلك اهتمام ودالحاوي بالمقدمات الموسيقية كما في أغنية (المصير) وهو يشبه في ذلك تماماً الموسيقار المصري الراحل عبد الوهاب الذي اهتم بمقدمات الأغاني وجعل منها قطعاً موسيقية متكاملة اشتهرت كثيراً بين هواة الموسيقى وبعدها تسابق الملحنون لتقديم أفضل ما عندهم من موسيقى في مقدمات الأغاني، وهي مقدمات غاية في الثراء، بل إنها في كثير من الأحيان تفوقت على المقاطع الغنائية من حيث محتواها الميلودي والأوكسترالي، بل والتعبيري أيضاً.
نصيحة سعد الدين إبراهيم
الراحل الجميل سعد الدين إبراهيم، هو الأنموذج الصحفي والإنساني الذي اقتدى به .. وهو كثيراً ما كان يسدي لي النصائح المهمة التي كان لها تأثيرها المباشرة في حياتي .. وأذكر أنني ذات مرة انتقدت شاعر كبير وقلت بأنه فقد وسامة كلماته القديمة وأصبح يتخبط ويكتب (كلام فارغ) لا علاقة له بالشعر .. وسعد الدين حينما قرأ مقالي ذاك .. قال لي يجب أن توجه نقدك نحو الشباب وليس الشيوخ من الشعراء .. لأن نقد تجارب الشباب يضيف لهم ويمكنهم أن يستفيدوا منه بعكس الشيوخ الذين توقفت تجربتهم.