تونسي المريخ المُقال يكشف الحقائق في حوار مطول مع (الصيحة) (1)
– الغرايري: لم يلتزموا ببرنامج الإعداد ولم يُنفِّذوا رؤية التعاقُدات
– “سانت جورج” تَحَكّمَ في مُعسكر المريخ.. وما فعله المُنتخب لم أشاهده في حياتي
– هذا (…) سر تميُّز الموسم الماضي.. هل فَقَدَ الغرايري قدراته في أسابيع؟
الخرطوم- ناصر بابكر
زرناه في الفندق بعد 24 ساعة من إقالته.. وجدناه هادئاً واستقبلنا بأريحية.. بدا منفتحاً للحديث وحكاية قصته مع المريخ من الألف للياء على عكس فترته التي ظل خلالها بعيداً عن الإعلام.. لا يظهر إلا في فترات متباعدة وعبر الصفحة الرسمية فقط.. كشف لنا عن كثير من الاتهامات الجائرة التي طالته.. الأخطاء التي ارتكبها الغير وعلّقوها على شماعته.. وإنه صمت طويلاً وتحمّل كثيراً من أجل هدف وهو بلوغ مجموعات الأبطال وتوفير الاستقرار والهدوء وانه حان الوقت ليتحدث ويحكي ويوضح حتى تعرف جماهير المريخ الحقائق كاملة وبالتفصيل.. جلسنا معه لساعات استمعناه خلاله لقصته وحاصرناه بالأسئلة التي كان حاضراً للإجابة عليها بوضوح وصراحة.. هذا هو الحوار المطول الذي أجرته (الصيحة) مع التونسي “غازي الغرايري” والذي ننشره على حلقات فإليكم الأولى:
تجربتك مع المريخ اتسمت ببداية قوية وانتهت بطريقة مأساوية.. ما تعليقك؟
كل شيء يحدث له أسبابٌ.. بالفعل الأشهر الأولى لي مع المريخ كانت مميزة وعند نهاية الموسم الماضي كان الكل يتحدّث عن التطور الذي حدث في أداء الفريق والنقلة النوعية في أسلوب اللعب.. تسلّمت المهمة والفريق بعيد عن المنافسة على لقب الدوري وفي نهاية الموسم كنا قريبين من قلب الطاولة بعد أن هزمنا الغريم التقليدي وحققنا نتائج مميزة بأداء مميز، وأهم الأسباب التي أسهمت فيما صنعناه هو الاستقرار الذي كان يتوافر في محيط الفريق والأجواء التي تساعد على لعب كرة القدم وباستثناء سوء الملاعب التي كنا نؤدي عليها المباريات وهما ملعبان فقط كان كل شيء مثالياً.. فتعاملي كان مع شخصيات محدودة وهم المدير الرياضي عبد الكريم النفطي، حيث كنا نخطط سوياً لمشروع كبير ورئيس النادي حازم مصطفى الذي كنت أبلِّغه بما نحتاجه وللأمانة كان ينفذ فوراً كل ما نطلبه وبسرعة وبدرجة أقل كان تعاملي مع أبو جريشة على عكس ما يعتقد الناس.. طلبنا في بداية المشوار معسكراً مغلقاً وتم توفيره على الفور في مكان هادئ ويساعد على الانضباط وكان يمكننا التدريب صباحاً ومساءً وبتنويع بين النجيل الطبيعي والصناعي، وبعد أن أنهيناه أخطرنا الرئيس أننا نحتاج لتواجد الفريق في معسكر جديد بأحد الفنادق لضمان التغذية الجيدة للاعبين والراحة مع برنامج التدريبات، وعلى الفور تم إدخال الفريق في فندق مميز (ايوا) لقرابة الشهرين حتى نهاية الموسم، وبالتالي كان هنالك عمل كبير وانضباط ونظام وأجواء هادئة ومناخ يُساعد على تنفيذ المطلوب مع دوافع وروح عالية، حيث كانت الحوافز تدفع فوراً بعد نهاية المباريات وهي كلها أسباب جعلت عملنا يظهر بوضوح على الفريق.
لكن الفريق ظهر بشكل مغاير في الموسم الجديد وتعرّضتم لانتقادات عديدة؟
كما قلت في البداية.. كل شيء يحدث لأسباب ويجب على الجمهور أن يعرفها ويعرف الحقائق حتى يتمكّن من إصدار تقييمٍ منصفٍ وقبل الحقائق يمكن أن نسأل هل يُمكن أن يفقد المدرب قُدراته في فترة لا تتجاوز أسابيع بين نهاية الموسم الماضي وبداية الحالي ليتحوّل من مدرب مميز إلى مدرب بلا قدرات؟ بلا شك هذا الأمر غير منطقي، وهنالك أشياء عديدة حدثت مثلت منعرجا في مسيرة الفريق وأثرت على الأداء في الموسم الحالي.
ما هي تلك الأشياء؟
بعد آخر مباراة للمريخ الموسم الماضي، كانت لدينا خطة كاملة ودقيقة لبرنامج إعداد مثالي لتجهيز الفريق لظهور قوي في دوري أبطال أفريقيا، وكنا ننظر عند وضع برنامج الإعداد لمنافسة الأندية القوية التي تبلغ مرحلة المجموعات وتجاوزها إلى ربع النهائي.. خُطتنا كانت تشمل منح اللاعبين راحة لمدة أسبوع ثم حضور الفريق إلى تونس في (السابع من اغسطس) لإقامة معسكر في سوسة يمتد لمدة شهر ومنه يتوجّه الفريق لتدشين مشواره في الأبطال.. البرنامج كان مجهزاً بالكامل من فندق على مستوى عالٍ به كل ما يحتاجه الفريق من حمام سباحة وغرف ساونا وصالة رياضية وملاعب تدريبات، مع التزام بتنفيذ البرنامج الغذائي الذي نطلبه ومُباريات ودية مع الترجي والمنستيري وشباب الساورة الجزائري الذي كان يُقيم معسكراً في نفس الفندق.. وكنا نخطط لإقامة مباراتين أخريين مع أندية سوسة التي تلعب في الدوري الممتاز مثل النجم الساحلي وحمام الأنف، وبالمناسبة المريخ لم يكن بحاجة حتى لإرسال خطاب لأن الوكيل المتخصص في تنظيم المعسكرات كان قد رتّب كل صغيرة وكبيرة بشأن المعسكر.
ما الذي حدث بعدها؟
رئيس القطاع الرياضي أبو جريشة اعترض على إقامة المعسكر بتونس وطلب تأجيل انطلاقة الإعداد لخمسة أيام وانتظار معرفة قرعة الأبطال ومعرفة مَن سنواجه في التمهيدي والدور الأول قبل تحديد مكان المعسكر، وبعدها طلب تأجيل بداية الإعداد لخمسة أيام أخرى للترتيب لمكان جديد للمعسكر غير تونس، واقترحوا مصر، فوافقت لأن مصر أيضاً يمكن أن نحصل فيها على ظروف إعداد مثالية مع أداء تجارب قوية، وفي نهاية المطاف تأخّرت بداية الإعداد لأكثر من عشرة أيام على الموعد الذي حددناه، مع العلم أن تأخير يوم واحد يمثل خسارة كبيرة في الإعداد ناهيك عن قرابة الأسبوعين، والمؤسف أنني حينما وصلت الخرطوم يوم (21 أغسطس) ووقتها كان الإعداد قد بدأ قبل أربعة أيام لم يكن مكان المعسكر قد تم حسمه، فاقترحوا علي إقامة المعسكر بتنزانيا مع أداء مباريات مع عزام وسيمبا والشباب فوافقت، وفي كل مرة كنت أسأل عن المعسكر كانت الإجابة الترتيبات جارية وفي نهاية المطاف لم يقام معسكر مصر أو تنزانيا وسافرنا إلى إثيوبيا بعد ثلاثة أسابيع كاملة من الوقت الذي كان يفترض أن يكون فيه الفريق في تونس وهو أمرٌ كان خصماً بشكل كبير على الإعداد.
هل كان معسكر إثيوبيا مثالياً؟
لا.. لم يكن كذلك لعدة أسباب، نحن حتى عندما وصلنا مطار أديس أبابا لم نكن نعلم مكان المعسكر ووجدنا أبو جريشة في انتظارنا في المطار ومعه السيارات وبص للاعبين، فذهبنا إلى مكان يبعد لمدة ساعة عن العاصمة أديس أبابا، وحينما وصلنا سألت عن ملعب التدريبات وكانت الإجابة إننا سنتدرّب في ملعب سانت جورج، فجهّزت برنامجي وسلّمته لرئيس القطاع الرياضي، لكنه أخطرني أننا سنتدرب على ضوء برنامج تدريبات سانت جورج، وبالتالي يجب أن يتسلّم برنامج تدريبات سانت جورج أولاً وعلى ضوئه نضع نحن برنامج تدريباتنا في الأوقات التي يكون فيها الملعب شاغراً، فاضطررت لتغيير البرنامج وفيه ثلاث مباريات ودية، ومجدداً تلقيت إخطاراً أن سانت جورج سيلعب ضدنا مرتين، لكن النادي الإثيوبي حدد مواعيد المباراتين ولن يلعب إلا في التواريخ التي حدّدها ولم نكن نملك خياراً غير المُوافقة، وبالتالي لم نضع البرنامج الذي يناسبنا وكل شيء كان يقوم على برنامج سانت جورج وكأننا فريقه الثاني، والمباراة الثالثة كانت في مدينة تبعد عدة ساعات عن مكان المعسكر، وبالإجمالي التخطيط والترتيب للمعسكر لم يتم بشكل احترافي.
هل واجهتكم عوائق أخرى؟
بكل تأكيد، المنتخب السوداني الذي أعتقد أنه يلحق ضررا بليغا وهائلا بالمريخ تحديداً، نحن افتقدنا (12 لاعباً) طوال فترة الإعداد لتواجدهم بالمنتخب، وأنا صراحة ما زلت مندهشاً لأنها المرة الأولى طوالي مسيرتي في كرة القدم التي أشاهد فيها مُنتخباً يقوم بفترة إعداد (25 يوماً) ويحرم اللاعبين من الإعداد مع أنديتهم.. لم أجد في حياتي مُنتخباً يقوم بإعداد كهذا حتى المنتخبات التي تستعد لبطولات مجمعة عالمية وقارية مثل كأس العالم ونهائيات الأمم لا تقيم معسكرات لمدة (25 يوما).. هذا الأمر سبّب لنا عائقاً كبيراً في الإعداد، لأننا لم نكن نعلم الطريقة التي يتدرّبون بها ولا وضعهم البدني أو الفني أو درجة الانضباط، مع العلم أن المريخ وقتها دخله عدد كبير من اللاعبين الجُدد الذين لم يلتقوا لاعبي المنتخب إلاّ قبل أربعة أيام فقط من مباراة ارتا سولار، والمُشكلة أنّ المُباراة الثانية أمام سانت جورج التي خطّطنا لخوضها كاملة بتشكيلة مباراة جيبوتي توقّفت قبل نهاية الشوط الأول بسبب الأمطار، وبالتالي لم يلعب الدوليون مع الأجانب وبقية الفريق إلا ثلاثة تدريبات و40 دقيقة في تجربة ودية، وبهذه الوضعية دخلنا مباراة ذهاب الدور التمهيدي وخطّطنا بشكل أساسي للتسجيل في جيبوتي لنسهل مهمة التأهل وبحمد لله وُفِّقنا في تحقيق الفوز وقطع أكثر من نصف المشوار رغم الظروف الصعبة.
ماذا بعد الفوز في جيبوتي؟
قبل الفوز في جيبوتي وقبل السفر، وجدنا أنفسنا مُضطرين لإبقاء المدرب العام فاروق جبرة في إثيوبيا، لأننا سافرنا بعدد 24 لاعبا وتركنا 13 لاعبا في المعسكر، ولأول مرة أجد فريقا يخوض معسكرا بهذا العدد وبمشاركة مجموعة من خمسة أو ستة لاعبين مقيدين في صفوف الرديف لم أكن أعلم عنهم شيئاً أو حتى سبب تواجدهم في الفريق الأول، لأن الفريق الرديف ينبغي أن تكون له إعداده الخاص وجهازه الفني ومبارياته التي يُمكن أن نختار منها للفريق الأول مع تحويل العناصر التي يتراجع مستواها أو تخرج عن الانضباط من تدريبات الفريق الأول للرديف.. ولا يمكن لجهاز فني مهما بلغ ان يدرب 37 لاعبا، ناهيك عن جهاز مكون من مدير فني ومساعد ومدرب لياقة وحراس فقط.. المهم إنني وقبل السفر إلى جيبوتي طلبت منهم ترتيب مُباراة ودية للفريق فور العودة إلى إثيوبيا بعد مباراة الذهاب لأجهز البدلاء والعناصر التي لم تشارك لزيادة عدد العناصر الجاهزة، وللأسف لم يتم ترتيب المباراة، والأسوأ أن الفريق وبدلاً من أن يُغادر من أديس أبابا إلى بحر دار مباشرةً أعادونا مرة أخرى لمكان المعسكر الذي مكثنا فيه عدة أيام، لكن الأهم أننا مع ذلك نجحنا في التأهل وكنا قريبين من الفوز، لكننا أهدرنا عدداً كبيراً من الفرص.