المفوَّض السامي لحقوق الإنسان.. (شاهد شاف كل حاجة)
المفوَّض السامي لحقوق الإنسان.. (شاهد شاف كل حاجة)
تقرير- مريم أبَّشر
انهى فولكر تورك، زيارة رسمية للبلاد هي الأولى له للسودان، والأولى له كذلك بصفته مفوَّضاً سامياً لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة . وأتت زيارة تورك في وقت بالغ التعقيد بالنسبة للأوضاع في السودان سياسياً و اجتماعياً و اقتصادياً و أمنياً و ذلك على خلفية قرارات الخامس و العشرين من أكتوبر العام الماضي التي أطاحت بحكومة الثورة و التدهور الذي صاحب تلك الخطوة وفق مراقبين لحقوق الإنسان لحالة حقوق الإنسان في السودان بسبب العنف المستخدم من قبل السلطات ضد المتظاهرين و الاعتقالات التي طالت بعض النشطاء السياسيين، وجاءت الزيارة -أيضاً- متزامنة مع منح السودان للمرة الثانية على التوالي عضوية مجلس حقوق الإنسان ممثلاً لمجموعة شرق أفريقيا و يعد الفوز بالمقعد اعتراف من مجلس حقوق الإنسان بأن السودان أحدث تقدماً في مجال حقوق الإنسان , غير أن مراقبين عزو الاختيار للمرة الثانية للتقارير التي تضمنت التطور الذي حققه السودان إبان حكومة الفترة الانتقالية، غير أن الاختيار بحد ذاته يمثل ضمناً اعترافاً من قبل مجلس حقوق الإنسان بأن أوضاع حقوق الإنسان في السودان تتقدم.
حصاد الأربعة أيام
تعرف فولكر خلال الزيارة التي امتدت أربعة أيام على أوضاع السودان بنفسه و ذلك عبر التقائه الأطراف المعنية بحقوق الإنسان في الحكومة وأصحاب المصلحة من القوى السياسية والمجتمعية و منظمات المجمتع المدني و قوى الثورة فضلاً عن زيارات ميدانية له أهمها زيارته لولاية شمال دارفور .
وابتدر المفوَّض الأممي لقاءاته بالسفير علي الصادق، وزير الخارجية المكلف حيث أكد خلال اللقاء استعداد السودان للتعاون مع المفوضية السامية، لجهة أن السسودان عضواً فاعلاً بمجلس حقوق الإنسان، وجدد الصادق التزام الخرطوم بالقوانين و المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وأشار للتطور الكبير الذي شهده السودان في مجال حقوق الإنسان في جوانب التشريعات و توقيع اتفاق جوبا للسلام، فضلاً عن استقباله لعدد كبير للاجئين من دول الجوار رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواحهه الأمر الذي يؤكد اهتمام السودان بحقوق الإنسان .
نفس الهدف
من ناحيته أكد المفوض السامي لحقوق الإنسان تورك أن شعارات الثورة السودانية حرية سلام و عدالة هي ذات مبادئ حقوق الإنسان التي تعد نبراساً و هادياً لحقوق الإنسان ليس في السودان فحسب, بل في العالم أجمع و امتدح تسهيل الحكومة لزيارته ودعم مهمته و امتدح كذلك الجهود التي تبذلها الحكومة لاستقبال اللاجئين و تعهد بتعزيز التعاون وحماية حقوق الإنسان في السودان و التزم تورك بالعمل على رفع مستوى القدرات والتدريب وإيلاء الاهتمام اللازم في فهذا المجال، و قال: إن زيارته لتأكيد التضامن مع الشعب السودانى في ظل التحديات الاقتصادية المعقدة التي تشهدها البلاد .
كما التقى بالدكتور محمد سعيد الحلو وزير العدل بالإنابة والآلية الوطنية للإبلاغ والمتابعة، والمفوضية القومية لحقوق الإنسان.
وقال المسؤول الأممي، إن الغرض من زيارته هو التأكد من وضع مسألة حقوق الإنسان في صميم العملية السياسية الجارية، وفي عملية إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي يعطي الأمل للمستقبل. و تعزيز مطالب الشعب في الحرية والسلام والعدالة.
وأعرب عن أمله في إمكانية تعزيز ما يتوق إليه الشعب السوداني وهو الحرية والسلام والعدالة. وقال: لقد تابعت التطورات في السودان على مدى سنوات عديدة، وقد جئت إلى هنا للتضامن مع شعب السودان في هذه المرحلة الحرجة للغاية من تاريخه”.
كما التقى مفوَّض حقوق الإنسان بممثلي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، بما في فيها مجموعات النساء والشباب. والتقى بمجموعات المجتمع المدني التي شاركت في العملية السياسية، بالمدافعين عن حقوق الإنسان الذين هم في الخطوط الأمامية للنهوض بحقوق الإنسان لجميع الناس هنا في السودان. و قال انه التقى خلال الزيارة بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والناجين منها. بالمسؤولين في سلطات الأمر الواقع و العاملين في الأمم المتحدة.
تحسبات
وقبيل زيارة مفوض حقوق الإنسان أفرجت السلطات عن 22 محتجزاً، من ولاية شمال دارفور بالتزامن مع زيارته للفاشر وقدرت هيئات حقوقية ناشطة في دارفور، في وقتٍ سابق، أعداد المحتجزين على، من ولايتي ( لتربيون ) عن إطلاق سراح 18 محتجزاً، في سجن شالا بولاية شمال دارفور، و4 محتجزين من سجن الهدي شماليِّ أم درمان، و أضاف أن الإفراج عن المحتجزين تم قبيل وصول المفوَّض السامي لحقوق الإنسان إلى مدينة الفاشر. جدير بالذكر أن السُّلطات تحتجز في سجن الهدى شمال أم درمان 74 شخصاً، أوقفتهم من شمال دارفور. وكشفت هيئة محامي دارفور، عن دفعهم بشكوى ضد حكومة السودان، لدى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، على خلفية ما تصفه بـ”انتهاكات بحق محتجزي ولايتي شمال وغرب دارفور، داخل سجن الهدى”. و دعا محامو دارفور إلى أهمية تسجيل المفوض لزيارت للسجون للوقوف على أحوال السجناء .
تدهور مريع
القانوني والمحامي معز حضرة قال لـ(الصيحة): إن فولكر جعل أول زيارة له بعد تسلمه مهمته من مكتبه بالأمم المتحدة للسودان، وهذا أن دل على شئ إنما يدل على التدهور المريع الذي وصلت إليه حالة حقوق الإنسان في السودان، وأشار إلى أن كمية من القتل و الاعتقالات و التعزيب طالت العشرات بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، ووصف الوضع الذي وصلت إليه حالة حقوق الإنسان في السودان خلال العام المنصرم بأنها الأسوأ من الوضع الذي كانت عليه إبان عهد المخلوع، ولفت إلى أن هنالك غياب لأجهزة العدالة وبجانب استغلال للأجهزة النيابية، وزاد رغم إلغاء حالة الطوارئ، إلا أن القانون يعمل به على حد قوله، وهناك قتل واعتقالات تتم خارج القانون، وشدِّد على أن التدهور الذي حدث في حقوق الإنسان فاق الدول التي لا توجد فيها حكومات .
خوف الخارج
نبَّه حضرة إلى أن الحكومة (تخاف من الخارج ولا تخاف الخالق) و ذلك في سياق إشارته للإعداد الكبيرة من المحتجزين في سجون الفاشر، الهدى و بورتسودان وزالنجي، وأشار إلى تحركات مكثفة كان قد أجراها المحامون بمن فيهم هيئة محامو دارفور من أجل إطلاق سراهم كلها باءت بالفشل، غير أن ذات السلطات بادرت بإطلاق سراج المعتقلين قبل وصول مفوَّض السامى لحقوق الإنسان للفاشر بيوم واحد و هذا يعني أن هؤلاء يخافون الخارج و لا يخافون الخالق .
لغة مشتركة
وأفاد فولكر في تصريح له أنه من المهم للغاية في هذا الوقت أن يكون هناك تركيز قوي للغاية على حقوق الإنسان.” وأوضح أن العالم يمر في مرحلة حرجة للغاية فيما يشهد انقسامات عديدة ومعارضة “لا تصدق لقضايا النوع الاجتماعي، وقضايا الفضاء المدني، والازدراء المطلق للحياة البشرية في الحرب”.
ونبَّه إلى أن حقوق الإنسان هي لغة إنسانية مشتركة.
وتشير سيرة المفوَّض السامي لحقوق الإنسان تورك إلى أنه كرّس حياته المهنية للنهوض بحقوق الإنسان، ولا سيما الحماية الدولية لبعض الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم بمن فيهم اللاجئون وعديمي الجنسية.