أزمة الموانئ والجمارك.. تفاصيل ترويها (الصيحة)
الخرطوم: جمعة عبد الله 16 نوفمبر 2022م
في “28” ديسمبر الماضي، كشفت “الصيحة” عن أزمة تواجه الصادر بميناء الأمير عثمان دقنة، وذلك على خلفية وصول برادات مسيلة من محطات جمركية خارجية، بيد أن إدارة الميناء تطالب بالتفتيش قبل السماح لها بإكمال إجراءات التصدير، وهي الخطوة التي لم توافق عليها هيئة الجمارك، باعتبار أن تلك البرادات تم تسييلها مسبقاً، ولما وصل الطرفين لطريق مسدود أوقفت إدارة الميناء إدخال البرادات مما عرض الشحنات سيما وأن بعضها يحمل لحوماً مبرَّدة معدة للصادر وفترة صلاحيتها لا تتعدي “12” يوماً.
أصل القضية
وفق خطاب أصدرته إدارة الأمير عثمان دقنة، تقول فيه “نسبة لزيادة حجم العمل بصادرات البرادات بالميناء كان لابد ان تصاحب ذلك فرض قيود والرقابة عليها باعتبار أن عدد البرادات في تزايد مستمر بصفة يومية وتقديراً لذلك وتحسباً لأي عمليات تهريب اجتمعت اللجنة الأمنية بولاية البحر الأحمر بكامل عضويتها بتاريخ 12 يوليو 2021م وخرجت بقرار إعادة تفتيش البرادات القادمة من المحطات الجمركية الخارجية، مثل سوبا، وبعد توقف دام (9) أشهر، عاودت البرادات الوصول للميناء بشحنات مغلقة ترفض الجمارك تفتيشها، فيما ترفض سلطات الميناء دخولها مما يترتب عليه خسائر فادحة لصاحب براد اللحوم في حالة عدم دخوله.
بلاغات بالأرقام
برر قرار اللجنة الأمنية إعادة تفتيش البرادات كنتيجة للضوابط والرقابة اليومية التي تنتهجها إدارة الميناء والتي أسفرت عن ضبط عدد من البرادات المخالفة تحمل كميات كبيرة من المواد المهرَّبة “صعوط – سجاير – حبوب مخدرة” علي متن رحلات مختلفة وعلي النحو التالي:
البلاغ رقم “1” تحت المادة “198 / 199” جمارك وكان بتاريخ 10 يناير 2021م وفيه براد يحمل صعود تهريب، والبلاغ الثاني بتاريخ 7 فبراير براد يحمل “29” جوال صعود تهريب، والبلاغ الثالث بتاريخ 22 يونيو براد يحمل “10” كيس قورو تهريب، والبلاغ الرابع بتاريخ 30 يونيو، براد يحمل “33” جوال قورو تهريب، والبلاغ الخامس كان بتاريخ 7 نوفمبر بداخل يحمل بداخله كمية من الصعود تهريب، والبلاغ السادس يحمل الرقم “12” بتاريخ 6 يونيو، براد يحمل بداخله كمية من الصعود المهرَّب، والبلاغ السابع يحمل الرقم “15” تحت المادة “15 أ” من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية بتاريخ 23 يونيو، براد يحمل بداخله “717” ألف حبة كبتاجون مخدرة.
مقترح حل الأزمة
وكشف رئيس الغرفة القومية للمصدرين، عمر بشير الخليفة، عن مقترح لحل أزمة توقف الصادر، بجعل تفتيش البرادات في النقطة النهائية بالموانئ، حتي لا يتسبب تاخرها في خسائر للمصدرين بسبب الإشكال بين إدارة الموانئ وهيئة الجمارك، وتوقع حل وشيك للازمة خلال اليومين المقبلين.
وقال الخليفة لـ “الصيحة” إن أزمة توقف الصادر بسبب الخلاف حول تفتيش البرادات يتحمَّل نتيجته المصدرين، واصفاً الأمر بـ “المشكلة الكبيرة”.
وأكد الخليفة الملف الآن بيد دائرة الأمن الاقتصادي وتجري حوله نقاشات على مستوى كبير، مقراً بمنطقية دفوعات الموانئ حول ضرورة التفتيش نظراً لعدة سوابق وبلاغات علاوة على ضعف معينات الرقابة، لافتاً إلى أن الاتهام ليس موجهاً للجمارك، بقدر ما يتعلق ببعض أصحاب البرادات يقومون بفتح الشحنة في الطريق لإدخال مواد للتهريب قبل إغلاق أبواب البراد مجدَّداً، وزاد: “بالتالي يحدث تغيير في شحنة البضاعة”.
ونوَّه الخليفة إلى أن جهودهم لحل الأزمة ووجهت بإصرار كل طرف علي رؤيته، وأكد أن الحل سيكون خلال اليومين المقبلين، مضيفاً: “فعلاً تأثر الصادر ولكن سيتم حلها”.
مصدر المخالفات
وتكشف خطابات رسمية لإدارة ميناء الأمير عثمان دقنة، أن كل هذه البرادات المخالفة وصلت الميناء من محطات جمركية خارجية ومختومة بالسيل مما يحتم عليهم كأدارة للميناء تكثيف الرقابة والتفتيش اللازم تجاه البرادات القادمة من المحطات الخارجية، ونوَّهت إلى أن الضبطيات المذكورة تمت بجهود وإمكانات محدودة نسبة لعدم توفر الأجهزة والمعدات المطلوبة لتفتيش البرادات بالميناء مما يشكِّل تحدياً لإدارة الميناء في عمليات الضبط والرقابة التي تحتاج إلى أجهزة ومعدات كشف للسيارات بالبوابات الرئيسة وأجهزة اسكنر لفحص البرادات الصادرة والواردة.
وحذَّرت إدارة الميناء من الضرر من هذه الضبطيات وتأثيرها السلبي على المجتمع المحلي والقومي والأبعاد الاقتصادية والتشغيلية للموانئ وطالبت بتطبيق قرارات رادعة لكل من يتلاعب بأمن واقتصاد وسمعة البلاد، ونسبة لهذه المخالفات المتكررة والإمكانيات الحالية للميناء والتي لا تتناسب إطلاقاً مع ازدياد حجم وحركة البرادات وعمليات التهريب التي تستهدف الميناء لا يمكننا استقبال البرادات مستقبلاً أن لم يتم توفير أجهزة الفحص المناسبة والإمكانيات المطلوبة للكوادر البشرية والأجهزة الرقمية للميناء.
علاقة ممتدة وعمل متناغم
من جهته دافع مدير الإدارة العامة للعمليات الجمركية بهيئة الجمارك، أحمد إسماعيل سبت، عن سلامة الإجراءات المتخذة بشأن شحنات الصادر عبر البرادات، مشيراً إلى أن العلاقة بين هيئة الجمارك والموانئ البحرية علاقة تكامل أدوار في المجتمع المينائي.
وقال اللواء شرطة في حوار مع صحيفة الانتباهة إن الميناء يتعامل تعاملاً خاصاً مع البضائع ذات الخصوصية، لافتاً إلى أن هذه البضائع يجب أن تعامل بصورة خاصة من ناحية التخزين والمناولة وظروف التخزين والنقل، ضارباً المثل بوجود بضائع لا يمكن فتحها إلا عند وصولها إلى مخزن الوصول مثل اللحوم والفواكه والإمصال والأدوية والمتفجرات والمواد المشعة، لأن إجراءاتها عالمياً لها تطبيق دولي ولا يتم فتحها إلا في مخازن صاحبها، منوَّهاً إلى أن فتحها قد يعرضها للتلف مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية طائلة مؤكداً أن مثل هذه البضائع لا يمكن فتحها حتى عند المرور بالدول المختلفة وتكون مصحوبة بمستندات من جهات مرجعية.
ودافع اللواء سبت عن الاتهام الموجه للجمارك قائلاً: إن الإجراءات المستديمة للصادر لا تشوبها أي شائبة لكونها تمس سمعة الدولة، وقلَّل من الحديث عن تهريب المخدرات، مشيراً إلى أن الدولة المستقبلة للشحنات لا تقبل مثل هذه المخالفات فكيف تسمح لشحنات مخالفة بدخول موانئها وأراضيها.
وأكد اللواء سبت أن هناك ثلاثة أسباب تؤكد عدم صدقية الحديث عن التهريب والمخالفات بشحنات البرادات، وقال إن أولها أن أي مخالفة داخل الحظيرة الجمركية أو بالحاويات تعتبر الجمارك طرفاً فيها، مشيراً لعدم ورود أي بلاغ لهم، والثاني أن هناك حاويات وبرادات محلية تقوم بنقل الخضروات والفاكهة داخل البلاد وفي حال تم القبض على منها فهي لا تعتبر حاويات صادر ولا دخل للجمارك بها، اخيراً هذا البراد الذي يحتوي علي اللحوم مبراد تبريدا عاليا حتي اذا تم فتحه للشخص لا يستطيع الدخول اليه او تخبئة شئ بداخله، – وختم اللواء احمد دفوعاته بالقول بأن الاتهامات التي تدور حول الصادر تضر بسمعة السودان ، عبر اختامنا التي نختم بها الصادر يتم تصدير ذات البضائع بها عبر دول الجوار الي دول اخرى دون فض اختامها السودانية.
خسائر للمصدرين
ووفق عدد من المصدرين، فقد أدت القضية إلى دخولهم في عدة خسائر شملت تأخر إجراءات الصادر بالميناء قبل أن تتوقف كلياً، منوِّهين إلى ضرورة حسم القضية من الجهات العليا لضمان انسياب الصادرات السودانية دون عوائق، لافتين إلى أن المصدرين لا دخل لهم بالصراع الدائر بين هيئة الجمارك وإدارة الميناء، وذلك لكونهم ملتزمين بكافة ضوابط وإجراءات الصادر وليس لديهم مانع من تفتيش شحنات البضائع الخاصة بهم سواء في المحطات الجمركية الخارجية مثل سوبا أو تفتيشها عند الوصول للميناء، مؤكدين ثقتهم في سلامة بضائع الصادر الخاصة بهم وخلوها من أي من المخالفات.