البحث عن الماضي
*حينما مرض خليفة رسول الله (ص) أبوبكر الصديق رضي الله عنه، اختار الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون خليفته لإدارة شؤون المسلمين.
*بعض الصحابة أبدى تخوفاً من خلافة الفاروق لما عُرف عنه من شدة في القول والعمل، بيد أن الصديق كانت له رؤية أخرى، وهي إن شدة عمر وغلظته ستنتهي بعد توليه الخلافة، وهذا ما حدث.
*شهدت خلافة سيدنا عمر بن الخطاب الكثير من التحولات السياسية والعديد من الفتوحات الإسلامية، وكانت له مواقف لم يفعلها بعده من الخلفاء أو الأمراء الذين أداروا شؤون المسلمين في تلك الحقبة.
* روى المؤرخون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعد موائد الطعام للناس في المدينة، وذات يوم رأى رجلاً يأكل بشماله فجاءه من خلفه، وقال يا عبد الله كل بيمينك” فأجابه الرجل ” يا عبد الله إنها مشغولة.
فكرر عمر القول مرتين فأجابه الرجل بنفس الإجابة
فقال له عمر: وما شغلها؟
فأجابه الرجل: أصيبت يوم مؤتة، فعجزت عن الحركة
فجلس إليه عمر وبكى، وهو يسأله : من يوضئك؟
ومن يغسل لك ثيابك؟ ومن يغسل لك رأسك؟
ومع كل سؤال ينهمر دمعه.. ثم أمر له بخادم وراحلة وطعام وهو يرجوه العفو عنه لأنه آلمه بملاحظته على أمر لم يكن يعرف أنه لا حيلة له فيها، هكذا كانت تصنع القوانين.
* وكان الفاروق يحب أخاه زيداً، وكان زيد هذا قد قُتل في حروب الردة، ذات نهار بسوق المدينة يلتقي الفاروق وجهاً لوجه بقاتل زيد، وكان قد أسلم وصار فرداً في رعيته.
وخاطبه الفاروق غاضباً “والله إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح”، فيسأله الأعرابي متوجساً “وهل سينقص ذاك من حقوقي يا أمير المومنين” فيطمئنه أمير المؤمنين “لا”.
*غادر الاعرابي غير مبالٍ، وقال “إنما تأسى على الحب النساء”، لم يغضب أمير المؤمنين ولم يزج به في السجن، بل كظم غضبه على جرأة الأعرابي وسخريته، وواصل التجوال، هكذا تشكل قوانين حرية التعبير.
*وإن أردنا سرد قصص الخليفة الراشد “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه سنحتاج للكثير من المساحات، وإن أردنا سرد القوانين التي جاءت لتنظيم الحياة منذ نزول الوحي على الرسول (ص) مروراً بالخلفاء الراشدين ومن بعدهم من التابعين لوجدنا أن جميع قوانين الأمم المتحدة وحقوق الإنسان والقوانين التي تنظم الدول أساسها الإسلام.
*لم يترك لنا القرآن الكريم والسنة النبوية مجالاً للفوضى في الحياة، ولكن يأبى المسلمون ذلك، وسنظل نبحث عن أمثال تلك الشخصيات الإسلامية التي صنعت التاريخ في ظروف أصعب من التي نعيشها نحن في هذا الزمان.