مفوَّض حقوق الإنسان في السودان لأول مرَّة.. من رأى ليس كمن سمع
تقرير- مريم أبَّشر
من المنتظر أن يبتدر المفوَّض السامي لحقوق الإنسان النمساوي فولكر تورك، خلال الزيارة التي يقوم بها للخرطوم لقاءات ومشاورات مكثفة مع عدد كبير من المسؤولين في الدولة والأجهزة ذات الصلة بحقوق الإنسان وأصحاب المصلحة، وذلك بغرض الوقوف بنفسه و التعرُّف على أوضاع حقوق الإنسان التي شهدت تراجعاً كبيراً خلال هذا العام في أعقاب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي .
وينتظر أن يلتقي المفوَّض السامي تورك، خلال الزيارة المقرَّر لها أربعة أيام، برئيس مجلس السيادة و رئيس المفوَّضية القومية لحقوق. وحسب الدكتور رفعت ميرغني، رئيس المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان أن المفوَّض السامي لحقوق الإنسان سيبدأ برنامج لقاءاته الرسمي اليوم الأحد، و أن المفوَّض بجانب لقاءاته بالمسؤولين تشمل الجهات ذات الصلة من أصحاب المصلحة الناشطين في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني السوداني.
وتشمل زيارة المفوَّض السامي -أيضاً- إلى جانب الخرطوم، الفاشر التعرُّف على أوضاع حقوق الإنسان في ولايات دارفور .
وتعد زيارة المفوَّض السامي لحقوق الإنسان فوكلر تورك، الأولى له للسودان منذ استقالة الخبير في مجال حقوق الإنسان السنغالي اداما دينق، مؤخراً من مهمته خبيراً مستقلاً لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في السودان بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي .
وتأتي الزيارة في وقت رصدت فيه المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان جراء العنف الذي تستخدمه السلطات الأمنية ضد المظاهرات السلمية الرافضين للانقلاب والمطالبين بعودة الحكم المدني، حيث شهد العام الماضي، سقوط أكثر من مائة قتيل بجانب إعداد كبيرة من الجرحى والمصابين، وفضلاً عن الاعتقالات التي طالت أعداد كبيرة من الشباب الرافض للانقلاب والمطالب بعودة الحكم المدني وعودة الجيش إلى ثكناته.
ما يجدر ذكره أن المفوَّض السامي لحقوق الإنسان يضطلع بالمهام التي أَوْكلتها إليه على وجه التحديد الجمعية العامة وهو المسؤول عن تقديم المشورة للأمين العام بشأن سياسات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان. وهو من يضمن تقديم الدعم لمشاريع برنامج حقوق الإنسان وأنشطته وأجهزته وهيئاته للدولة، كما أنه يمثِّل الأمين العام في اجتماعات أجهزة حقوق الإنسان وفي فعاليات أخرى معنية بحقوق الإنسان، يضطلع بمهام خاصة على النحو الذي يقرِّره الأمين العام.
المفوَّض السامي
فولكر تورك، هو المفوَّض السامي الجديد لحقوق الإنسان، وقد تولى مهامه في أكتوبر 2022م. حيث تم تعيينه من قبل الأمين العام الأمم المتحدة مفوّضًا ساميًا لحقوق الإنسان بعد موافقة الجمعية العامة عليه سبتمبر 2022م. وهو ثامن مفوَّض سام يترأس المفوَّضية السامية لحقوق الإنسان.
انتقاص الحريات
يقول البروفيسور عبده مختار، استاذ العلاقات الدولية هناك تراجع كبير جداً في حالة حقوق الإنسان في السودان، ويضيف لـ(الصيحة) في سياق رؤيته لحالة حقوق الإنسان في ظل الزيارة المرتقبة للمفوَّض السامي لحقوق الإنسان للسودان أن وضع حقوق الإنسان -حالياً- متدهور جداً وذلك في ظل الانتهاكات التي تمارسها السلطات الأمنية ضد المتظاهرين السلميين، وقال: كلما خرجت تظاهرة سلمية تمارس السلطات العنف ضدها وينتج عن ذلك وقوع قتلى وجرحى، وزاد: هذا هو سلوك الدكتاتوريات، واعتبر مختار أن تلك الانتهاكات التي تمارس ضد المتظاهرين من شأنها انتقاص التقدُّم الذي حدث إبان فترة الحكومة الانتقالية.
وقال بروف عبده: على المفوَّض السامي أن لا يحصر لقاءاته على المسؤولين لأنهم لن يدلوا له بالحقائق كما هي وإنما عليه البحث عن المعلومات من أصحاب المصلحة ومنظمات المجتمع المدني وأن يستطلع المواطنين للتعرُّف على الحالة الحقيقية لحقوق الإنسان وليس الاعتماد على رواية الحكومة.
تشجيع الحكومة
خلافاً للانتقادات الموجهة للحكومة في مجال حقوق الإنسان يرى مراقبون أن منح المجتمع الدولي السودان العضوية للمرة الثانية في مجلس حقوق الإنسان يعد مؤشرا على أن ملف حقوق الإنسان في السودان تحسَّن، وهذا اعتراف ضمن هذا التطوُّر. واعتبر عبد الرحمن أبو خريس أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات ان زيارة المفوَّض السامي تأتي لتعزيز وضع حقوق الإنسان واستكمال جهود تطوُّر وضع حالة حقوق الإنسان، وأضاف أبو خريس، في حديثه ل ( الصيحة ) صحيح هنالك تظاهرات وحراك سلمي ديموقراطي سمحت به السلطات هذا دليل على أن الحكومة تعطي المواطن حق التمتع بحقه القانوني في التظاهر السلمي، واعتبر العنف الذي تمارسه السلطات ناتج عن خروج التظاهرات عن سلميتها وذلك برشق الأجهزة الأمنية بالحجارة وعمليات التخريب التي يقوم بها المتظاهرون والمسجلة عبر الفيديوهات وفق قوله، وأضاف أن الجهات الحقوقية على دراية بذلك، وقال لو إن المجتمع الدولي على قناعة بأن الحكومة تنتهك أوضاع حقوق الإنسان لما تمت الزيارة ابتداءً، وتابع: صحيح هنالك انتهاكات تحدث ولكنها بسبب خروج المظاهرات عن السلمية، وأشار إلى أن التظاهرات إذا خرجت عن سلميتها حتى لدى الدول الغربية فإن السلطات تمنع ذلك بشتى الوسائل .
وجدد أبو خريس، التأكيد على أن زيارة المفوَّض السامي تأتي في سياق حرص مجلس حقوق الإنسان على تعزيز حالة حقوق الإنسان، فضلاً عن أنها تمثل تأييد للوضع السياسي الراهن وحثه على مزيد من التطوير لأوضاع حقوق الإنسان في البلد.
مهمة صعبة
اختيار السودان للمرة الثانية لمجلس حقوق الإنسان وضع على عاتق السودان وحكومة الأمر الواقع مسؤولية كبيرة، لجهة أن البعثة اجتهدت ونجحت في الاستفادة التقدم والتحسُّن الملحوظ في حالة أوضاع حقوق الإنسان التي حدثت إبان حكومة الدكتور حمدوك السابقة واستطاعت عبرها الاحتفاظ للسودان للمرة الثانية بمقعده في مجلس حقوق الإنسان ممثلاً لمجموعة شرق أفريقية.
ويعتقد السفير جمال محمد إبراهيم، المحلِّل الدبلوماسي في حديثه ل( الصيحة ) أن مهمة المفوَّض السامي لحقوق الإنسان ستكون صعبة، سيما وأنه جاء معبأ بمعلومات قديمة تتحدث عن تطوُّر في أوضاع حقوق الإنسان، لافتاً إلى أن العام الماضي، الذي شهد انقلاباً على الديموقراطية شهد تراجعاً كبيراً ذلك جراء الانتهاكات التي ترتكب ضد المتظاهرين السلميين من عنف وقتل وسحل و اعتقالات طالت المتظاهرين، ويرى أن على المفوَّض الوقوف بنفسه على الأوضاع وأن يستقي معلوماته من أصحاب المصلحة، فضلاً عن الاستعانة بالسفراء الأوربيين و البعثة الأممية، وأضاف: هناك عنف غير مبرر واستعبد إبراهيم أن يتحصل المفوَّض على معلومات حقيقية من الأجهزة الرسمية، وأضاف: ملف حقوق الإنسان في السودان بسبب العنف، القتل إغلاق الكبارى، الانترنت وغيرها من انتهاكات جسيمة أصبح متسخاً و لا توجد مقارنة بين الوضع الراهن وأوضاع حقوق الإنسان إبان فترة الحكم الانتقالي و التي نال السودان جرائها العضوية في مجلس حقوق الإنسان لدورتين متتاليتين.