متابعة: النذير دفع الله
تصوير: محمد نور محكر
مشاهدات
لم يكن الحضور الإعلامي بذات الكثافة التي كان عليها في الاجتماعات السابقة، وعلى طول تلك الاجتماعات والتفاوضات دون أن تخرج للناس بجديد هو ما أعطى انطباعاً لدى مجموعة كبيرة من الإعلاميين والصحفيين بعدم الحضور بزعم أن المخرجات ستكون كسابقاتها. ولكن خاب الظن، وحدث العكس، فرغم الساعات الطوال والإرهاق والتعب، إلا أن البشريات كانت تعلو وجوه الجميع الذين بدأوا يتحركون جيئة وذهاباً مقاومة للنعاس وتجاذب أطراف الحديث حتى لا يتملك الملل الأنفس وتسود روح التراخي.
عند منتصف الليل
كان هو الموعد المضروب لانتهاء جولة التفاوض حسب إحدى التسريبات، ولكن مرت الساعة الثانية عشرة دون أي مؤشر يوحي بأن الطرفين قد توصلا لاتفاق حتى خرج الجميع لاداء صلاة الفجر، مما دعا حاملي الكاميرات للهرولة من أجل الخروج بإفادات تفك الشفرة وطلاسم الجلوس.
وعند الساعة الثامنة وخمس دقائق بدأ وفد الحرية والتغيير في الخروج من قاعة التفاوض، ومن خلفهم أعضاء المجلس العسكري معلنين انتهاء الجلسة التي سيعقبها التوقيع على الوثيقة السياسية.
قُبيل التوقيع
علي غير العادة تراص طرفا التفاوض بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير على جانبي المنصة التي توسطتها الوساطة الأفريقية ونائب رئيس المجلس العسكري، وممثل قوى إعلان الحرية والتغيير، قبل أن يتحدث إبراهيم الامين عن الحرية والتغيير موضحاً للصحفيين أنه سيتم التوقيع على الوثيقة السياسية بالأحرف الأولى، ومن ثم إرجاء التوقيع على الوثيقة الدستورية إلى يوم غد الجمعة، وهو ما أكد تلك الاحتمالات المعلنة بالتوقيع من جميع المتواجدين داخل قاعة التوقيع.
حول الوثيقتين
وثيقتان كان يجب التوقيع عليهما صباح أمس ممثلتان في الوثيقة السياسية والدستورية، حيث تتعلق السياسية بهياكل الحكم، وتعتبر ملحقاً مكملاً للوثيقة الدستورية، ولكن تفاجأ الجميع بالتوقيع بالأحرف الأولى على الوثيقة السياسية وغرجاء التوقيع على الدستورية إلى عصر يوم غد الجمعة، في جلسة تفاءل البعض أن تكون جلسة واحدة يتم الاتفاق والتوقيع على أهم وثيقة حملت في جوفها بعض نقاط الخلاف الجوهرية بين الحصانة المطلقة ومهام المجلس السيادي، سيما أن هنالك أقوالاً تتحدث عن تسريب تلك الوثيقة مما كان له أثر واضح في الخلافات بين الطرفين .
زهور السلام
بدا مبعوث الاتحاد الأفريقي ورئيس الوساطة الإفريقية محمد الحسن ولد لبات، اكثر المتفائلين بهذا الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية على نحو خاص لما بذله الطرفان من جهد منذ بداية جولات التفاوض، وقال لبات إن الاتفاق كبير جداً ويشكل خطوة حاسمة في إطار التوافق الشامل ويسهل للخطوة الثانية المتعلقة بالاتفاق حول الوثيقة الدستورية ودراسة ومصداقية الدستور للمرحلة الانتقالية، مشيداً بروح التضحية والمسؤولية والإخلاص للوطن من ذكاء وفطنة ودقة امتاز بها جانبا التفاوض، والوساطة الوطنية لما امتازت به من مرافقة فعالة، وكذلك المنظومة الدولية التي دعمت المبادرة منها المبادرة الإثيوبية لأبي أحمد، مبعوث الرئيس الأثيوبي وسفير الاتحاد الأفريقي وسفير أثيوبيا داعياً الصحفيين أن يسقوا زهور السلام والبعد عن ما يفرق بين الشعب.
دموع أثيوبيا
لم يستطع مبعوث رئيس الوزراء الأثيوبي محمد درير السيطرة على دموعه التي فضحت أمره وكشفت ما يحمله للشعب السوداني من حب وتقدير، مبينًا أنه لا يمكن أن نطلق على الطرفين كلمة (فرقاء أو طرفي الخلاف)، وإنما الإخوة السودانيون، وقال درير ضمن خطابه إن الشعب السوداني لا يستحق ما يحدث له رغم الحصار الاقتصادي المفروض، وكل المرارات استطاع الجميع أن يكونوا شركاء في مرحلة حاسمة تتعلق بالسودان وشعبه، مضيفاً: يجب أن نسلك الطريق للخروج من بوتقة الفقر والحصار المفروض عليه، مشيراً أن التوقيع الذي تم يستحق أن يكون يوماً تاريخياً، مضيفاً أن السودان اتهم بالإرهاب زوراً، ولكن حان الوقت لبداية الديمقراطية والتحرك نحو الأمام، فهنيئاً لأفريقيا، مثمناً جهود رئيس الاتحاد الأفريقي رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد لدعمهم عملية السلام.
صوت الشهداء
كان إبراهيم الأمين عضو قوى إعلان الحرية والتغيير ونائب رئيس حزب الأمة الذي وصف الاتفاق باللحظة التاريخية والعظيمة، حيث يقف أبناء السودان في كل أركانه يحتفلون بيوم خالد، قال إن أصوات الشهداء حاضرة بيننا في مثل هذه اللحظات خاصة وأنهم ضحوا بدمائهم من أجل هذه اللحظة والمرحلة الجديدة في السودان، وأكد الأمين أن الثورة السودانية أحدثت تغييراً سياسياً ليس على مستوي السودان بل أصبحت ثورة يعتز ويفتخر بها الجميع لما حققته من تغيير مطلوب لما شكله الشباب السوداني من درجة عالية من المسؤولية تجاوز معها الشباب كل ألوان وأشكال القبلية والعنصرية والجهوية بل كانو ا فقط ينشدون التغيير.
وكرر الأمين أن المرأة السودانية كانت ولا زالت أيقونة مفخرة يجب أن نعتز بها، بل أصبحت تاجاً لكل سوداني و(كنداكة)، تمثل نصف المجتمع بعد مساهمتها في الثورة. مشيراً أن المرأة أصبحت تمثل ثلاثة أرباع المجتمع.
وقال الأمين إن الثورة أخرجت وأعادت لنا روح التنوع وقبول الآخر، لذلك هي روح حقاً عليها أن تستولي وتأخذ مكاناً وحيزاً لإدارة البلد. وثمن الأمين دور السودانيين في الخارج الذين ساهموا بكل جهد مادي وعيني لإنجاح الثورة، مطالباً الجميع بالاعتماد على أنفسهم.
وأقر الأمين بأن الشعب السوداني عانى الكثير من الأنظمة الشمولية التي نهبت أموال الشعب، مشدداً بأن الحرية لا تتجزأ فهي لنا ولغيرنا، مناشداً كل الأطراف التي وقعت على الاتفاقية أن تتعامل مع كل السودانيين على حد سواء .
من أجل الوطن
نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق أول محمد حمدان دقلو، قال إن التوقيع بالأحرف الأولى حول الاتفاق على الوثيقة السياسية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وهو لحظة تاريخية وفتح عهد جديد في تاريخ السودان.
وأضاف حميدتي أن هذا الاتفاق انتظره الشعب كثيرًا، مبيناً أنه تم برعاية الثورة والشهداء، وأوضح حميدتي أن الشباب هم وقود الثورة، مشيداً بدور الشهداء وأمهاتهم، مؤكداً أن الاتفاق على الوثيقة الدستورية سيتم بإذن الله من أجل الوطن وشهداء الوطن.