التطبيع مع إسرائيل.. لم يُجدِ فتيلاً
تقرير- مريم أبَّشر
قال القيادي بالحرية والتغيير الناطق باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله، إنّ الكيان الصهيوني وقوى إقليمية ودولية ـ لم يسمها ـ تنصّلت من دعم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بعد أنّ زيّنت له الانقلاب.
وذكر خلف الله وفق ما أوردته (الانتباهة) الصادرة، السبت، أنّ القوات المسلّحة الأكثر تضرّرًا من الانقلابات العسكرية وأنّها الضحية الأولى.
ومعلوم أن السودان أصبح خامس دولة عربية، تطبع علاقاتها مع إسرائيل، بعد مصر والأردن، والإمارات والبحري، كان من المؤمل أن يفضي توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، إلي إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وفتح الابواب أمام السودان مع دول أخري حليفة لإسرائيل مثل الولايات المتحدة ودول اوربية ومع مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، لكن الامر لم يمضي كما كان مرتب ومأمول.
وكانت أحزاب وقوى سياسية كبيرة واجهت عملية التوقيع علي اتفاق السلام مع اسرائيل بانتقادات لاذعة، وأعلنت معارضتها له وقالت: أي خطوة من هذا القبيل يجب أن تتم الموافقة عليها من قبل الشعب عبر البرلمان.
وحصل السودان حينها إبان حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، على مساعدات مالية من الولايات المتحدة والتي باتت متاحة بعد سحب الخرطوم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. وفك العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه.
ليس جديداً
لكن السفير والخبير الدبلوماسي الصادق المقلي، نبَّه إلى إن حديث القيادي بالحرية والتغيير عادل خلف الله، الذي أشار إلى تنصل إسرائيل وقوى إقليمية عن دعم الفريق البرهان بغير الجديد، وقال: إن الولايات المتحده أكدت عبر حديث من وزير خارجية أنها وجهت ومنذ الأسبوع الأول بالتنسيق معها بعدم التعامل والتعاون مع الانقلاب في السودان، مضيفاً أن واشنطن وكل حلفائها أوقفوا التعاون مع السودان ورهنوا استئنافه بعودة الديموقراطية والحكم المدني. كما طالبت -لاحقاً- إسرائيل بعدم التعاون مع السودان ووقف التطبيع.
خطأ كبير
خطوة التطبيع ابتداءً كان من الأخطاء الكبيرة ولم يكن لها داعٍ أصلاً وذلك، لأن الأعباء التي يحملها السودان من حصار وغيره كان يمكن أن تزول وتتعالج بمجرَّد سقوط نظام البشير، ويضيف البروفيسور عبده مختار، أستاذ العلاقات الدولية والمحلِّل السياسي في تعقيبه لـ(الصيحة) حول ما أثير بشأن تخلي إسرائيل عن البرهان، وأضاف: إن رئيس مجلس السيادة استغل وقتها ضعف الحكومة التنفيذية والقيادة فيه وعمد على الدخول والتغوُّل في مهامه لجهة أن الشأن الخارجي مسؤولية الحكومة التنفيذية و ليس من اختصاصات مجلس السيادة، وقال: كان المؤمل اعتراض رئيس مجلس الوزراء وأن لا يترك الأمر يمر وأن لا يدع فكرة التطبيع تبارك، لافتاً إلى أن الحقيقة الثابتة أن الشعب السوداني لن يحقق شيئاً من التطبيع ولن يصب في مصلحته، وتابع البروف مختار، بل إن الأمر زاد سوءاً أكثر من ذي قبل، ولفت إلى أن إسرائيل لا يمكن أن تؤتمِّن على شئ، وظلت تمارس سياسة الابتزاز طوال تعاملها مع الشعب الفلسطيني وليس لها عهد ولا ثقة، وأشار إلى خطوة التطبيع جاءت خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، متقلب الأطوار، وقطع بأن خطوة التطبيع كانت خطأ كبيراً وعدم قراءة للواقع وأن هذه الخطوة واحدة من أهم الأخطاء التي ارتكبت خلال الفترة الماضية.
فن الممكن
يقال إن السياسة فن الممكن، ودائماً أي سياسي مسؤول ينشد دائماً في كل خطواته الغاية الوطنية والمصلحة العليا لبلاده فوق كل شئ، والفريق البرهان ربما كان يسعى من وراء خطوة التطبيع مع إسرائيل مراعاة مصالح السودان العليا، ويضيف الخبير العسكري عبد الرحمن أرباب، في إفادته لـ(الصيحة)، وأيضاً هدف لخلق علاقات ممتازة مع المجتمع الدولي خاصة وأن معظم الدول لديها علاقات مع إسرائيل، وتابع: صحيح أن السودان نظَّم مؤتمر اللاءات الثلاث عام ٦٧ الذي تمسَّك بالثوابت ( لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض، مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه).
أضف إلى ذلك فإن السودان يعتبر من أكثر الدول التي تشدَّدت في قطع علاقاتها مع إسرائيل، ولكن يبدو أن الحكومة حينها كانت تبحث عن مصلحة البلد خاصة وأن السياسة متقلبة ولا توجد لها ثوابت ورغم قوله بأنه لا علم له بأن إسرائيل تخلت على البرهان، إلا أنه لم يستبعد، وأضاف كله وارد ويمكن تستخدمه ككرت ضغط.
كيد سياسي
خطة إسرائيل تجاه الدول العربية معروفة سواءً أكانت مع السودان أرض اللاءات الثلاث أو غيرها ليست فاشلة تجاه مساعيها للتطبيع ولن تتخلى عن الجنرالات بخلاف صداع حسين، صاحب المشروع السياسي ضد التطبيع مع إسرائيل، وهذا ما يراه أستاذ العلاقات الدولية الدكتور أسامة، مضيفاً أن خطوة التطبيع لم تكن صائبة ابتداءً، غير أنه وصف قوى الحرية والتغيير بأنها فاقدة للبوصلة وأن مثل هذا الحديث عبارة عن إشاعات تطلقها وهي في وضع لا تحسد عليه، على حد قوله، بعد أن فشلت فشلاً ذريعاً، مضيفاً بأن الحرية وجدت فرصة كبيرة لإزكاء روح الديموقراطية والحرية ولعب دور فاعل في تقاسم الثروة والسلطة، وانتقد مكوِّناتها من الأحزاب وقال إنها فاقدة الديموقراطية في ذاتها . كما وجه أستاذ العلاقات الدولية انتقادت لرئيس مجلس السيادة مهندس التطبيع ووصفه بالمتردِّد ولا يثبت على قرار ولا تدري نحو أي اتجاه يمكن أن يصوِّب، لكنه نبَّه إلى أن حديث قوى الحرية والتغيير عن تخلى إسرائيل عنه يأتي في إطار الكيد السياسي وتبادل الاتهامات التي تضرَّر منها الوطن والشعب السوداني.