تحديات التغيُّر المناخي.. هل السودان في مرمى الكارثة؟
تحديات التغيُّر المناخي.. هل السودان في مرمى الكارثة؟
تقرير- نجدة بشارة
أكد محمد أحمد صباح الخير، مدير التوقعات الجوية بالهيئة العامة للأرصاد الجوية في تصريح لـ(الصيحة) أن السودان سوف يتأثر سلباً وإيجاباً بالتغيُّرات المناخية وأزمة الاحترار العالمي أو (الاحتباس الحراري) وتداعياتة الكارثية .
وأوضح صباح الخير، أن التغيُّر المناخي الذي بدأت تفاصيله تظهر قد تتفاوت في درجات تأثره من دولة إلى أخرى، بينما تأثيراته قد تكون أقل في السودان، لجهة أن المناخ الاستوائي يتميَّز بارتفاع درجات الحرارة التي قد تصل إلى (40) درجة مئوية، مقارنة بالدول الأوربية التي قد تواجه كارثة بسبب الاحترار، تؤدي إلى ذوبان الجبال الجليدية في الغالب، ولأن الطقس في قارة أوربا مرتبط بتساقط الثلوج وتكوين الأنهار الجليدية، لذلك هذه الدول تتوقع التغيُّر الكارثي مع تغيُّر المناخ .
سلباً وإيجاباً
وقال صباح الخير: إن التغيُّرات المتوقعة في السودان تتدرج بين حدوث موجات فيضانات شديدة وجفاف طويل في البلاد.
وأضاف: لاحظنا مؤخراً زيادة في معدلات الأمطار، خلال العشر سنوات الأخيرة، الشيء الذي يبشر بزيادة الإنتاج الزراعي في البلاد، لكن في ذات الوقت قد يواجه السودان ضرر انخفاض في إجمالي الناتج الداخلي لديه، مع ازدياد الأمطار الغزيرة مثلما أثرت الفيضانات على أكثر من (300) ألف شخص.
بجانب ذلك توقع سلباً حدوث دورات من الجفاف، وأردف بأن أي تغيير في المناخ سوف يؤثر تلقائياً على البيئة والتركيبة المجتمعية .
وحذّر تقرير صدر عن محادثات “كوب26 ” المرتبطة بالمناخ في غلاسكو من أن الدول الـ(65) الأكثر عرضة لتداعيات التغيُّر المناخي في العالم، وعلى رأسها السودان، ستشهد انخفاضاً في إجمالي ناتجها الداخلي بمعدَّل (20) في المئة بحلول العام 2050 و(64) في المئة بحلول 2100م، إذا ارتفعت درجة حرارة العالم بـ(2,9) درجة مئوية.
وجاء في الدراسة التي أعدّتها منظمة “كرستيان أيد” أنه حتى وإن تم الحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم لتبقى عند (1,5) درجة مئوية، أي الهدف الأكثر طموحاً ضمن اتفاقية باريس للمناخ، فإن إجمالي الناتج الداخلي لهذه الدول سيتراجع بنسبة (13) في المئة بحلول 2050 و(33) في المئة بحلول نهاية القرن الحالي.
وحتى الآن، ارتفع معدَّل حرارة سطح الأرض بـ(1,1) درجة مئوية، مقارنة بأواخر القرن التاسع عشر، وتبيَّن دراسات أن انبعاث ثاني أكسيد الكربون يقترب مستويات قياسية.
وتظهر دراسة “كرستيان أيد” بأن أكثر من ثلث دول العالم تحتاج بشكل عاجل إلى المساعدة للتمكن من تعزيز قدرة اقتصاداتها على الصمود وتحمّل موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف التي فاقمها الاحترار العالمي الشديد والمميت.
إلى الهاوية
قبل وقت قصير من انطلاق فعاليات مؤتمر المناخ العالمي كوب (27) في مدينة شرم الشيخ بمصر بداية الأسبوع الجاري ، كانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، قد حذرت من أن العالم يتجه نحو الهاوية بشأن الاحتباس الحراري وتداعياته الكارثية.
فيما وصفت الحكومة الألمانية التي تلعب دوراً أساسياً في بناء جسور بين البلدان الصناعية والنامية، وصفت في مستهل مؤتمر المناخ العالمي (COP 27) احتواء أزمة المناخ بأنه أولوية قصوى. .
مما استدع إجتماع ممثلون من حوالي (200) دولة، لبحث كيفية احتواء ظاهرة الاحتباس الحراري وكيف يمكن تمويل الأضرار المناخية.
السودان في مرمى الكارثة
وشارك السودان عبر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، في مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيُّر المناخ .
ويعد المؤتمر من أهم المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة تمهيداً لحوكمة المناخ، واتخاذ إجراءات بشأن مجموعة من القضايا الحاسمة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وبناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولاً إلى الوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية، وتسعى الدورة الـ(27) لمؤتمر الأطراف إلى تجديد التضامن بين البلدان لتنفيذ إتفاق باريس .
وستناقش القمة، قضية تأثير التغيُّر المناخي على العالم، وكيفية التكيف معها وحشد التمويل اللازم للمشروعات الخضراء، للحد من مخاطر تأثير المناخ على اقتصاديات العالم وحياة الأجيال الحالية والقادمة من البشر، وكما ستغطي عدداً من المحاور تشمل (الطاقة- المياه- البحث العلمي- التنوع الحيوي- الحلول الممكنة- التمويل- المجتمع المدني-وضريبة الكربون وصفر نفايات وإنبعاثات كربونية.
تغيُّرات ولكن؟
يقول محمد فيصل عز الدين – كرسي اليونسكو للمياه في مقال له: إن الكون شهد عبر تاريخه الجيولوجي منذ القدم تغيُّرات كبيرة في مناخه نتيجة لتقلبات درجات الحرارة والتي ازدادت بوتيرة سريعة بعد الثورة الصناعية، حيث تقع جل المسؤولية على النشاط البشري في بحثه عن الطاقة وتبعات ذلك من انبعاث الغازات بكثافة في الغلاف الجوي للأرض، أو ما تعرف بالغازات الدفيئة بسبب حرق الوقود الإحفوري، وإزالة الغابات بغرض الزراعة أو الرعي، كل ذلك أدى إلى الاحتباس الحراري والذي بدوره زاد من تسخين الجو وأثر في تغيُّر المناخ بمعدَّلات متسارعة. إن التغيُّر المناخي لا يتعلَّق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة، بل يعتبر تهديداً حقيقياً للحياة البشرية يمكن أن يؤثر على الإنتاج الزراعي والرعي وموارد المياه والمناطق الساحلية والطاقة، وفترات الجفاف المتعاقبة، وهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات العالية. والإنسان يتعامل مع هذه المتغيرات بشكل يومي دون أن يلحظ حجم التهديد الذي يواجهه وانعكاساته على طعامه، وشرابه، وصحته، واستقراره الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فتغيُّر المناخ عامل مشترك يتدخل في كل جوانب حياتنا ويؤثر فيها.
في دراسة (للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية) أشار إلى أن السودان قد شهد في السنوات الأخيرة زيادات في درجة الحرارة والفيضانات وتقلب هطول الأمطار والجفاف المتزامن. وأن لهذا التغيُّرات تأثيرها على الاقتصاد من خلال تأثيرها المباشر على الزراعة كمصدر أساسي لكسب الرزق والتي تعد من أهم الموراد المالية التي تساهم في الناتج الإجمالي المحلي، إذ أن التقلب المناخي الشديد سيكلف السودان بشكل تراكمي ما بين 2018 و 2050 مليارات الدولارت، مما سينعكس سلباً على مشاريع التنمية ويثقل خزينة الدولة ما لم تضع الدولة الخطط والاستراتيجات الوطنية لتحديد التدخلات التي يمكن أن تساعد في تخفيف هذه الآثار.
وفي تقرير لـ(المعونة الأمريكية عن تحديات تغيُّر المناخ في السودان) يذكر أن العديد من المؤشرات تصنف السودان من بين الدول الأكثر ضعفاً وقابلية للتأثر بتقلب المناخ مما يشكِّل تحدياً كبيراً أمام جهود السودان المستمرة لمكافحة الفقر، إذ أن التوقعات المناخية تشير إلى زيادة في درجات الحرارة وزيادة عدم إمكانية التنبؤ بالأمطار الموسمية، فضلاً عن الزيادة في رقعة المناطق المتأثرة بالجفاف، والفيضانات، والعواصف، وكل ذلك في ظل زيادة في النموء السكاني، وزيادة الطلب على المياه.