7 نوفمبر 2022م
زار الجنرال جياب أحد قادة الثوار الفيتناميين ضد (الولايات المتحدة الأمريكية)، عاصمة دولة عربية تتواجد فيها فصائل فلسطينية ثورية في سبعينات القرن الماضي، وشاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل من سيارات ألمانية فاخرة وسيجار كوبي وبدل إيطالية فاخرة وعطور فرنسية غالية الثمن وفوّاحة، وقارن ذلك بحياة الثوار الفيتناميين (الفييت كونج) في الغابات الفيتنامية، فقال للثوار الفلسطينيين (لن تنتصر ثورتكم)، فسألوه لماذا؟
فأجابهم لأنّ الثورة والثروة لا تلتقيان.. الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب، والثورة التي يغدق عليها المال يتحول قادتها إلى لصوص، والثورة التي لا برنامج لها تكون قابلة للسرقة.
وإذا رأيت أحد دعاة الثورة يعيش مترفاً، ويسكن في قصر أو فيلا، ويركب الفارهات، ويأكل أشهى الأطعمة، ويلبس أرقى الملابس، ويعيش في رفاهية وترف والشعب يعيش في الأكواخ وبيوت الطين والمخيمات، ويكابد ويكابس في المواصلات ويلقط من الكوش، ويتلقّى المُساعدات الدولية من الخيِّرين للبقاء على قيد الحياة، فاعلم أنّ الثورة سُرقت وغيِّر مسارها، وسيطر عليها الطفيليون والانتهازيون، مستغلين الشعار دون العمل به، واعلم أنّ القيادة لا ترغب في تغيير حقيقي لواقع حال المواطنين، وأنّ قادة الثورة قد استمتعوا بمطايب وخيرات البلاد على حساب الثوار، وخَاصّةً إذا كان شعارهم مزيداً من دماء الثوار.
الثورة تنتصر بالعمل وتغيير الحال وإصلاح الحال إلى ما هو أحسن، ولا يُمكن أن تنتصر ثورة قادتها يبررون ولا يحدثون تغييراً ملموساً لصالح المواطن المسكين، فالثورة التي تقوم على شعار دون برنامج لن تحقق أهدافها، ويسيطر عليها الانتهازيون والرأسمالية الطفيلية والسفارات وأجهزة المخابرات والدول الطامعة في خيرات أرض الثورة، وقد تسيطر هذه الدول على قادة الثورة وتُحوِّلهم من ثوار إلى عملاء، وتُحوِّل أرض الثورة إلى جحيم فتشعل فيها الفتن والحروب، وتقسم البلد إلى مجموعة من الدويلات كل أوهن من بيت العنكبوت، لن تنتصر ثورة ترهن قرارها إلى الخارج، ولا يمكن أن يتقدم بلد بدون قرار وسيادة وطنية، والشواهد في العالم (اليابان) دولة بلا موارد، ولكن دولة بها إرادة وطنية صارت من السبعة العظام.
دولة عربية لديها من الموارد ما يسيل لعاب كل العالم الآن في مؤخرة العالم كالسودان، يتصارع أهلها بين مدنية وعسكرية، وصراع خارجي في محطة داخلية، المستفيد صاحب المشروع الخبيث دويلة أو دول، أو منظمات أو تنظيمات أو حتى أفراد باسم الثورة، والشعب ركب (التونسية)!! إنها حكم وحكم التاريخ.
أفيقوا يا أهل السودان وثواره، هذه الشعارات التي يُروِّج لها الآن في السودان، وفي الشارع السوداني دلاقين وقمامة تُباع لنا لا قيمة منها عملة غير مبرأة للذمة.
أفيقوا يا أهل السودان، كفانا من بيع الوهم.
العالم كله يتقدم ونحن إلى الخلف نتحدث عن مدنية وديمقراطية بارت في أوطانها لا سوق لها في منشأها.
لقد كشفت الحرب الأوكرانية الروسية رخصة السلعة وبوارها.. إنها كذبة صدقناها طلعت (فالصو).
الربيع العربي صار مشروعاً مخابراتياً لتفكيك الدول العربية لتسهل سرقة مواردها، وإهانة شعوبها وهوانها وقهرنا وإذلالنا باسم هذه الشعارات الزائفة.
إنها محنة نسأل الله تعالى أن ننتبه ونخرج من هذه الأزمة عاجلاً.