جدلية إلغاء (السيادي) واتفاقية السلام.. (متاريس) أمام الحلول
جدلية إلغاء (السيادي) واتفاقية السلام.. (متاريس) أمام الحلول
الخرطوم- صبري جبور
في ظل تعثر حلول الأزمة السياسية.. تجري بعثة الأمم المتحدة اجتماعات مكثفة مع مختلف الأطراف السياسية للوصول إلى توافق يضمن حلا متكاملا للأزمة السياسية في السودان.. فيما عقد فولكر بيرتس اجتماعات بقادة المؤتمر الشعبي والجبهة الثورية والحزب الشيوعي ، كل على حده، كما عقد اجتماعا مع ممثلي جماعة أنصار السنة والتحالف الوطني بقيادة التجاني السيسي .. فيما تصاعدت موجة الانتقادات الموجهة ضد اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والجبهة الثورية .. أكد مراقبون إن أحداث العنف في دارفور والنيل الأزرق، برهنت عدم وجود سلام، وإن الاتفاق الذي تم كان مجرد تعاقدات بين أفراد، باعتبار أن هناك أخطاء لازمت الاتفاق لاسيما فيما يتعلق بالمشورة الشعبية .. الأمر الذي جعل أصوات كثيرة تطالب بالغائه.. في المقابل ترفض الحركات المسلحة الموقعة على السلام المساس بالاتفاقية مهددة بالعودة إلى الحرب حال مراجعة أو إلغاء الاتفاقية .. فيما تشهد الخرطوم وبعض الولايات احتجاجات تطالب بالحكومة المدنية، وأخرى تطالب بطرد المبعوث الأممي فولكر بيرتس .. كلها تداعي تزيد من تعقيدات المشهد السياسي، لاسيما مع قرب الوصول إلى حلول مع بعض الجهات والاطراف تنهي الأزمة السياسية الحالية.
تحفظ الثورية
رفضت الجبهة الثورية السودانية المقترح المقدم من المكون العسكري بإلغاء مجلس السيادة واستبداله بشخصية تمثل “رأس الدولة” مشددة على أن ذلك يعتبر خرقا لاتفاق السلام.
وعقدت قيادة الجبهة برئاسة الهادي إدريس ومشاركة الطاهر حجر و مالك عقار، وأسامه سعيد اجتماعا مع الآلية الثلاثية برئاسة فولكر بيرتس، الأربعاء الماضي لمناقشة موقف التنظيم من المقترحات المرفوعة من المكون العسكري حول مسودة الدستوري الانتقالي المقترحة من اللجنة التسييرية لاتحاد المحامين.
خرق الاتفاقية
وقال المتحدث باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد لـ“سودان تربيون” إنهم ابلغوا الآلية الثلاثية بتحفظهم على اقتراح المكون العسكري بإلغاء مجلس السيادة والاستعاضة عنه بشخص واحد يكون رأسا للدولة.
وأضاف ” إلغاء المكون العسكري في مجلس السيادة يعتبر خرقا واضحا لاتفاقية جوبا للسلام لأنه يتعارض مع اتفاقية السلام ويناقض مشروع الدستور الانتقالي، وتغيير هياكل الدولة خلال الفترة الانتقالية يعتبر نقطة أساسية بالنسبة للجبهة”.
وشدد اسامه على أن اتفاقية جوبا للسلام هي عقد بين الأطراف الموقعة عليه كما أنها الأساس القانوني الذي يقوم عليه بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الانتقال الديمقراطي في السودان.
اتفاقية ميتة
تعليقا على هذه المطالب.. نعى عضو مقاومة الخرطوم مجدي تيراب، اتفاقية جوبا للسلام، وقال إن الاتفاقية ولدت ميتة، مشيرا إلى أن الاتفاقية ابرمت بين الحكومة ومجموعة محدودة لاتمثل كل أصحاب المصلحة، فضلًا عن غياب أصحاب المصلحة أنفسهم من عمليات الحوار الذي أفضى لهذا الاتفاق .
وأكد تيراب في تصريح لـ(الصيحة)، أن أوضاع النازحين واللاجئين لم تبارح مكانها لجهة أن الاتفاق (ميت )، وفصل على قيادات الحركات من حصص وامتيازات، ولفت تيراب أن موقعى الاتفاق ماعندهم وجود مجتمعي على أرض الواقع، متهما قيادات الحركات بعدم الجدية لتحقيق السلام، مشيرا إلى عدم سعيهم لنزع السلاح، ونوه تيراب إلى أن المشاكل الأخيرة في النيل الأزرق سببها اتفاقية السلام، بما في ذلك الأحداث في دارفور والشرق.
وبشأن المطالبة بإلغاء مجلس السيادة، قال إن المجلس في نظر الثوار لا يمثل شخص، باعتبار أنه غير موجودا، في ظل عدم وجود حكومة منذ عام مضى.
وشدد تيراب أن المقاومة ماضية في التصعيد الثوري، من أجل الضغط على الحكومة الحالية.
تقييم وتقويم
المحلل السياسي الطيب العباسي، قال إن اتفاقية جوبا أصبحت شبة مشلولة، وأضاف إلى اليوم 90% من جداولها لم تنفذ، وشدد على أنهم أكدوا على ضرورة مراجعة وتقييم وتقويم الاتفاقية عبر مفوضية التقييم والتقويم من أجل أن يكون السلام شاملا ليضم بقية حاملي السلاح.
وقطع العباسي في تصريح للصيحة أمس أن مفوضية التقييم والتقويم تهدف إلى مصلحة الاتفاق وتوضح مكامن نقاط الضعف في التنفيذ.. وبشأن الدعوة لإلغاء مجلس السيادة، قال العباسي، إنه ليس مع هذه الخطوة، بل مع وجود مجلس سيادي مدني بالكامل.
اشراقات الحكومة
يرى القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير والمتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني نور الدين بابكر أن “اتفاق جوبا” للسلام يمثل أحد إشراقات حكومة الفترة الانتقالية من حيث مخاطبته لجذور قضية الحرب والسلام في السودان، بيد أن المطالبة بمراجعته تأتي من باب تطويره كتجربة بشرية قابلة للنقد، إذ لا يخلو من بعض النواقص والأخطاء هنا وهناك.
ويقول بابكر لـ “اندبندنت عربية” إن هناك خلطاً سواء بوعي أو من دونه، ما بين اتفاق السلام كخطوة باتجاه طي قضية الحرب في السودان وما بين الموقف السياسي لحركات الكفاح المسلح التي انحازت إلى الانقلاب، مضيفاً أنه “موقف خاطئ لأن تحقيق السلام يحتاج إلى مناخ ديمقراطي وشروط ليس من بينها وجود حكم شمولي عسكري تغيب فيه الديمقراطية والحرية”.