ميرغني عطا المنان يكتب : الحزب الشيوعي لا يعمل منفرداً
4 نوفمبر 2022م
تعقيباً على إفادات للأستاذين جعفر حسن وعادل المفتي
في إفادات لصحيفة “الصيحة” بتاريخ 30 أكتوبر المنصرم، وتحت عنوان “الحزب الشيوعي.. الوقوف منفرداً”، قال الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير جعفر حسن، “إن الحزب الشيوعي يتحدث عن الوثيقة الدستورية وهو شريك أصيل في وضعها” الحزب ليس شريكاً أصيلاً في صنع الوثيقة المعيبة التي أخرجت، وسرعان ما انتقدها بل رفض التوقيع عليها، لأنها قد كرست لهيمنة العسكريين على السلطة ، كما أنه ليس شريكا في تزويرها وغض الطرف عنها.
أما حديثه عن انهم في الحرية والتغيير اعتبار أن ما يجري هو بمثابة معارك انصرافية لا قيمة لها، نؤكد له أن ما يجري حالياً ليست معارك انصرافية إنما هي معارك سياسية مهمة، توضح الحقائق لكل بنات وابناء الشعب السوداني الذين قدموا وظلوا يقدمون الشهداء والجرحى في معارك الحرية والكرامة، حتى يتحقق الانتصار.
وطالب الأستاذ جعفر حسن من الحزب الشيوعي وكل قوى الثورة أن يتوجّهوا للمعركة الكبرى لإسقاط الانقلاب في هذه الفترة …الخ
هذا الحديث المقبول ومتزن، وأردف جعفر حسن: (نطلب من إخوتنا في الحزب الشيوعي أن يوقفوا هذه المزايدات).
طبعاً هنالك مرض سياسي اسمه الاستعداء والهجوم على الحزب الشيوعي ولا يحلو الحديث وتدبيج المقالات إلا بتوصيفه (بالضجيج) وإلا فما معنى تذييل الحديث الذي أشرنا لمعقوليته واتزانه بكلمة (المزايدات) وفي نفس الوقت نطلب تأجيل المعارك؟
نعم حزبنا على استعداد للاحتكام للشعب الذي يقيم من الذي قام بالهبوط الناعم ومن الذي عمل ضد مصلحة الدولة السودانية وفي أي زمان وهي عملية لا تؤجل لأنها تعنى بإصلاح وتصحيح مسيرة الثورة.
أما المقرر السابق للجنة اصلاح قوى الحرية والتغيير الاستاذ عادل المفتي (فحديثه عجب) فقد أكد أن الهجوم والعداء للحزب الشيوعي عند البعض ضرورة لإبراء الذمة، وإعلان الموقف المتوهم للآخرين. فبدأ يقول: (من موقف الحزب الشيوعي وإصراره على العمل المنفرد واضح انه موقف بدون أهداف لن يصل لأية نتيجة طالما هناك انقلاب)، ويواصل قائلاً: (فالسؤال هنا ما الأدوات التي يمكن استخدامها لإسقاطه) ويزيد محللاً الموقف: (معروف في البداية أن تتم تهيئة الجيش للانحياز لمصلحة الشعب. وهذا ما حدث في كل الانتفاضات التي أطاحت بالديكتاتوريات في السودان. لكن واضح ليس لدى الحزب الشيوعي أي أداة لإسقاط الانقلاب وما يظهر منه هو مجرد شعارات لاستقطاب الشارع واستمالته لجانبه لتقوية الجبهة التي يسعى لتشكيلها لكن ليس هناك شيء ظاهر من الحزب الشيوعي يمكن أن نراهن عليه لإحداث التغيير).
ورداً على السيد عادل المفتي نبدأ بقوله (إن موقف الحزب الشيوعي واصراره على العمل المنفرد واضح انه موقف بدون أهداف لن يصل لأية نتيجة طالما أن هناك انقلابا) لم يوضح أو يشرح الاستاذ عادل موقفاً واحداً للحزب للعمل بمفرده وكيف هي بلا أهداف؟
مع ذلك نقول إن الحزب منذ تأسيسه عمل على انجاز التحالفات المرحلية والثابتة (التكتيكية والاستراتيجية) فتحالف مع أحزاب من اليمين والوسط لإسقاط الحكومات الديكتاتورية وأيضاً ساهم في التحالفات النقابية (التجمع النقابي) حتى سقوط النميري. وحتى قبل وخلال ثورة ديسمبر المجيدة شارك الحزب في تحالف (قوى الاجماع) ثم تحالف قوى الحرية والتغيير.
واذا اردت أن تسمى الخروج من تحالف الحرية والتغيير عملا فرديا فهذا شأنك، لأن الخروج من الحرية والتغيير أملته الضرورة، كما أشار الحزب في كل وثائقه، ومؤتمراته الصحفية وتصريحات كوادره، لذلك أنت من تصر على أن الحزب يعمل منفرداً حتى تصل لاستنتاج (يريحك).
ولعل الاستاذ عادل المفتي لا يعرف أن الحزب الشيوعي يعمل الآن على توسيع دائرة المشاركة في تحالف قوى التغيير الجذري. وهذا يؤكد لكل ذي بصر وبصيرة أن الحزب الشيوعي لا يعمل منفرداً، وسوف يصل حتماً لنتائج إيجابية وتحقيق أهداف الثورة طالما أن هنالك انقلابا وإن طال النضال.
ويتساءل الاستاذ عادل: (فالسؤال هنا ما الأدوات التي يمكن استخدامها لإسقاطه؟) ويستمر في نفس الوجهة قائلاً: (واضح ليس لدى الحزب الشيوعي أداة لإسقاط النظام) علماً بأن ادوات الحزب لاسقاط الانقلاب هي الانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني.
كما نؤكد أن البرنامج الانتخابي للجبهة المعادية للاستعمار (قبل أن تتحول لاسم الحزب الشيوعي السوداني) في العام 1954 كان يعبر عن تحالف الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين، وتلك هي الأداة الأولى، ولاحقا تم تكوين الاتحاد النسائي، واتحاد الشباب في مراحل لاحقة. وبعد أن انتظمت الأعداد المتزايدة في صفوف الحزب من الطلاب والعمال والمزارعين والمهنيين كوّنوا قطاعاتهم المهنية والعمالية والطلابية والجماهيرية في الأحياء كالجبهة الديمقراطية والنقابية والقطاعات المهنية والتحالف الديمقراطي في الأحياء. كل هذه المكونات الحزبية تنسق وتتحالف مع التنظيمات النقابية والجماهيرية الديمقراطية لتشكل أداة ضغط للأنظمة الديكتاتورية واستنهاض الوعي الثوري في المراحل المختلفة وهو نشاط يتجدد حتى بعد اسقاط انقلاب 25 أكتوبر لتتشكل وتتوسع مجموعة التغيير الجذري لإسقاط السلطة الانقلابية.
ومن خلال الخطط المرحلية ومواقف وتكتيكات السلطة الانقلابية ومعرفة متطلبات الجماهير تبرز الشعارات ويعمل الحزب والقوى الثورية لإعلانها والتبشير بها وترسيخها اعلامياً وفي الندوات والتظاهرات والمواكب، والوقفات الاحتجاجية والإضرابات المطلبية والسياسية حتى العصيان المدني وهي وسائل وأدوات جرّبها شعبنا، وما يحدث الآن هو تجديد وتطوير لتلك الوسائل لتتناسب مع حجم ومستوى القمع والعنف الذي تمارسه السلطة الانقلابية ضد الشعب الأعزل والمسالم.
أما تهيئة الجيش لا تتم في البداية كما جاء في حديثك. فالبداية هي تعبئة الشارع أولاً كما حدث ويحدث في كل الثورات. وتهيئة الجيش مرتبطة تماماً باستمرار الثورة وعنفوانها. وتصاعدها وفي اللحظة الحاسمة ينحاز الجيش للثورة.
ومبادرة أفراد من القوات المسلحة بتضامنهم مع اعتصام القيادة العامة تؤكد حدوث الانحياز الكامل للثورة دون افتعال وتملق لاستغلال المشاعر والكسب السياسي.
يواصل الاستاذ عادل نقده للحزب ليقول: (وما يظهر منه وأداته مجرد شعارات لاستقطاب الشارع واستمالته لجانبه لتقوية الجبهة التي يسعى لتشكيلها).
هذا الوصف يعد استهانة بالشعارات الثورية (سماها مجرد شعارات)، فالشعارات عادة ما تعبر عن المبادئ والمواقف السياسية والنضالية وتلخص أهداف المرحلة وتعبر عنها ومتفق عليها من الأغلبية الجماهيرية.
واستقطاب الشارع لا يأتي بالشعارات، بل بالالتزام والاقتناع بالمعاني والقيم والمدلولات التي تحملها الشعارات، لكي تتحول لمواقف سياسية ثورية عملية تؤدي لتراكم نضالي يصب في عملية إسقاط الانقلاب.
كما لم يفصح الاستاذ عادل عن تعريف الجهة التي يسعى الحزب لاستمالتها وتشكيلها؟
(ربما الحرج) ولكن نقول له ان كل الجبهات والتنظيمات والفصائل الثورية عركتها سنوات النضال المُستمرّة للثورة واشتد عودها ولها مواقفها وقراراتها الخاصة، وأصبحت أرقاماً صعبة لا يمكن تجاوزها الاستهانة بها لأنها عصية على الاستهانة والتشكيل.
وما يجب التأكيد عليه هو أن لا تراهن على الحزب وحده لإحداث التغيير، لأننا نحن أيضاً لا نراهن على ذلك، والحزب الشيوعي مازال وسيظل جزءاً أصيلاً من فصائل الثورة التي تعمل من أجل التغيير وعقله وصدره مفتوحان لكل ما يؤدي لانتصار الثورة السودانية.