4 نوفمبر 2022م
بمعنى سمح..
وشاعرنا الدبلوماسي سيد أحمد الحردلو يقول في إحدى قصائده:
يا سمح… يا زين
والزين عكس الشين؛ وكلمة شين تعني القبيح… الدميم..
وحديثٌ لمطربٌ مغمور أثار انتباهي قبل فترة؛ وهو سبب كلمتنا هذه اليوم..
قال إن القبح حال بينه وبين أن يكون مشهوراً..
وقال إن الناس باتوا لا يطيقون المطرب الدميم؛ وإن كان مبدعاً..
ويتقبلون الوسيم ولو كان أي كلام..
وإن معايير تقبل المغني – بمعزل عن شكله – تبدلت؛ وما عادت كما في السابق..
وإن كثيراً من مطربي زماننا هذا يفتقرون إلى موهبة الإبداع..
ولكنهم – يقول – يكملون النقص برتوشٍ مظهرية طلباً لرضا المشاهد..
المشاهد؛ لا المستمع..
أي لا يكفي أن يكون المطرب مقبول الشكل وحسب وإنما لا بد من تقليعات..
تقليعات ذات طابع أنثوي في غالبها الأعم..
استوقفني ـ إذن ـ الحديث المؤلم هذا من تلقاء صاحبنا الذي يحسب نفسه دميماً..
مع ملاحظة أن القبح نسبي؛ مثله مثل الجمال..
وفي الفلسفة بابٌ عن فلسفة الجمال..
وهو يطرح تساؤلاً فلسفياً عريضاً نصه: هل الجمال ذاتي أم موضوعي؟..
وليس هذا بموضوعنا اليوم..
ثم لفت حديث المطرب هذا انتباهي – أيضاً – إلى مجالات أخرى ذات صلة..
مجالات غزتها موضة الوجه الحلو مطلوب..
حتى وإن كان الوجه هذا عاطلاً عن أية موهبة إبداعية..
فرئيس تحرير أعرفه ـ مثلاً ـ طلب وجهاً نسائياً حلواً يزين به أخيرة صحيفته..
وذلك مُجاراة لموضة صحافة بلادنا هذه الأيام..
فقد ظن ـ وبعض الظن قبح ـ أن مثل هذه الأقلام تسهم في زيادة توزيع الصحف..
أي أن تكون الوجوه حلوة وخلاص… وكفى… وحسب..
ولعل عدوى الموضة هذه انتقلت إلى صحافتنا من شاشاتنا..
وذلك بعد أن اُستعيض بالوجه الحلو عن معايير الكفاءة المهنية..
فقط الوجه الزين – الحلو – يكفي؛ ولو ترحّمت صاحبته على مطربٍ حيٍّ يُرزق..
أو جعلت مسقط رأس وردي صواردة شمال حلفا..
أو قالت إن شهر رمضان الكريم قد انقضى بخيره وشره..
فالجمال وحده ـ دون موهبة ـ هو أشبه بفقاعة سرعان ما تطرشق في الهواء..
ولعل في حديثنا هذا بعض عزاء للذي يزعم أنه شين..
رغم إنه مفترع البصمة الغنائية التي تغلب على أغنيات شباب جيل اليوم..
أو ربما تقبحها إن أُسيئ استخدامها..
وإن أراد المزيد من العزاء نهديه فلسفة صديقنا علاء الدين محمود سيد أحمد..
وهي ما زالت حاضرة في ذهني إلى يومنا هذا..
فلسفة جمالية أطلقها لنا قديماً – بحلفا – حين كان الإحساس بالجمال جميلاً..
وهي تختلف عن فلسفة الجمال التي أشرت إليها..
ففي رأيه أنه ما من أنثى قبيحة مهما حسبت نفسها خلاف ذلك..
فهناك جوانب جمالية مُستترة قطعاً لدى المرأة؛ وتحتاج فقط لمن يسبر أغوارها..
وعندها ستظهر له من وراء حجاب..
وكذلك الأمر بالنسبة للذكور؛ إن أردنا تعميماً لهذه الفلسفة..
فلا تجعل قبح الفكر – إذن – يطغى على جوانبك الجمالية أيها المطرب الجميل..
فإن رفضت حديثنا هذا فأنت فعلاً كما ترى ذاتك..
أو كما تزعم… وتتوهم..
شيـن!.