Site icon صحيفة الصيحة

صلاح  الدين عووضة  يكتب : ولا قبلين؟

صلاح الدين عووصة

صلاح الدين عووضة

3 نوفمبر 2022م

يعني ايه؟..

يعني اليوم الخميس..

يعني ايه؟… وبعدين؟… يعني أنه قد تبقى خميسٌ للخميس الثالث..

وبرضه يعني أيه؟..

يعني أنه اليوم الذي يصادف اليوم العالمي للاحتفال بالفلسفة في شهر نوفمبر..

يعني اليوم الذي نذكر فيه الفلسفة..

نذكر فيه أناساً أمثال نيتشه… وسارتر… وهيغل… وكانط…وسبينوزا..

نذكر فيه أن أمريكا صناعة الفلسفة..

فلسفة كلٍّ من جون ديوي – ووليم جيمس – المسماة البرغماتيزم..

وخلاصتها أنه ما من حقائق مثالية في هذه الدنيا..

فالشيء يكون حقيقياً بقدر ما يكون مفيداً لك؛ عدا ذلك فلا معنى له..

حتى الله – والعياذ بالله – لا يشذ عن هذه القاعدة..

فهو حق – وحقيقي – إن كان إيمانك به ينفعك نفسياً… ومن ثم عملياً..

بمعنى أن المهم هو الحياة العملية..

والآن سياسة أمريكا الخارجية قائمة على البرغماتية هذه..

فهي تبشر بالديمقراطية..

ولكنها قد تدعم نظاماً دكتاتورياً إن كان مفيداً لها..

نذكر فيه أن ما كان يُسمى الاتحاد السوفييتي صنيعة الفلسفة..

فلسفة ماركس… فإنجلز..

فلسفة المادية الجدلية التي أصلها فلسفة الديالكتيك الجدلي عند هيغل..

مع ملاحظة مهمة..

وهي أن دياكتيك هيغل انطلق من المادة صعوداً إلى الروح… إلى المطلق..

بينما ديالكتيك ماركس هبط من الروح إلى المادة..

هبط من أعلى إلى أسفل… أو قلب هرم هيغل الديالكتيكي رأساً على عقب..

فالحياة عنده مادة… محض مادة… ولا شيء سوى المادة..

ثم لا روح… ولا إيمان… ولا خالق..

فكانت المادة هذه هي سبب قلب الاتحاد السوفييتي هذا رأساً على عقب..

أو أنه سقط برأسه في مستنقع المادية الاشتراكية..

المستنقع الآسن؛ الذي ماؤه بلا روح… بلا حياة… بلا حركة…بلا حراك..

ونذكر فيه أن ألمانيا هي صنيعة الفلسفة..

ألمانيا الرايخ الثالث؛ وما بعده..

ألمانيا الشعور بالتفوق العرقي؛ والذي يُؤدي إلى التفوق الحضاري..

والبارحة استمعت لمدرب ألماني في مجال كرة القدم..

قال إن اللاعب الألماني يلعب بإحساس التفوق هذا؛ فلا يهاب أي خصم..

فألمانيا صنعية فلسفة هيغل… فنيتشة..

نذكر فيه أن روسيا – بوتن – الآن هي صنيعة الفلسفة..

أو بوتن – تحديداً – هو صنيعة فلسفة فيلسوفه الخاص ألكسندر بوغين..

هو الذي يحرك عقل بوتن..

فيحرك بوتن عقول تابعيه؛ فتحرك العقول هذه آلة الحرب تجاه أوكرانيا..

نذكر فيه معنى أهمية أن نتفلسف..

فكلٌّ منا فيلسوف على مقاسه… على قياسه… على أدِّه..

سيما عند لحظات الاختيار..

لحظات المفاضلة بين خيارين… أو خيارات… ويصفها الوجوديون بالعدم..

فقمة تجليات الوجودية في العدم هذا..

والفيلسوف الوجودي سارتر لديه كتابٌ اسمه الوجود والعدم..

فالعدم يمكن أن يكون وجودياً..

والوجود يمكن أن يكون عدمياً؛ أن تكون موجوداً ولا تستشعر وجودك..

أو تكون أنت والعدم سواء..

يعني ايه؟… وبعدين؟… يعني أنك قد تصير – أحياناً – فيلسوفاً غصباً عنك..

حتى وإن كنت من الذين يقولون: بلاش فلسفة..

والعبارة هذه أكثر ما تُقال عندنا هنا في السودان… في مواجهة من يتفلسف..

رغم إننا لا فلاسفة لدينا… ولا فلسفة..

فقط عندنا فسفطة؛ والفسفطة من معانيها التلاعب بالألفاظ لطمس الحقائق..

ونحن منذ الاستقلال نلعب بالألفاظ… والبلاد..

وكل فئةٍ منا تسعى لطمس حقائق الآخر… طمس ألفاظه… طمسه هو نفسه..

فهل سيجيء يومٌ نذكر فيه بلادنا كصنيعة فلسفية؟..

ربما في الخميس الثالث… من شهر نوفمبر… من العام ثلاثة ألف بعد الميلادي..

وإلى ذلكم الحين سنظل – ديالكتيكياً – مقلوبين..

سنظل مقلوبين رأساً على عقب؛ كما قلب ماركس هرم هيغل الجدلي..

سنظل عدماً كعدم سارتر… والوجوديين..

سنظل نراوح مكاننا في محطة الفسفطة… عوضاً عن الفلسفة..

يعني ايه؟…… ولا شيء..

وبعدين……..؟..

ولا قبلين!.

Exit mobile version