السفير الأمريكي.. عمَّاذا يبحث بشرق السودان؟
السفير الأمريكي.. عمَّاذا يبحث بشرق السودان؟
الخرطوم- صلاح مختار
يقوم السفير الأمريكي بالخرطوم في هذه الأيام بزيارة إلى شرق السودان, الزيارة كما وصفت بأنها لافتة في إطار الترويج للتسوية السياسية التي يتم الإعداد لها في هذه الأيام, ويبدو أن السفير من خلال الزيارة يريد استكشاف مواقف أهل الشرق فيما يتعلق بالمشروع المقبل لحكم السودان، إلى جانب الاهتمام الأمريكي بالبحر الأحمر كممر مائي استراتيجي وتجاري، وسبق أن تحدث عنه السفير صراحة مبدياً تخوُّفه من تسلل روسيا في سباقها مع أمريكا والغرب ويرى مراقبون أن دوافع الزيارة هذه المخاوف الأمريكية أن يسبقهم الروس للمنطقة, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل وجد السفير بغيته في أهل الشرق، أم ماذا يريد من وراء لقاءاته واهتمامه بالمجتماعات المحلية بالشرق التي بدأ بها لقاءاته؟
قضية الشرق
السفارة الأمريكية أفادت بأن زيارة السفير الأمريكي جون غودفري، لشرق السودان التقى خلالها بناظر البني عامر دقلل، كما التقى بناظر الهدندوة محمد الأمين ترك. وأفاد بيان أصدره مجلس البجا بأن اللقاء تطرَّق إلى قضية شرق السودان. وقال: إن “ترك” و”السفير جون غودفري” بحثا معاً مجمل الأوضاع بالبلاد على ضوء الأحداث المتسارعة التي تشهدها عقب ثورة ديسمبر المجيدة. وطبقاً لحساب السفارة أن “غودفري” أجرى نقاشاً حافلاً بالمعلومات مع ناظر الهدندوة “محمد الأمين ترك”. وأعرب عن تقديره لسماع وجهات نظره حول تحديات شرق السودان وأولوياته، فضلاً عن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة جديدة بقيادة مدنية. كذلك أجرى السفير مناقشة مع ناظر البني عامر علي إبراهيم دقلل، المناقشة كانت غنية بالمعلومات وأعرب عن تقديره لسماع وجهات نظره حول تحديات شرق السودان وأولوياته، فضلاً عن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة جديدة بقيادة مدنية”.
رفض ترك
ولكن في السياق قال رئيس تنسيقية شرق السُّودان وناظر عموم قبائل الهدندوة، محمد الأمين تِرِك، إنَّ اللقاء الذي جَمَعَهُ بوفد السَّفارة الأمريكية برئاسة السفير، جون غودفري، بمنزله الأحد الماضي، كان لقاءً سياسياً من الدرجة الأولى ولم يَتطرّق إلى أيّ مُصالحات قبلية. وكشف تِرِك في تصريح لـ(السُّوداني) عن إبلاغه للسفير برفضه للتسوية السِّياسية التي تجري الآن جُملةً وتفصيلًا، وأوضح أن أسباب الرفض تعود إلى أنَّ التسوية لم تَتَضَمّن حل قضايا شرق السُّودان. وهَدَّدَ تِرِك بالمطالبة بالانفصال وحق تقرير المصير لإقليم الشرق مطلع يناير المُقْبِل، في حال لم تستجب الحكومة لحل قضايا شرق السُّودان.
أحداث الفتنة
إلى ذلك أصدرت نظارة عموم قبائل البني عامر بياناً أوضحت فيه وقائع زيارة ولقاء السفير الأمريكي بناظر علي إبراهيم دقلل، دعا فيها إلى ضرورة مراجعة ما تم في أحداث فتنة الشرق ومحاسبة من تسبب فيها وفق القانون وجبر الضرر للمتضررين ووضع ضمانات لعدم تكرارها.ورفض التدخل السافر في الشأن الداخلي من أطراف خارجية ذات أجندة خاصة أفضت إلى زعزعة استقرار البلاد وإحداث فتن تكاد تعصف بها ومكوناتها اجتماعية. وقال: موقفنا مبدئي وثابت في المحافظة على هويتنا وديننا وأخلاقنا وأعرافنا واستقلال بلادنا ووحدة أراضيها ومكوناتها الاجتماعية وضرورة تحقيق التوافق الوطني،واحترام الخارج لذلك.وأكد البيان أن السفير الأمريكي ابتدر حديثه بضرورة تأجيل الانتخابات، لأنها إن أجريت سيفوز بها الإسلاميون.
وفق القانون
غير أن الدكتور عبد الله دِرف “المحامي” والمستشار القانوني للنظارة، تداخل موجهاً حديثه للضيف السفير قائلا : الإسلاميون مواطنون سودانيون ولهم تنظيمهم المنشأ وفق القانون، وبالدستور والقانون يحق لهم المشاركة في كل ما يخص أمر وطنهم، وفق قواعد وأسس وفلسفة الديموقراطية، وكما في كل بلاد العالم اليوم يحق لهم أن يقدِّموا أنفسهم عبر رؤاهم وبرامجهم للشعب، والشعب وحده من يقرر في منحهم الثقة للحكم أو حجبها عنهم،والحق هذا حصرياً للشعب السوداني وليس لأي جهة غيره،وأنتم بحكم منصبكم وكمواطن أمريكي تعلم وتعرف ذلك جيداً، ولا تملك الحق الأخلاقي ولا القانوني للتعبير عن ما أفصحت به.
هيبة الدولة
في غضون ذلك طالب الأمين العام للتنسيقية العليا لكيانات شرق السودان مبارك النور، بطرد السفير الأمريكي من البلاد، وفرض هيبة الدولة. واكد لـ(الصيحة) إن السفير الأمريكي ترك مهمته الأساسية التي جاء من أجلها وظل يتدخل في الشأن الداخلي ويلتقي بإلإدارات الأهلية والكيانات السياسية في البلاد، واعتبر النور أن ذلك تعدٍ وخرق واضح للأعراف الدبلوماسية وتدخل سافر في الشأن الداخلي، مطالباً بطرده من السودان فوراً وبسط هيبة الدولة. وأعلن النور عن رفضهم القاطع لزيارة السفير الأمريكي لمعسكرات النازحين بمحلية القلابات بولاية القضارف، متسائلاً: ماذا يريد بمعسكرات اللاجئين وولاية القضارف، وقال إنهم طالبوا التنظيمات والسكان بولاية القضارف بعدم مقابلة السفير الأمريكي، واصفاً ذلك بالتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي, وأردف: لا للتدخل في شأننا الداخل، لا للتسوية الثنائية، لا لفولكر، ولا لكل السفراء الذين يعبثون بأمن البلاد. وناشد النور البرهان وزير الداخلية بأن يقومو بمهتمهم في حماية سيادة البلاد وبسط هيبتها، مضيفاً إذا كان وزير الداخلية ليس لديه القدرة فاليستغيل، مبيِّناً أن الذي يحدث في البلاد الآن عبث وتهاون وفوضى عارمة، مردفاً تحدثنا في المنابر وأمام الرئيس وطالبنا بإيقاف هذ العبث.
دعم التسوية
فيما جزم الخبير الاستراتيجي محمد عبد الله آدم، إن السفير غودفري، سيطلب دعم التسوية لأن أمريكا راغبة بشدة في عودة الحرية والتغيير للسلطة من أجل تنفيذ أجندتها وقال لموقع (أخبار السودان) إن تصريح الناظر ترك واضح جداً، وأكد أن اللقاء ركز على القضايا السياسية، وشدَّد على ضرورة تقييد حركة السفير، وقال آدم: سفير واشنطن يتجاوز المهام الدبلوماسية إلى التدخل في شؤون البلاد وتفاصيلها الداخلية. وأشار آدم إلى مخاوف أمريكا من إسقاط الشرق للتسوية مثلما أسقط حكومة حمدوك من قبل بإغلاق الموانئ والطريق القومي.
حشد الدعم
وأكد آدم أن أمريكا ليست مهتمة لتنمية وقضايا الشرق إنما تعمل على حشد الدعم للتسوية المرفوضة من معظم المكوِّنات وانتقد اجتماع السفير جون غودفري، مع لجنة أمن ولاية كسلا لمناقشة التحديات التي يواجهها المجتمع المتعقلة بتدفقات اللاجئين لاتخاذ جملة من التدابير. وحماية المدنيين، وقال: هل أصبح قودفري رئيساً لمجلس السيادة أم قائداً أمنياً حتى يجتمع مع لجنة الأمن؟ وقال: إن هذا لايحدث إلا في السودان. وقال آدم: هذا الحراك كله في إطار التسوية. وأكد أن المشروع الذي يتبناه السفراء يضر بالبلاد ضرراً كبيراً واعتقد سفر السفير الأمريكي لكسلا لتحييد كتلة الشرق تجاه أي حراك ضد التسوية ولتكسير أجنحة الوطنيين.