الحرية والتغيير.. تحدي بناء الجبهة الموحدة
الخرطوم: صلاح مختار 1نوفمبر 2022 م
أنهت قــــــوى الحرية والتغيـيـر (المركزي) مؤتمرها الســياسـي الولائــي أمس، بدار حــزب الأمــة القومـي, وأصدر (المركزي) توصياته وقراراته, وذلك بمشاركة أربعمائة مشارك يمثلون مكوِّنات قوى الحرية والتغيير في الولايات, إلى جانب المكوِّنات الثورية خارج الحرية والتغيير، والمهنيين والنقابات، ولجان المقاومة في الولايات، وأسر الشهداء، والمجتمع المدني، والمجموعات النسوية، والنازحين، ومبادرات وحدة قوى الثورة.
جبهة موحَّدة
جاء المؤتمر تحت شعار جامع (نحو بناء جبهة مدنية موحَّدة)، حيث هدف المؤتمر إلى بناء جبهة موحدة لقيادة الحراك الجماهيري والسياسي لإنهاء إجراءات الـ(25) من أكتوبر الماضي، بجانب ذلك الاتفاق على أسس الحل السياسي والدستور الانتقالي وصولاً للحكم المدني الكامل.
ظروف دقيقة
ويأتي المؤتمر في ظل ظروف دقيقة وبالغة التعقيد تمر بها البلاد تتسم بالاستقطاب والاضطراب نتيجة إجراءات 25 أكتوبر 2021م، الذي كان له آثار كارثية على حد قول البيان على شعبنا وتداعيات خطيرة على البلاد في كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والإنسانية. وقال البيان إن تلك الإجراءات أضاعت مكاسب الثورة التي لم تعد الاعتبار للسودان على المستويين الإقليمي والدولي فحسب، بل أصبحت ملهمة للشعوب وأنموذجاً للنضال السلمي. وكذلك أضاع مكاسب الانتقال الذي حقق إنجازات سياسية حقيقية على درب التحوُّل الديموقراطي، ومثل تجربة ثرية في تصفية التمكين والفساد والتخلص من تركة النظام المباد المثقل بالعقوبات والمطاردات والعزلة الدولية وبناء شراكات استراتيجية تصب في إعادة العافية للاقتصاد السوداني وبناء الثقة وخلق الأمل في المستقبل والعبور الآمن نحو الحرية والسلام والعدالة والديموقراطية.
معركة فاصلة
وقال البيان الختامي، ظلت قوى الحرية والتغيير بجانب القوى الثورية الأخرى تقود معركتها الفاصلة ضد النظام في مقاومة سلمية وحراك جماهيري بالمركز والولايات، وفي ذات الوقت تعمل على توحيد قوى الثورة والتغيير وبناء جبهة مدنية ديموقراطية وتضع أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب واستعادة الحكم المدني الديموقراطي، وتستجيب إلى كافة المبادرات التي تدعو لوحدة قوى الثورة أخرها مبادرة الشيخ محمد حمد الجعلي بكدباس، وتؤسس لممارسة سياسية راشدة عبر تقييم علمي للفترة الانتقالية والانفتاح على قوى الثورة والتحوُّل الديموقراطي والانخراط معها في عمليات صياغة أدبيات الانتقال السياسي من دستور انتقالي وإعلان سياسي مستصحبة مواثيق لجان المقاومة وجهود المجتمع المدني وتجمعات المهنيين، والتواصل المثمر مع المجتمع الدولي والإقليمي الداعم للسلطة المدنية والانتقال الديموقراطي في السودان.
وقفه مصيرية
وأوضح البيان، قوى الحرية والتغيير ومكوِّنات قوى الثورة الأخرى تقف في محطة هذا المؤتمر السياسي الولائي وقفة مصيرية لتُقيِّم التجربة السابقة وتجدِّد العزم في المضي قدماً نحو مستقبل واعد، يأتي هذا المؤتمر في إطار جهود قوى الحرية والتغيير في بناء الجبهة المدنية الموحَّدة وإدارة حوار عميق ونقاش شفاف حول أدبيات وسياسات إنهاء تلك الإجراءات وتأسيس الحكم المدني.
استعادة الحكم
وناقش المؤتمر ستة محاور رئيسة هي: أسس ومبادئ الحل السياسي لإنهاء إجراءات 20 إكتوبر واستعادة الحكم المدني الديموقراطي. موجهات بناء الجبهة المدنية الموحَّدة (الأهمية، الأهداف، المنطلقات، التحديات، الفرص، المحددات والمطلوبات). قضايا الحكم المحلي والحراك السياسي في الولايات. (مقوِّمات الحكم المحلي، القضايا العاجلة، الحراك السياسي المطلوب في الولايات). بجانب تجارب الحكم الفدرالي والرؤية المستقبلية في الدستور الانتقالي. بالإضافة إلى مناقشة مشروع الدستور الانتقالي (الصناعة، المضمون). الطريق إلى الأمام والعمل المشترك بين قوى الثورة والتغيير.
جبهة مدنية
وبحث المؤتمرون بناء الجبهة المدنية في مجموعات عمل بقدر وافر من المسؤولية والشفافية والوطنية والنقد البناء للحرية والتغيير وقوى الثورة الأخرى لا سيما فيما يتعلق بتجربة الحكم الانتقالي السابقة والأداء السياسي والعمل الجماهيري وضعف التواصل بين المركز والولايات وتأخر بناء الجبهة المدنية الموحَّدة، كما وقف المؤتمرون على التحديات التي تواجه البلاد وقوى الثورة والتغيير وعلى رأسها عودة رموز النظام المباد في المركز والولايات ومظاهر الفوضى التي كرس لها الانقلابيين والفلول على السواء.
الفرص المتاحة
وعدَّد المؤتمرون الفرص المتاحة لإنهاء الانقلاب والعودة للمسار الديموقراطي من توفر الإرادة السياسية للعمل المشترك والتوافق على رفض الانقلابات والتطلع للحكم المدني الديموقراطي وعزلة الانقلاب وفشل محاولات الردة السياسية ومساندة المجتمع الإقليمي والدولي لمطالب الشعب في الحرية والعدالة والسلام والديموقراطية.
جبهة مدنية
ويندرج المؤتمر ضمن اجتهاد قوى الحرية والتغيير لتكوين جبهة مدنية ديموقراطية تضم كل القوى السياسية والمدنية والمهنية والعمالية والمجتمعية ولجان المقاومة وأسر الشهداء والنازحين والمعاقين والمجموعات النسوية ورجال الأعمال كخيار استراتيجي لحل الأزمة الراهنة والبناء الوطني الديموقراطي.
تفعيل الحراك
وأوصى المؤتمر بضرورة التشديد على تفعيل الحراك الجماهيري والعمل الميداني الموحد الذي يعبِّر عن روح الثورة والقضايا الاجتماعية والمطلبية بمشاركة كافة قوى الثورة. بجانب ناقش المؤتمر القضايا والمشكلات المحلية في الولايات، ووقف على الأوضاع الخدمية والتنموية والاجتماعية والأمنية فيها، ونبَّه إلى خطورتها، وأكد على التصدي لها بكل الوسائل السياسية.
مدخل الإصلاح
وقف المؤتمر على الحالة الاقتصادية والمعيشية المتردية في البلاد، وأكد على أن الاقتصاد السوداني لن يتعافى في ظل النظم الاستبدادية وأن مدخل الإصلاح الاقتصادي إقامة حكم مدني ديموقراطي. كما ناقش المؤتمر النهج المعطوب للنظام القائم في التعامل مع علاقات السودان الخارجية الذي أضاع السيادة الوطنية ووضع السودان في دائرة الاستقطاب الدولي وصراع المحاور الإقليمية، متجاوزاً النهج المتوازن في علاقات السودان الخارجية القائمة على المصالح المشتركة والمحافظة على السيادة الوطنية.
مطلب ثوري
وقف المؤتمر على مظاهر عودة النظام المباد وحلفائه في كافة مؤسسات الدولة المركزية والولائية، وأكد على أن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، مطلب ثوري وسياسي وقانوني لتنقية الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد. وأشار المؤتمرون إلى أن مشروع الدستور الانتقالي المطروح يمثل أرضية دستورية مشتركة لإدارة الفترة الانتقالية. أمَّن المؤتمر على أن الحل السياسي أحد وسائل النضال يتكامل مع المقاومة السلمية والتضامن الإقليمي والدولي المفضي لاستعادة الحكم المدني الديموقراطي، وأكد على تصميم عملية سياسية شاملة وفق أسس ومبادئ تحقق مقاصد الثورة من حرية وسلام وعدالة وسلطة مدنية كاملة وعودة الجيش للثكنات وابتعاده عن السياسة.
تصميم أنموذج
وشدَّد المؤتمر على تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين والقتلى في محاكمات عادلة وعلى ضرورة تصميم أنموذج سوداني للعدلة الانتقالية، وعلى تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية. اتفق المؤتمرون على أن عملية الإصلاح الأمني والعسكري تمثل أولوية للحكم الانتقالي الديموقراطي. أشار المؤتمر إلى ضرورة مراجعة اتفاقية جوبا لسلام السودان، واستكمال عملية السلام مع الحركات المسلحة التي لم توقع وإقامة مؤتمر قومي للسلام لإزالة كافة التظلمات وبناء عقد اجتماعي جديد. أكد المؤتمر على إحكام التنسيق بين مكوِّنات قوى الثورة والتغيير السياسية والمهنية والمدنية والثورية والمجتمعية وصولاً إلى جبهة مدنية موحدة. ناقش المؤتمر باستفاضة قضايا الحكم الفدرالي والمحلي وفق فلسفة اللامركزية.
التعافي البيئي
أطلق المؤتمر إعلان البيئة والمناخ، ودعا المؤتمر للتضامن مع ضحايا صناعة النفط وضحايا التنقيب عن الذهب ودعم حقهم المشروع في استعادة التعافي البيئي وحقهم الطبيعي في الحياة المستقرة. وأكد على تعزيز مشاركة المرأة في مؤسسات الدولة. ووجـه المؤتمر مكوِّنات قوى الثورة والتغيير بضبط ووحدة الخطاب السياسي والإعلامي. ودعا إلى ضرورة تقييم الفترة الانتقالية وتجربة الحرية والتغيير في الولايات، لتلافي أوجه القصور والبناء على الإيجابيات.