ضبط العلاقة بين المدنيين والعسكريين.. تحديد الاختصاصات
الخرطوم- صلاح مختار
قال القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير جعفر حسن عثمان، إنّ المكون العسكري يريد أن يضبط العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة المدنية، وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر, هذا هو أُس الحوار الذي طرحته الآلية الثلاثية، واوضح ان هذا الأمر حالياً بيد اللجنة القانونية للحرية والتغيير لتنظر فيه وتبيِّن في كيفية ضبط هذه العلاقة، وتابع: نحن نقولها صراحةً اي اتفاق سياسي لا توافق عليه قوى الثورة وينقل الناس إلى حكومة مدنية كاملة بأهداف الثورة ليست له قيمة.
الإطار التفسيري
اختلف تفسير الخبراء فيما يتعلق بضبط العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة المدنية في إطارها العام والقانوني، ولكن المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر قال لـ(الصيحة)، إنه من أدبيات التجارب السابقة ما ورد في السودان من احد الخُبراء الاقتصاديين الذي تحدث مع الرئيس اسماعيل الأزهري له الرحمة والمغفرة، حيث قال له (اذا لم تضعوا القوات المسلحة تحت القيادة المدنية بكرة تجدوا أنفسكم في السجن), بالتالي هو ما حدث في العلاقة بين مؤسسات الدولة، هي علاقة دستورية مثلاً الدستور الأمريكي من الوضوح، حيث ان قائد الجيش حتى لا يستطيع التفكير أو مجرد التفكير بأن لديه نية او يكون لديه تأثير سياسي، ناهيك عن التفكير في تغيير نظام الحكم أو يؤسس لتغيير نظام الحكم. إذن هذه القضية مسألة دستورية.
تابع دستورياً
ويرى خاطر بأن واحدة من المقترحات القوية جداً بأن الجيش تابع دستورياً للبرلمان أو المجلس التشريعي، مثل ما يحصل في دول مثل ألمانيا، بمعنى أدق ان يكون الجيش تحت السيطرة المدنية الكاملة، وحتى مسألة اعلان الحرب، ودرء الكوارث، وحماية الحدود, كلها مسائل تشريعية، تخضع لتشريع الدولة. والقوات المسلحة جزءٌ من تنفيذ سياسات الدولة, مثلما معلوم لدينا في السودان ان الخدمة عندما نتحدث عنها مكونة من طرفين الخدمة المدنية والخدمة العسكرية, هما الاثنان تحت سيطرة النظام المدني. ومع الأسف حصل لدينا أسوأ ما حصل في افريقيا, أن السودان مرّ به أكثر من (20) انقلاباً اقصى عدد من الانقلابات التي حصلت في أفريقيا حصل في السودان, لذلك تشوّهت العلاقة بين الدولة والحكومة خاصةً فيما يتعلق بعلاقة الدولة والدين. الآن جاء الوقت المناسب مع الثورة ومع التغيير ان تعود الحالة الدستورية بأن يعرف الجيش بأنه جزء من أجهزة الدولة وليس هو الذي يصنع أجهزة الدولة.
حالة مفقودة
ولا يرى خاطر بأن تلك الحالة موجودة في الفترة السابقة وهي حالة كما يراها مفقودة خلال الفترة الأولى من عُمر الحكومة الانتقالية, ويقول هذه حقيقة بالطبع, وأضاف كانت تلك الفترة الشخص الذي يحكم باسم الجيش يحاول يصنع الدولة برؤية الجيش, في النهاية يكون هو مظلوماً, ويصبح مستخدماً لأغراض غير دستورية وهي في نفس الوقت ليس في مصلحة الجيش أبداً أو حتى القوات النظامية الأخرى.
جلسة مساومة
ويقول الفريق محمد بشير سليمان، إنّ الفكرة واضحة من الضبط بين المدنيين والعسكريين, بمعنى ان المكون العسكري يريد بالضبط تحديد كل دور، وكل شخص يمسك بدوره المرسوم له, ويقف عنده. وقال ببساطة شديدة، أي بمعنى اتفاق أو ميثاق يؤسس لواجبات كل مجموعة حسب الوثيقة الضابطة. ويرى بالضرورة أن يكون من وراء ضبط العلاقة الحصول على ضمانات, وقال سليمان لـ(الصيحة): دون شك القادة جلسوا سواء من البيئة الحالية أو السابقة اتفقوا على آلية محددة، قال بالطبع هي جلسة مساومة, مبيناً أن المساومة أن المكون العسكري لديه شروط محددة, وهؤلاء لديهم كذلك شروط محددة, اتفقوا عليها في شكل تصوُّرات, أو في شكل ميثاق يتم التوقيع عليه الاثنين, وهذه كل القضية وما فيها, وتابع: إن واحدا من الطرفين حتى يجلس مع الآخر يجب أن يتفق على شروط محددة يتم فيها تقاسم الأدوار, والواجبات بين الطرفين, وتحديد حدود الطرفين, بالتالي تكتب في ميثاق يصبح في النهاية هو الضابط للعلاقة بين الطرفين.
غير مقبولٍ
ولأنّ قضية الثقة بين الطرفين غير كافية, فإنّ قضية تخول المكون المدني واحدة من البنود التي تريد المؤسسة العسكرية ضبط العلاقة فيها بين المكونين. ويقول سليمان دون شك إن المكون العسكري يخشى من تغول المدنيين في اختصاصات المؤسسة العسكرية, وقال كل ما يرتبط بالشأن العسكري لا يكون مقبولاً للعسكريين, أن يتدخّل فيه المدنيون, إلا فيما يتعلق ببعض القضايا.
اتفاق التسوية
ونظر سليمان في وضعية المؤسسة العسكرية في اتفاق التسوية، بأن يعود الجيش إلى الثكنات، وأن يأتي المكون السياسي المدني في إطار ميثاق لإدارة الدولة, بالتالي يقوم الجيش بمهامه خلال الفترة الانتقالية، وبعدها يتحوّل إلى جيش قومي في إطار الدولة المدنية الديمقراطية. وقال: معروف في الدولة الديمقراطية أنّ الجيش مراقبٌ في صرفه وميزانيته وفي تسليحه وفي استراتيجيته المبنية على ما يقوله المكون المدني في الجهاز التنفيذي، مؤكداً أن المكون العسكري لن يقبل ما يقود أو ما يدعو إلى تسريحه أو هيكلته بالطريقة التي يُنادي بها بعض المدنيين، ويقول: حتى المدنيين يحتاجون إلى قوات مسلحة قوية لتقوية ظهرهم.