إلغاء إعفاء السكر المستورد من القيمة المضافة.. قرار ذو حدين
الخرطوم- جمعة عبد الله 30 اكتوبر 2022م
شهد الأسبوع المنصرم أثناء الاجتماع المشترك للقطاعات الوزارية برئاسة وزير مجلس الوزراء المكلف، عثمان حسين، السمات العامة وموجهات موازنة العام المالي 2023م، قدَّمها وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عبدالله إبراهيم، ومن ضمن إطارها وافق الاجتماع على إلغاء الإعفاء على القيمة المضافة على السكر المستورد، فالمهتمون من الخبراء الاقتصاديين، يرون أنه من الأجدر معرفة أسباب إستيراد السودان لسلعة السكر في ظل إمتلاكه للعديد من المصانع، وشدَّد البعض على الحكومة أن توجه مواردها لإصلاح قطاع السكر المحلي، خاصة بعد تدني إنتاجية مصانع السكر الحكومية الأربعة خلال ثلاث سنوات، إلى ما هو دون (15%) مقارنة بإنتاجها في السابق، والبعض يتساءل لماذا الاستيراد في ظل وجود المصانع السودانية، ولماذا لا تحتكر الدولة هذه السلعة نسبة لأهميتها لدى المواطن.
مأساة المصانع
كشف عضو مهن الإنتاج الزراعي بمشروع سكر الجنيد، صديق حسب الله، عن وجود مشكلات تواجه زراعة قصب السكر منذ الموسم السابق والحالي، وأشار إلى عدم توفر مياه الري نسبة للأعطاب التي لحقت بطلمبات مؤسسة الجنيد مما أدى ذلك إلى قلة نمو القصب وإتلافه، وأكد أن المشكلة الأبرز متمثلة في عدم إيفاء مؤسسة الجنيد باستحقاقات المنتجين التي قال إنها تبلغ (99) مليار جنيه، وقال (زول يشتكوا ليهو مافي)، ومضى قائلاً: وزير الصناعة حضر إلى المشروع ولم يفعل شيئاً، بل يصرِّح بالوعود الواهية على حد قوله، وطالب صديق بضرورة تذليل العقبات التي تواجه ري المشروع، داعياً إلى تأهيل القنوات التي تقف مانعا لوصول المياه إلى المساحات الزراعية، في الوقت ذاته اسبتعد بأن لمؤسسة السكر الجنيد أي مقدرة على تأهيل المشروع، ونوَّه إلى قلة إنتاج السكر، كاشفاً عن شروع المؤسسة في بيع قصب السكر إلى أصحاب المواشي، وبحسب حديثه فإن دفار القصب يباع بما لا يقل عن (25) ألف جنيه، وتوقع أن يؤثر ذلك على المزيد من ضعف إنتاجية السكر بالمؤسسة.
إبعاد الوسطاء
الخبير الاقتصادي والمحلِّل مالك عابدين، يعتقد أن قضية السكر بسيطة نسبة لوجود أكثر من (6) مصانع وأضاف سيل من التساؤلات لماذا الاستيراد في ظل وجود المصانع السودانية، ولماذا لا تحتكر الدولة هذه السلعة، ولماذا تفرض من الأساس قيمة إضافية على سلعة مهمة مثل سلعة السكر؟ الذي قال يعتمد عليها المواطن وبالتالي تعتبر مصدر غذاء أساسي له، مناشداً الدولة (كفاية جبايات على المواطن)، مشدِّداً على ضرورة إبعاد الوسطاء من قوت الشعب.
ازدواج ضريبي
فيما يرى الخبير الاقتصادي د. عوض الله موسى، أن الهدف من القرار تحريك سعر السكر أي سكر القطاع الصناعي المحلي حتى لا يحدث ازدواج ضريبي، وأضاف: أصلاً بعد الدخول فى صناعة أي سلعة بتوضع قيمة مضافة على السلعة حتى إذا كانت للاستهلاك المحلي وذلك للحفاظ على أسعار المنتج.
أسباب الاستيراد
ويفيد الباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، إن قرار منح إعفاء في القيمة المضافة على السكر المستورد كانت له أسباب في الوقت السابق، وقال: فكان من الأجدر معرفة أسباب استيراد السودان لسلعة السكر في ظل امتلاكه لخمسة مصانع (كنانة، سنار، الجنيد ،حلفا والنيل الأبيض) بجانب أراضي صالحة لزراعة قصب السكر، وتابع: استيراد السكر يعتبر أحد أهم أسباب ارتفاع سعر العملة الأجنبية، حيث أنه سلعة عالية الاستهلاك في السودان وبها منافسة عالية بين المصنعين، حاصة أن أسعارها تخضع لأسعار البورصة العالمية، في السياق دعا الحكومة الانتقالية إلى دراسة أسباب تدهور صناعة السكر محلياً بجانب معالجة مشاكل الإنتاج والإنتاجية، وقال د. هيثم هناك تدهور ملفت للنظر في إنتاج السكر منذ خمس سنوات، وناتج ذلك بحسب تقديراته عن سوء الإدارة لهذا القطاع الأهم في البلاد، وقطع بأن القرار يدعم مصالح صناعة السكر الوطنية، مشيراً إلى أن هذه المصانع لا تستطيع المنافسة في ظل إعفاء المستورد من القيمة المضافة.
قرار الإعفاء
بينما وصف الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان محجوب، قرار مجلس الوزراء الانتقالي بإلغاء إعفاء ضريبة القيمة المضافة على السكر المستورد بالقرار السليم، لأن الحكومة تفرض ضريبة قيمة مضافة على السكر المنتج محلياً وبالتالي ليس من العدل إعفاء السكر المستورد من ضريبة القيمة المضافة طالما أنها مفروضة على السكر المنتج محلياً، وشدَّد د. الفاتح على الحكومة توجيه مواردها لإصلاح قطاع السكر المحلي، لافتاً إلى أن مصانع السكر الحكومية الأربعة تدنى إنتاجها خلال ثلاث سنوات، إلى ما هو دون (15%) من إنتاجها في السابق، وأكد أنه توجد الآن حاجة ملحة لتمويل إعادة تأهيل مصانع السكر الحكومية الأربعة إضافة لمصنع النيل الأبيض الذي يحتاج لإعادة النظر فيه بشكل كامل، ويعتقد أنه القرار الحكومي بإلغاء إعفاء ضريبة القيمة المضافة على السكر المستورد سيؤدي لزيادة السعر بنحو ثلاثة آلاف جنيه، للجوال، ويعتبر أنها قد تكون زيادة طفيفة إذا استقرت مستويات التضخم دون (100%.)