الشعبي بين التمكين والاستحداث.. هل يخرج من الجُزُر المعزولة؟
الخرطوم: نجدة بشارة 30 أكتوبر 2022 م
أعتبر القيادي بحزب المؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق، أن تعيين بروفيسور نوال الخضر، أميناً عاماً للشعبي يأتي في إطار الرئاسة الدورية (تداول التكليف الدوري بمهام الأمين العام للحزب)، والذي يكلف بها أحد النواب لمدة ثلاث أشهر، بالتناوب بعد اتفاق الحزب على التداول بين النواب .
وقال لـ(الصيحة): إن رؤيتنا الكلية التوحيدية للحزب لا تعترف بالجُزُر المعزولة بعضها عن بعض وإنما نؤمن بالتكامل والاتحاد على مستوى الأشخاص والأشياء، وقال: من خلال هذا الوعي الفكري لا نميِّز بين المرأة والرجل في القيادة والإمامة على كل المستويات.
سبق تاريخي
مؤخراً وفي خطوة مفاجئة وسبق تاريخي على مستوى الأحزاب السياسية السودانية أعلن حزب المؤتمر الشعبي، إنه في إطار تداول التكليف الدوري بمهام الأمين العام للحزب علي الحاج، (المحبوس لدى السلطات) بين نوابه، سلَّم أعباء الأمانة إلى البروفيسور نوال الخضر، من د. محمد بدر الدين.
وأضاف المؤتمر الشعبي في تعميم أنّ تكليف نوال الخضر، بأعباء الأمانة العامة سيمتد لمدة ثلاثة أشهر، قادمات.
وأكد عبد الرازق، أن تكليف بروف نوال يأتي ضمن خطوة لأول مرة على المستوى السياسي والتاريخي، في العصر الحديث، وزاد: نؤمن أن التكليف ليس خصماً على الرجال أو نساء وإنما المواهب عطاء من الله، وشاهدنا التاريخي الملكة بلقيس التي قادت قومها إلى الفلاح الكامل، لذلك الأمر لدينا ليس ذكورة وأنوثة وإنما مسألة مواهب نفيسة .امرأة تقية، نقية، ذكية، خيراً من ذي لحية كفور، جاهل وبليد.
خطوة جريئة
وأوضح عبد الرازق، أن التكليف جاء وفق خيارات حرة، ومعايير متوافق عليها لدى الشعبي، والتي يستوي حولها الجميع .
وأقر في ذات الوقت أن تولية امرأة لمنصب أمين عام، خطوة جريئة قصد منه تغيير وجه التاريخ، والصعود على ظهر التقاليد البالية، وأردف: (الناس لا يؤمنون بمثال معلق في السماء، مثلما تتحدث الأحزاب السياسية عن أهمية تمكين المرأة، ونحن ضربنا مثلاً على أرض الواقع بأن جعلنا امرأة على هرم الحزب حتى نقول قدَّمنا أنموذجاً تحتذي به الأحزاب الأخرى ونفتح الطريق أمام تقدم النساء وأمام إحداث معادلة توحيدية في حركة الاستتهاض.
نمط جديد
وأكد أن نهج تمكين المرأة نهج مستلهم من الراحل الشيخ حسن الترابي، حيث كان معظم النواب من النساء، وزاد: لكن -حالياً- اتخذنا نمطاً جديداً، أو منهجاً عبر الرئاسة الدورية للأمين العام المكلف من النواب الثلاث، حيث انتهت دورة د. محمد بدرالدين، ومن قبل دورة د. الأمين عبد الرازق.
ورأى أن دكتورة نوال تضرب أنموذجاً يحتذى به بين كل النساء في تقدُّمهن بموهبتهن وليس بالمجاملة.
ويرى أن تاريخ السودان لن ينهض ما لم تستوي المعادلة بين الرجال والنساء، عبر تمكين النساء في كل المجالات، وأردف: هذا نهج قديم متوارث للحزب الشعبي، بينما أشاد بتطور ظاهرة دخول المرأة إلى ساحات السياسة والقيادة هي ظاهرة تطور اجتماعي جليلة النقد عظيمة الأثر، وأن الأوان أن تؤم المرأة السودانية في كل الدولة والقيادة وفي قيادة الأحزاب وعلى كل المستويات.
أرض الواقع
وفي تعليق سابق قالت الدكتورة إحسان فقيري، الناشطة في حقوق المرأة ورئيسة مبادرة “لا لقهر النساء”، إن ” الأحزاب السياسية في السودان حتى بعد ثورة ديسمبر لم تقرأ الواقع السياسي جيِّداً، فيما يتعلق بمشاركة النساء سواءً قيادة الأحزاب أو في الحكومة،
وأضافت فقيري، “لا تزال العقلية السودانية متأخرة في ما يخصّ عمل المرأة وتولّيها للمناصب، لذلك يجب على النساء داخل الأحزاب أن يصارعن هذا الاتجاه الذكوري لكي يصبحن قوة ضاغطة حتى يتبنّى الحزب قضايا المرأة ويجعلها من أولويات برنامج الحزب السياسي، لأن قضايا النساء جزء أصيل من قضايا المجتمع والصراع السياسي”.
انفتاح ومناصرة
ويرى محلَّلون أن المؤتمر الشعبي كأحد الأحزاب الإسلامية التي تعاقب على قيادات مفكرين ومنفتحين، لاسيما الأمين العام الراحل د. حسن الترابي، الذي امتاز بالانفتاح ومناصرة قضايا المرأة، وعقبه إبراهيم السنوسي، ثم علي الحاج، وفي مجلس شورى المؤتمر الشعبي، لاختيار الأخير للأمانة العامة للمؤتمر الشعبي، دفع بالقيادية ثريا يوسف، مرشحة للأمانة، والأمين العام الأسبق (والمعتقل حالياً) علي الحاج، هو واحد من قيادات الحركة الإسلامية، ويعرف عنه انحيازه لجناح الدكتور حسن الترابي، وأمسكه بأهم الملفات السياسية في حزب المؤتمر الشعبي، على الرغم من إقامته لنحو (١٥)عاماً، في منفى اختياري بألمانيا.
وقال المحلِّل السياسي د. عصام بطران لـ(الصيحة): إن الخطوة ليست بالجديدة على الكيانات الإسلامية والحركة الإسلامية .ورأى أنها أعطت المرأة مكانتها التاريخية كقيادات تقلدن أمانات وفقاً للتراتيبيات وأثَّرن وتأثَّرن بالساحة السياسية أمثال سعاد الفاتح،
وأوضح لا أعتقد أن تقلُّد امرأة لمنصب الأمين العام شيء طبيعي وفقاً للتراتبية، وجاء في وقته، وقال: استحسن نظام المداورة الذي ابتدعه المؤتمر الشعبي بين النواب الثلاثة نسبة إلى وجود الأمين العام (محبوس لدى السلطات)، وهذه التراتيبية عادلة، وأردف اعتقد أن ما حدث مسألة قدرية وجاء وليد زمانه.