الحزب الشيوعي.. الوقوف منفرداً
تقرير: الطيب محمد خير 30 أكتوبر 2022 م
اتخذ الحزب الشيوعي موقفاً منفرداً في الساحة السياسية منذ خروجه من تحالف قوى الحرية والتغيير في نوفمبر 2020م، احتجاجاً على هضم حقه في المشاركة المنصفة في اتخاذ القرارات وأعلن معارضته لحكومة الفترة الانتقالية والعمل على إسقاط وتبني خط متشدِّد ومتصلب في موقفه المنفرد بعد قرارات 25 أكتوبر، رافضاً دعوى قوى الحرية والتغيير للجلوس معه ككتلة لتسوية الخلاف وتوحيد قوى الثورة، مشترطاً الجلوس معها كقوى حزبية منفردة، ورفضت قوى الحرية والتغيير هذا الشرط وصرفت النظر عن السعى لتسوية خلافها مع الحزب الشيوعي الذي اتخذ موقفاً أكثر تصلُّباً بكيله الاتهامات لنظرائه في الساحة السياسية بالتماهي مع العسكريين وقوى الثورة المضادة من خلال نظرية التخوين التي ينتهجها تجاه كل من يخالفه.
ومحور الخلاف بين الحزب الشيوعي وحلفائه في قوى التغيير حول أهداف ومتطلبات ثورة ديسمبر التي حدَّدها تحالف قوى الحرية والتغيير في إطلاق الحريات وسيادة حكم القانون واجتثاث الفساد وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وتحقيق التحوّل الديموقراطي و التعدّدية. ويرى الحزب الشيوعي في هذا تقزيماً للثورة وحصرها في إطار مؤامرة الهبوط الناعم الدولية التى يرى أنها تفرض التسوية السياسية على جميع القوى السياسية وليس برضا أيّ طرف من الأطراف السودانية، في إشارة منه للآلية الثلاثية وبعدها الآلية الرباعية اللتان قادتا مبادرة لحل الأزمة بين المكوِّنين العسكري والمدني التي قبلت بها قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وطرح من خلالها الجبهة المدنية الواسعة جبهةً لجمع فرقاء قوى الثورة، ويرى الحزب الشيوعي في هذه حيلة من قوى الحرية والتغيير للوصول لتسوية بالتفاوض مع المكوِّن العسكري.
وظل الحزب الشيوعي حسب مراقبون متأرجحاً في خطه السياسي بين تحالفه الذي وقع اتفاقه في كاودا مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور، وبين المضي في ما أسماه التغيير الجذري.
حيث وجد الحزب الشيوعي -حسب تصريحات كثيرة- انتقادات واسعة في تحالفه كحزب مع حركات مسلحة .
حيث لم يصمد تحالفه طويلاً وانهار بعد أن تبرأ حلفاؤه الذين اختارهم لتعزيز مواقفه بهذا الحلف، وما لبث أن أعلن الحزب تبنيه لما أسماه بخط التغيير الجذري ووصف السكرتير السياسي للحزب محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي خط التغيير الجذري إنه تحالف يضم كل القوى السياسية والنقابية ولجان المقاومة المؤمنة بالتغيير الجذري، والرافضة لأفكار التسوية مع الانقلاب حسب وصفه قاطعاً بأن قوى الحرية والتغيير لن تكون جزءاً من تحالف التغيير الجذري، لأنها تمثل مصالح طبقات اجتماعية متعايشة مع النهج السياسي الاجتماعي الذي أورد البلاد موارد الهلاك طوال أكثر من 60 عاماً، من الاستقلال البلاد .
وظل الحزب الشيوعي يكثف نشاطه لتسويق رؤيته السياسيه مشترطاً من يريد الالتحاق بها أن يلتزم بخطه الذي رسمه للتغيير والمقاومة ليضع الحزب الشيوعي علامة استفهام كبيرة وهو يسير وحده فما الذي يريده؟
طرحت (الصيحة) هذا السؤال على عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي آمال الزين، قالت: إن سبب عدم تقارب الحزب مع أي قوى سياسية لأنه طرح مشروع سياسي هو مشروع التغيير الجذري ويرحب بانضمام أي حزب لم يشارك النظام السابق أو دعم انقلاب 25 أكتوبر، لقوى التغيير الجذري وأي حزب يتوافق معه مشروعنا السياسي مفارقة التبعية القديمة الاجتماعية والاقتصادية ورهن القرار السياسي لحيازة فئة محدَّدة للسلطة والثروة منذ الاستقلال وإلى الآن وهو المسار الذي نريد أن نفارقه من خلال مشروع التغيير الجذري .
وعن أسباب مفارقتهم لقوى الحرية والتغيير ورفضهم التقارب معها قالت آمال: أول الأسباب عدم التزامها بالمواثيق، إضافة للتكتلات التي كانت تحدث داخل التحالف وأفرزت تبني سياسات كانت ضد مصلحة الشعب السوداني وخضوعها الكامل لسلطة العسكر داخل الحكومة الانتقالية وتعطيل الوصول لأهداف الثورة بتعطيلها للمجلس التشريعي وإبرام اتفاقية جوبا المعيبة والأهم اتباعها سياسة خارجية تضر بالسودان بالسماح لنهب الموارد وفتح الطريق أمام السفارات بالتدخل السافر في القرار السوداني الآن السفراء يتصلون مباشرة بالمواطنين في منازلهم والآن قوى الحرية والتغيير ماضية في مسار التسوية وهذا يتقاطع كلياً مع مشروع التغيير الجذري الذي يتمسَّك باللاءات الثلاث كاملة كما طرحها الشارع السوداني.
وقطعت آمال: إن الحزب لم يحدِّد سقف زمني للوصول لغاية التغيير الجذري ويعمل بسياسة النفس الطويل، وأضافت قائلة: نحن في الحزب الشيوعي لسنا طلاب سلطة، وهدفنا الأهم والأسمى إشراك أكبر قدر من قطاعات الشعب السوداني في السلطة السياسية وبالتالي ليس مهماً أن نصل في أي وقت يكون، أما الحديث عن أن موقفنا يطيل من أمد الانقلاب السؤال الأهم كيف أتى الانقلابس؟ لتجيب: الانقلاب جاء نتيجة الأخطاء التي ارتكبت في الفترة التي مضت من عمر الانتقال وأن لم تعالج بصورة جذرية، مؤكداً سنعود لذات النقطة ولن يتم تقارب بيننا أن لم تكن هناك شفافية ووضوح في رفض الأخطاء وكيفية تفاديها مستقبلاً.
وقطعت آمال أن الحزب الشيوعي أقام تحالفاً واحداً وليس عدة تحالفات كما يتردد في الوسائط الإعلامية وهو تحالف التغيير الجذري، وهو تحالف لايزال قيد الإنشاء مع الفئات الاجتماعية المختلفة الأقوياء الذين يمثلون السواد الأعظم من جماهير الشعب السوداني ممثلة في كل قوى الهامش الموجودة في كل أرجاء السودان والأيام القادمة ستشهد انضمام العديد من الأجسام لمشروع التغيير الجذري.
ونفت الحديث عن تراجع حركتي تحرير السودان بقيادة عبدالواحد والحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو عن الانضمام لمشروع التغيير الجذري، وقالت: ما يدور حديث عارٍ من الصحة لأن مايلي الحركة الشعبية جناح القائد الحلو مضى معها حول عدد من القضايا وأعلنا صراحة وقلنا لم نوقع اتفاقاً معها لكن وقعنا اتفاقاً سياسياً مع حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد وهو اتفاق واضح المعالم ملزم للطرفين، لكن لظروف خاصة بالحركة والحزب تأجل التحاق حركة تحرير السودان بالمركز الموحد لتحالف قوى التغيير الجذري .
من جانبه قال الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن لـ(الصيحة): إن الحزب الشيوعي يتحدث عن الوثيقة الدستورية فهو شريك أصيل في وضعها .
وأضاف: نحن في قوى الحرية والتغيير نعتبر مايتم معارك انصرافية لا قيمة لها، ونناشد الحزب الشيوعي وكل قوى الثورة أن يتوجهوا للمعركة الكبرى لإسقاط الانقلاب في هذه الفترة لأننا غير مستعدين للانشغال بالمعارك الجانبية الصغرى، ويجب أن تؤجل أي خلافات لأنه ليس من الحكمة الدخول في معارك مع قوى الثورة التي نسعي لتوحيدها ونطلب من إخوتنا في الحزب الشيوعي أن يوقفوا هذه المزايدات، لأن هذا ليس وقتها وبعد إسقاط الانقلاب وانتشال البلاد من أزماتها الشعب السوداني هو الحكم الذي يقيِّم من الذي قام بالهبوط الناعم ومن الذي عمل ضد مصلحة الدولة السودانية، وأكرر الآن غير مستعدين للدخول في أي معارك جانبية مع أي طرف يسعى لإشعالها ليشغلنا عن معركتنا لإنهاء الانقلاب.
وقال المقرِّر السابق للجنة إصلاح قوى الحرية والتغيير عادل المفتي لـ(الصيحة): إن موقف الحزب الشيوعي وإصراره على العمل منفرداً واضح أنه موقف بدون أهداف لن يصل إلى أي نتيجة وطالما هناك انقلاب، فالسؤال هنا ما الأدوات التي يمكن استخدامها لإسقاطه؟ ومعروف في البداية أن تتم تهيئة الجيش للانحياز لمصلحة الشعب وهذا ما حدث في كل الانتفاضات التي أطاحت بالدكتاتوريات في السودان، لكن واضح ليس لدى الحزب الشيوعي أي أداة لإسقاط الانقلاب وما يظهر منه مجرَّد شعارات لاستقطاب الشارع واستمالته لجانبه لتقوية الجهة التي يسعى لتشكيلها لكن ليس هناك شئ ظاهر من الحزب الشيوعي يمكن أن نراهن عليه لإحداث التغيير.