عام على 25 أكتوبر.. الشرطة في مرمى نيران الثورة!!
تقرير- مريم أبَّشر
وجد البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية عشية مليونية الخامس والعشرين من أكتوبر، الذي يتزامن مع مرور عام على انقلاب الجيش على السلطة المدنية بشأن ما اعتبرته مظاهر مستحدثة وخطرة تزامنت مع مواكب المتظاهرين, امتعاطاً واستنكاراً واسعاً من قبل القوى السياسية والقوى الشبابية الحيِّة التي تقود الحراك مطالبة بعودة الحكم المدني, وحسب ما نقلته لجنة الأطباء المركزية فإن العنف واجهت به السلطات الأمنية التظاهرات اسفر عن ارتقاء روح متظاهر دهساً بعربة تابعة لقوات الأمن، خلال التظاهرات شارك فيها الآلاف في الخرطوم وعدة مدن أخرى، وقالت الشرطة، إنها تتعامل مع ما سمتها “قوات مدربة بتشكيلات عسكرية مسلحة”، واتهمتها بأنها تتبنى “العنف والتخريب وشعارات تدعو للعنف” خلال الاحتجاجات التى شهدتها البلاد في الذكرى الأولى للإجراءات التي اتخذها الجيش، وشملت إقالة الحكومة واعتبرت القوى أن البيان يعد بمثابة دعوة موجهة للسلطة بمنح الشرطة مزيد من الصلاحيات التي تمكِّنها من ممارسة مزيد من العنف ضد المتظاهرين .
بيان الشرطة
قوات الشرطة أشارت في بيانها أنها قامت بتنفيذ خطة لجنة شؤون الأمن بالعاصمة، وذلك بنشر القوات لتأمين المواقع الاستراتيجية وحماية المواكب السلمية وفق التعليمات التي صاحبت الخطة والإرشادات والتحذيرات التي وجهت للمواطنين، وأشار إلى متابعة الشرطة للمسارات بالمدن الثلاث، حتى وصولها للمواقع الفاصلة المحيطة بالمواقع الاستراتيجية وتم التعامل بالغاز وخراطيم المياه بحضور المراقبين والمستشارين المنتدبين من النائب العام ووزارة العدل بحسب البيان، ومضت الشرطة قائلة: (إلا أننا ومنذ الساعات الأولى للتعامل وجدنا أننا نتعامل مع قوات مدرَّبة بتشكيلات عسكرية مسلحة تتبنى العنف والتخريب وتحمل أعلام بألوان (أحمر – أصفر – أسود – أزرق)، وشعارات تدعو للعنف بزي موحَّد لكل مجموعة (فنايل – خوز – كمامات قفازات – نظارات)، ويحملون أدوات كسر وقطع وتتبعهم دراجات نارية مجهولة مع تسليح كامل وموحَّد بالدرق والغاز والملتوف والخوازيق المصنعة وشنط جراية في الخلف. ومضى البيان مفصلاً..قادة الجماعات يوجهون ويصدرون التعليمات للمجموعات بأسلوب الكر والفر وقطع الطرق والاعتداء على المواقع العسكرية بصورة متكرِّره داخل حرم المنطقة العسكرية بعتادهم (المستشفى العسكري والمرضى) . بجانب تبني العنف والتعتدي على مركبات الإطفاء وتمنعها من أداء واجبها، و نبَّهت الشرطة بحسب بيانها (ماذكر يدل على أنهم غير مدنيين ويؤكد ذلك خلو المواكب من الإعلام والشعارات الحزبية والسلمية مع غياب الذين دعو للحراك لتحمل المسؤولية وإصرار المتفلتين على التدمير والتخريب يدل على المؤامرة وانتمائهم لجماعات وتنظيمات غير مشروعة لا تريد الإعلان عن نفسها, وقالت الشرطة ما حدث يؤكد معلوماتها بوجود جماعات منظمة ومتمردة ومتفلتة وخلايا نائمة تستخدم السلاح الأبيض والناري وعبوات ناسفة تستهدف أمن العاصمة تحت تأثير المخدر والمواد السامة وجدت ضالتها في المواكب وتعمل لتحقيق أهدافها تحت غطاء سياسي.
تحديد موقف
ومضت أكثر تأكيداً بأن ما حدث ( تؤكده سجلاتنا الجنائية للجرائم والمضبوطات خلال العام الماضي وهو واقع بشهادة الجميع وعلى مرأى ومسمع المنظمات الإقليمية والدولية وممثلي دول العالم)،
ووجهت الشرطة طبقاً لبيانها مناشدة لقادة الحراك بتحديد موقفهم من هؤلاء الذين يدعمون التفلت والخراب وتدمير الممتلكات وزعزعة الأمن وبين الاحتجاج السلمي والتنظيم الحزبي المشروع للمساهمة في حفظ الأمن والاستقرار. وناشدت كذلك وزارة العدل والجهاز التشريعي بفرض إجراءات استثنائية لتمكننا من مواجهة تلك الجماعات لحسم الفوضى وردع وتقديم الجناة للعدالة الناجزة والمحاكمات الإيجازية في مواجهة الجرائم ضد الدولة وحيازة الأسلحة والمخدرات وإيواء المتفلتين لبسط هيبة الدولة وإحكام سيادة القانون حفاظاً على أمن الوطن والمواطن .
بيان تهديد
قوى الحرية والتغيير اعتبرت البيان الذي أصدرته الشرطة بشأن مليونية الخامس و العشرين من أكتوبر، “تهديد” لاستمرار العنف، داعية لمواصلة التظاهر. وقالت القوى في بيان إن بيان الشرطة “بمثابة تهديد واستمرار للعنف والتبرير له ووضع إطار له من خلال مؤسسات السلطة وأجهزتها الأمنية والعسكرية”.
ودعت القوى المحتجين “للاستمرار في تنويع آليات المقاومة المدنية والسلمية المختلفة من خلال تسيير المواكب السلمية والاحتجاجات والالتزام الكامل بالسلمية”.
بائس وكوميدي
من ناحيته قال رئيس حزب المؤتمر السوداني المهندس عمر الدقير: إن الشرطة لم تبد اكتراثاً لموت قاسم أسامة، عبر البيان الذي أصدرته, وكتب الدقير في تدوينة على “فيسبوك” “من أسوأ ما يمكن أن يفعله فردٌ، أو مؤسسة، هو أن يتمادى ويقتحم مشاعر الحزن والأسى – التي تَسبّب فيها – بخطاب كوميدي بائس يتجافى عن الحقائق ويفتقر إلى التماسك . وأضاف وذلك بالضبط ما فعلته قيادة الشرطة عبر بيانها، الصادر مساء أمس الأول، الذي لم تُبْدِ فيه اكتراثاً لموت الفتى الشهيد قاسم أسامة – رحمه الله – الذي قضى نَحْبه دهساً بإحدى سيارات “الكَجَر”، ولم تَكْتَرِثْ للدّم الذي تدفّق من شرايين العديد من الجرحى جرّاء القمع المفرط الذي مارسته ومعها بقية الأجهزة الأمنية”. وأضاف “ولكنها مع كلِّ هذا الدّم المسفوح طلبتْ “فَرْض إجراءات استثائية” تتيح لها ممارسة المزيد من القمع الدموي في زمنٍ غابر لم تتوقف سادية نيرون عند التلذُّذ بحريق روما، بل الأنكى أنه مع اشتداد الحريق طلب من أهل روما أن يصغوا إليه ويرقصوا على وَقْعِ غنائه بصوتٍ أجَشٍّ قبيح، وكذلك كان بيان قيادة الشرطة المُعَبِّر عن سلطة الانقلاب”.
مسافة واحدة
مصدر أمني -فضَّل حجب اسمه- بدأ إفادته لـ(الصيحة) حول ما أثاره بيان الشرطة بوجود مسلحين داخل التظاهرات مسائلاً: (إذاً أصلاً هم مسلحين لما التظاهر إذن)، وأضاف قائلاً: إن من يحمل علماً ينشد بالتأكيد الظهور ولهم في رسول الله أسوة حسنة، حيث كان يحمل الرايه السوداء، وزاد: أي جهة تحمل علماً هذا يعني أنها تعلن عن نفسها وليست مدسوسة كما يوحي بيان الشرطة، وحذر المصدر من أن العنف الذي تواجه به الشرطة المتظاهرين سيولِّد عنفاً آخر و روح انتقامية، ولفت إلى أن الشباب المتظاهر قدَّم حتى الآأن أكثر من مائة شهيد خلال عام، وقال: إن الشرطة يجب أن تكون محايدة و أن تدع المتظاهرين يعبِّرون عن رأيهم طالما التزموا بالسلمية وأن لا تتدخل إلا في حال خروج المظاهرات عن سلميتها أو شرعت في حرق الممتلكات العامة أو تخريبها.
بسط الهيبة
الخبير العسكري عبد الرحمن الأرباب، رأى أن بيان الشرطة وطلبها للسلطات بحسب إفادته لـ(الصيحة) تأخرت كثيراً، مضيفاً أن الغرض هو الحفاظ على الأمن وبسط هيبة القوات الأمنية، وزاد: إذا فقدناها سيصبح السودان مستباحاً، وقال: نحن مع التعبير، ولكن استخدام العنف وقفل الطرق هذا لا يعني تعبير عن الديموقراطية، بل استغلالها لتحجيم الآخرين واتهم الأجهزة الأمنية -حسب قوله- بالتراخي في منع العنف، وقال: إن الدولة خائفة من المجتمع الدولي، واعتبر البيان جاء في محله وخطوة جيدة يجب أن تساند وتدعم، وشدَّد بقوله: يجب أن تضرب الأجهزة الأمنية بيد من حديد ضد أي شخص يدمِّر البلاد أو يخرِّب .