تشريح الواقع السياسي بعد عام من قرارات 25 أكتوبر
الخرطوم- الصيحة
استضاف برنامج (حديث الناس) على قناة النيل الأزرق،عدداً من الصحفيين والإعلاميين لتقديم وجهات نظر وقراءات وتشريح للواقع السياسي بعد عام من قرارات رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وتباينت وجهات النظر والتحليلات بدءاً من تسمية الحدوث ومروراً بالحال الراهن ووصولاً للمترتبات والنتائج.
وقال رئيس تحرير صحيفة (التيار) عثمان ميرغني، إن ما حدث في اكتوبر 2021م هو انقلاب عسكري قطع فترة ديمقراطية متفق عليها بوثيقة دستورية، وكان يمكن معالجة اي ملاحظات وفق القوالب والهياكل الدستورية.
وأشار إلى ان الواقع الآن هو العمل على الخروج من الفترة الانقلابية للفترة الانتقالية، واوضح ان هنالك 31 انقلابا ناجحا وفاشلا في السودان كلها كان خلفها المدنيون هم يخططون ويدبرون ويتواطأون والعسكر فقط ينفذون.
وأضاف ان الفكر السياسي في السودان محير يتحدث عن هيكلة الجيش لمنع الانقلابات وكل الانقلابات تقوم بها الاحزاب والسياسيين، وأشار الى د. عبد الله حمدوك هو سبب كل ما حدث واخر ما قاله في 30 يونيو ان هنالك تشظي وخلافات والسودان مواجه بين البقاء والزوال وهو رئيس الوزراء ولم يحرك ساكنا.
وأوضح ميرغني انه اذا تم محاكمة الانقلاب يجب ان يحاكم المدنيون والعسكريون، وقال ان اللاعبين المدنيين بعد 11 ابريل لم يكن لديهم اللياقة الكافية لادارة دولة، مطالبا بضروة ان تنتقل المعركة لمعركة الدولة وليس الثورة، والشعب السوداني شبع ثورات ورجال الدولة ليس هم رجال الثورة وسيادة عقلية رجال الثورة هو الذي انتج هذا الواقع.
وذكر أن حكومة حمدوك الثانية كان محكوم عليها بالسقوط وهي ساقطة ساقطة في كل الاحوال واذا لم يحدث الانقلاب لانهار السودان، والتحالف الحاكم الذي كان يدير الدولة لم يكن لديه عنوان ولا ايميل ولا خطة ولا برنامج واهمل ملف العدالة الذي يطالب بها وانهى عقودات القضاة في المحكمة الدستورية وكانت الدولة تدار باليوميات.
وأضاف ميرغني ان التسوية التي يريدها المجتمع الدولي الان هي التي لا تعيد أي قوى مرفوضة بالنسبة لهم للمشهد مرة اخرى، مؤكدا ان القرار السوداني مرهون بيد المجتمع الدولي بنسبة 100℅.
ووصف ما يحدث الان في أقليم النيل الازرق بأنه خطير لابعد درجة، مشيرا الى تسليح تم لقبائل الاقليم باسلحة قد تفوق تسليح الجيش، موضحا انها حرب منظمة وتحولت الى حرب دينية وهنالك دعوات كبيرة للاستنفار لمكونات خارج الاقليم وخارج السودان.
من جانبه، أوضح الكاتب والباحث السياسي محمد المبروك، انه كانت هنالك ملاسنات ودعوات لتوسيع قاعدة المشاركة قبل اجراءات 25 أكتوبر والحرية والتغيير التحالف الحاكم كانت ترفض تلك الدعوات وتصفها بمحاولة اغراق المشهد السياسي بقوى سياسية خارج قوى الثورة.
ونوه إلى ان هنالك واقعا سياسيا جديدا أنتجته 25 اكتوبر وتسلل الاسلاميون الى المشهد عبر كتلة نداء السودان وتحرك الحزب الاتحادي الاصل من حالة الانكماش واصبح فاعلا حقيقيا في المشهد السياسي، وأوضح انه لايمكن اخراج العساكر من العملية السياسية ولا يمكن الحديث عن فشل السياسي السوداني بمعزل عن القائد العسكري، واشار الى ان السودانيين افضل من يضعون برامج وطنية جيدة لكن المشكلة فقط في التنفيذ، والسودان يمتلك ارثا سياسيا كبيرا من الانقلابات والمفاصلات والفترات الانتقالية وما قام به البرهان ليس جديد.
وأضاف المبروك بأن السودانيون كانوا يتوقعون فك العزلة الدولية ورفع اسم السودان من قائمة الارهاب واسقاط الديون بمجرد سقوط البشير ولكن ذلك لم يحدث وتم دفع 335 مليون دولار مقابل ذلك وخلال فترة حمدوك لم يقدم المجتمع الدولي اي شئ للسودان.
واعتبر ان تسمية ما حدث بانقلاب هو ذريعة يمنحها السياسيون للمجتمع الدولي لفرض مزيد من العقوبات والإجراءات على السودان، متوقعا حدوث تسوية قريبة تشمل الاتحادي الاصل والحرية والتغيير الوفاق الوطني وكتلة نداء اهل السودان بالاضافة للمؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي وحزب الامة.
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة المجهر السياسي الهندي عز الدين، إن ما حدث في 25 أكتوبر كان متوقعا وان البيئة السياسية كانت بيئة ومناخ انقلاب لوجود خلاف سياسي كبير بين التحالف الحاكم المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير وصل الى حد الملاسنة بين عضو مجلس سيادة ورئيس مجلس السيادة بالاضافة الى توقف الاجتماعات بين الشريكين.
واشار إلى ان ما حدث لا يمكن تسميته بالانقلاب لانه لم يات ضابط من رتبة ادنى من الجيش لاستلام السلطة كما يحدث في الانقلابات الكلاسيكية التي تمت في السودان والبرهان لحظة الانقلاب كان هو راس الدولة، مشيرا الى ان امريكا والمجتمع الدولي لم تسم ما حدث بالانقلاب لأن ذلك يترتب عليه إجراءات معينة وانما سمته استيلاء على السلطة بالقوة، وأوضح أن تلك الخلافات كان يمكن ان تحل بين الشريكين.
واكد الهندي ان المجتمع الدولي يهتم بمصالحه فقط ولا يبحث عن ديمقراطية وما قام به البرهان في 25 اكتوبر كان بضوء اخضر من امريكا والغرب وامريكا تنظر للبرهان انه الرئيس السوداني الوحيد الذي استطاع ان يكسر حاجز الرفض والرهبة للعلاقة مع اسرائيل وذهب لمقابل نتنياهو في عنتبي في خطوة كبيرة في تاريخ السودان وهذا الاختراق الكبير منحه رصيدا سياسيا ولم يتم فرض عقوبات على البرهان والمكون العسكري قادة انقلاب 25 خوفا من التمدد الروسي في افريقيا.
ونوه الى ان البرهان والمكون العسكري لم يستفيدوا من التناقض الكبير بين الغرب وروسيا بسبب حداثة التجربة وعدم وجود مكتب سياسي والبرهان يعمل بطريقة “رزق اليوم باليوم”، وقال ان هنالك راحة في الوسط السوداني الغير منتمي للحرية والتغيير لقرارات 25 اكتوبر، واضاف ان حمدوك فشل في كل شئ سياسيا وتنفيذيا والبرهان بعد اتخاذ القرار لم يكن لديه خطة واضحة ولا رئيس وزراء جاهز.
ونبه الهندي الى ان المكون العسكري الحاكم الآن يبحث عن خروج آمن والحديث عن خروج الجيش من العملية السياسية في السودان هو حديث هطل والنظام الدقيق الموجود في المؤسسة العسكرية السودانية غير موجود في أي حزب سياسي والاحزاب السياسية التي تبحث عن الديمقراطية هي نفسها غير ديمقراطية.
واكد وجود اختلال في رؤية مصر والسعودية للمشهد السياسي في السودان، مشيرا لوجود خلل تنظيمي واداري في حزب الأمة القومي، وقال ان القوى السياسية التقليدية حزب الامة والاتحادي الاصل هم صمام امان الاستقرار السياسي في السودان ويجب المحافظة عليهما.
بدوره، قال الكاتب الصحفي فيصل الباقر، ان ما حدث في 25 اكتوبر هو انقلاب كامل الدسم وكانما البرهان يقرأ من نفس الكتاب الذي قرأه البشير ونميري والفريق ابراهيم عبود.
وأضاف ان البرهان اختار الزمن الخطأ والانقلاب ضد الجيل الخطأ والزمن الان يمضي نحو الديموقراطيات، وأوضح ان جيل ثورة ديسمبر مستمر في نضاله اليومي نحو الديمقراطية، مشيرا الى ان انقلاب 25 اكتوبر لم يجد دعم الا من الذين لديهم “سلك براني” معه، وقال ان تاريخ السودان الحديث هو مقاومة الانقلابات والبحث عن الديمقراطية والنضال من اجلها.
وقال الباقر ان البرهان الان في متاهته الأخيرة قبل السقوط، واشار إلى ان طريق التنمية الذي اختارته القوى السياسية منذ الاستقلال هو الطريق الخاطئ عبر التنمية الراسمالية والاعتماد على الخارج وبيع السيادة والدخول في تحالفات خارجية، وأضاف “لا يمكن لأي منتهك لحقوق الانسان في السودان ان يبحث عن خروج آمن عبر تسوية”، واوضح ان الوضع الحقوقي في السودان يمضي من سئ إلى أسوأ والانتهاكات مستمرة منذ انقلاب 25 اكتوبر، وأي اتفاق لا يتحدث عن قضية العدالة لن يجد طريقا ومكانا في السودان، واعتبر ان القوى التي حكمت الفترة الانتقالية مدنيين وعساكر لم يكن لديهم رغبة في تحقيق العدالة.