25 أكتوبر 2022 م
ما هي المعايير التي قسّمتم بها القِوى السياسية إلى ثورية وغير ثورية؟
فولكر رئيس البعثة الأممية والثلاثية، قسّموا القوى السياسية والمجتمعية والأهلية السودانية وفق مزاجهم إلى ثورية وغير ثورية ووفق مصالحهم ومشاريعهم في السودان التي يُنفِّذونها ووفق مشروعهم الليبرالي العلماني الجديد الذي هو بعيدٌ عن الدين والقيم والعُرف والتقاليد السودانية، وهو مشروع غربي بَارَ في موطنه وأرضه وتخلت عنه المجتمعات الغربية بعد أن ثبت كساده وبواره ومصادمته للفطرة الإنسانية السوية، خاصة وأنّ أغلب دول الغرب عادت الى التدين والشواهد على ذلك كثيرة، منها أن ملكة بريطانيا حتى ماتت كانت رئيسة الكنيسة منها كل الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات في الغرب يودون قسم التكليف الدستوري على الكتب المقدسة وفي الكنسية وفق المعتقد الديني الخاص بأي بلد، بل كل دساتير الدول الغربية في المادة الأولى ينص على الدين، ولكن فولكر يعمل على إبعادنا عن ديننا وقيمنا وعاداتنا.
ومعلومٌ أنّ فولكر جاء الى السودان خِلسةً بموجب خطاب الدكتور عبد الله حمدوك السري إلى الأمم المتحدة رئيساً للبعثة الأممية، وبموجب تفويض محدّد تجاوزه رئيسها، بل صارت وبالاً على السودان وصار رئيس البعثة، وهو موظف في الدرجة الرابعة يتدخّل في الشأن السوداني الداخلي، بل يقابل رئيس الدولة ويخلف رِجلاً على رِجلٍ، مع أنه أقصى حد لمقابلته وكيل وزارة الخارجية، بل فقط مسؤول الملف في الخارجية!!
ولما تمدّد فولكر وأمسك بملف الحل السياسي للمشكل السوداني، قسم القوى السياسية الى أربع مجموعات وهي مجموعة الحرية والتغيير والمركزي وأعطاها الجلد والرأس، ومجموعة الحرية والتغيير التوافق الوطني وجعلها الثانية، ثم مجموعة الاتحادي الديمقراطي الأصل ومجموعة الشعبي (كمال عمر) وبعض من أنصار السنة، ثم بقية القوى السياسية الأخرى من غير المؤتمر الوطني.
وجعل السيد فولكر لكل قوى من هذه المجموعات موقعاً ومرتبة ودرجة وتصنيفاً، فمجموعة قحت المركزي هي كل شيء، وبقية المجموعات يتفاوت دورها ومكانتها حسب قُربها من أجندة السيد فولكر، وكذلك جعل مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين هي المرجعية وهي الكتاب المقدس، ودعا الآخرين للالتفاف حوله، والآن يحشد الناس إليه ضحىً!!
والسؤال هنا، على أي الأسس والمعايير قسّمت أهل السودان وأنت مُسهِّلٌ فقط، خاصةً وأن أهل السودان هذا وطنهم وهم أصحاب القرار، وأنت رجل أجنبي جاءت بك المقادير الكونية لتكون مُسهِّلاً في العملية السياسية السودانية، وأهل السودان أصحاب الجلد والرأس!!
ثانياً، إنك جعلت من المجموعة الأخيرة فلولاً، ولم تدرِ أن الجميع فلول، كل هذه المجموعات اشتركت في الإنقاذ، فبعضهم صنع الإنقاذ كالشعبي، وبعضهم موجودٌ في السلطة حتى سقوط نظام البشير في أبريل ٢٠١٩م، وزراء وأعضاء في المجلس الوطني ومجلس الولايات والمجالس الولائية وحكومات الولايات كالاتحادي الأصل وأنصار السنة.
وإن زعمتم أنهم الثوار، فإنّ الثورة تراكمية وقطار الإنقاذ حمل الجميع، نزل بعضهم في محطات مُختلفة، وكذلك ركب آخرون،
وكذلك أغلب الذين اشتركوا في الإنقاذ دخلوا بموجب اتفاقيات كاتفاقية جوبا، وبعض من عناصرها كان في قيادة الإنقاذ بموجب اتفاقيات أخرى سابقة.
والجميع ينطبق عليه شرط الاتفاقيات، هذا من نيفاشا وأبوجا والدوحة وجيبوتي والقاهرة مع الشريف الهندي، ثم بعضهم بالحوار الوطني.. إذن ما هي المعايير التي جعلت هؤلاء ثوريين والآخرين فلولاً؟!
أمّا الحديث عن حجم الأحزاب، فإن أحزاب قحت المركزي لا أثر لها انتخابياً من المجلس المركزي منذ عام ١٩٥٣م وحتي يومنا هذا، عدا حزب الأمة القومي وقد تضعضع كثيراً وفقد حتى كاريزما السيد الصادق المهدي، ولا مجال له في السياسة بعد الوعي الذي عمّ القرى والحضر ومع العالم الرقمي.
أمّا إن كان ذلك بعلاقة هذه القوى بالدوائر الغربية والبرنامج العلماني الليبرالي الجديد الذي جاء بسيداو والمثليين جنسياً والملحدين وعبدة النار والشمس، فهو معيارٌ لا وجود له في الأرض السودانية، وكثير من القوى السياسية التي صنّفتها ثواراً لن تركب هذا الجواد الجامح.
ولذلك لن تنجح لا في تسوية سياسية، ولا في إيصال ما ترغب الى السلطة لا بهذا الحوار ولا بالانتخابات التي هي مُهمّتك، ولا تتحدث عنها ولا أصحابك من القوى السياسية التي تواليها وتواليك!!
إذا تريد الشعب السوداني الأبي يكون عملاء وحَمَلَة جنسيات مزدوجة ولافين على السفارات هذا لن يحدث!! راجع تاريخ السودان وتعلم منه، أين غردون، وأين كتشنر، وأين إسماعيل باشا والقائمة تطول…؟ ألم تسمع بالمهدي والخليفة عبد الله وعثمان دقنة والأمير كافوت وعبدالقادر ود حبوبة…؟ وألم تسمع بالنجومي وحمدان أبو عنجة والزاكي طمل ويونس الدكيم ومادبو والدرويش السحيني…؟ وألم تسمع بالسلطان علي دينار ولا السلطان عجبنا ولا آدم وديالو ولا المك نمر، ولا سمعت بمهيرة بنت عبود ومندي عجبنا ولا سمعت ثوار اللواء الأبيض علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ ولا أزهري والمحجوب ودبكة ومشاور جمعة سهل، ما سمعت بكسار قلم ماكمايكل؟!
عليه، خليني أهمس في أذنك إن وثيقة المحامين لن تكون دستور الفترة الانتقالية المتبقية، وإن دفن الليل أب كراعاً بره لن يكون حلاً للقضية السودانية، وأعرف أن السودانيين (موكجنين) الأجانب!!
الحل في الإجماع الوطني الذي لا يستثني أحداً ويتم في مائدة مستديرة، وكل مسودات الدساتير توضع على التربيرة، وما يجمع عليه أهل السودان هو الذي يسود، أما أي حل آخر مصيره الفشل وستسمع قريباً جداً (يا غريب يلا لي بلدك.. سوق معاك ولدك ولملم عددك).. الشعب السوداني معلمٌ جبّار!!
يا أيها الثلاثية تعلّموا من التاريخ وذاكرة الشعوب لا تنسى.