25 أكتوبر جدل لا ينتهي.. تصحيح مسار أم انقلاب؟
أجرت المواجهة: نجدة بشارة 25 أكتوبر 2022 م
عام من الجدل والمشاكسات التي لم تهدأ بين المكوِّن العسكري وشركائه من جهة، والمكوِّن المدني والشارع من جهة أخرى، وكلا الطرفين يسمي ما حدث في ليلة الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 حسب وجهة نظره السياسية.
(الصيحة) أجرت مواجهة بين المكوِّنين، ورأت الحرية والتغيير الميثاق الوطني أن قرارات 25 أكتوبر تصحيحية، وفض شراكة، بينما رأت الحرية والتغيير أن ما حدث انقلاب كامل الأركان.. إلى المواجهة:
القيادية بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير سلمى جعفر النور لـ(الصيحة):
ما حدث في 25 أكتوبر انقلاب مكتمل الأركان، وقطع مسار التحوُّل الديموقراطي
القرارات تسببت في انهيار كامل للدولة، وأزمة يمتد أثرها حتى اليوم
الانقلاب لم يكن السبب الذي وحَّدنا في الحرية والتغيير..هذه مطية، وليس هنالك تسوية، إنما اتصالات مع العسكر
كيف تنظرين إلى ماحدث في الخامس والعشرين من أكتوبر 2020م، في رأيك هل هي قرارات تصحيحية كما ذكرها القائد العام للجيش الفريق البرهان أم انقلاب؟
أسمِّي ماحدث في 25 أكتوبر الماضي، هو انقلاب على التحوُّل الديموقراطي والدليل على ذلك، حل الحكومة الانتقالية، اعتقال عدد من قيادات الحرية والتغيير والزج بهم في السجون، إيقاف العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وبالتالي أرى أن هذا انقلاب عسكري مكتمل الأركان، وقطع مسار التحوُّل الديموقراطي، والفترة الانتقالية .
هنالك اتهام للحرية والتغيير بأنها السبب فيما حدث حينها بسبب الصراع فيما بينها على السلطة، واستئثار بعض الأحزاب بالمشهد؟
العسكر (مبيتين نية) الاستيلاء على المشهد منذ 3 يونيو 2019م، تاريخ فض اعتصام القيادة العامة، واعتبر هذا أول انقلاب على ثورة ديسمبر، أضف إلى ذلك ليس الحرية والتغيير وحدها المسيطرة على المشهد قبل 25 أكتوبر، وإنما بشراكة مع حكومة الفترة الانتقالية بقيادة د. حمدوك، لم يكن هنالك أي مشاكسات بين مكوِّنات التغيير، والدليل على ذلك إعلان توقيع الإعلان السياسي إعلان وحدة الحرية والتغيير بتاريخ 9 سبتمبر 2021م، ورجوع حزب الأمة للتحالف، وبالتالي أنفي وجود مشاكسات وسط الحرية والتغيير بسببها حدث الانقلاب، وبالتالي هذا الحديث “مطية ” يتسبب بها الانقلابيون، وشركائهم ووكلائهم لتبرير الفعل للشارع السوداني.
بعد عام.. ماهو تقييمك للمشهد السياسي، بين النقد والإيجاب؟
في ليلة 25 أكتوبر، أدعى البرهان قيامه بإجراءات إصلاحية، لكن أرى أن هذه الإجراءات أتت “وبال”، على الشارع السوداني، بعد عام من الانقلاب ليس هنالك حكومة، انهيار اقتصادي، تدهور أمني في كل أنحاء السودان، تفاقم الصراعات القبلية، دارفور، شرق السودان، الوسط، النيل الأزرق، توقف الخدمة المدنية وانهيار غير مسبوق في السودان، لذلك أرى أن إجراءات 25 أكتوبر الماضي، تسببت في انهيار كامل للدولة، وأزمة، في حال لم يكن هنالك حل سياسي عاجل أتوقع أن يستمر الانهيار، ويحدث ما لا يحمد عقباه.
هل تعتقدي إمكانية عودة الشراكة الثنائية بين الحرية والتغيير والعسكريين لأنهاء حالة الأزمة..لاسيما في ظل وجود تفاهمات حول رؤية سياسية مطروحة؟
الحرية والتغيير رفضت فتح أي باب للشراكة مجدَّداً، وأعلنت موقف سياسي واضح في 16 ديسمبر 2021م، أن لارجعة للشراكة مجدَّداً، وطالبت بخروج كامل للمؤسسة العسكرية من السلطة، (سلطة مدنية كاملة غير منقوصة)، والتصعيد لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر.
وأرى أن كل الرؤى والمبادئ التي تطلقها قوى التغيير تنتهي بالتحريض على تأسيس سلطة مدنية كاملة غير منقوصة، عودة الجيش للثكنات، المجلس السيادي، مجلس الوزراء من المدنيين، وإسقاط كامل لانقلاب خمسة وعشرين أكتوبر.
إذن الانقلاب “وحَّد” الحرية والتغيير مجَّدداً، عبر العمل على صياغة رؤية سياسية جديدة تؤسس لإنهاء الانقلاب كما جاءت بالوثيقة مؤخراً؟
الانقلاب لم يكن السبب في توحيد الحرية والتغيير، ما وحَّد “قحت” هو الاتفاق على إكمال مهام الفترة الانتقالية والذهاب بالبلاد إلى ديموقراطية حقيقية تصل في النهاية إلى انتخابات حرة. ثانياً الأسباب التي توحِّدنا استكمال مهام الفترة الانتقالية، وإكمال ملف السلام، ولأجل الإصلاحات الاقتصادية، صناعة الدستور الدائم، والإصلاح الهيكلي، وإصلاح المؤسسات العسكرية، إضافة إلى تكوين مفوَّضيات الانتخابات كل هذه القضايا هي التي توحِّد الحرية والتغيير، أما إسقاط الانقلاب ليس سبباً بقدر ماهو هدف مرحلي يتيح للقوى السياسية والثورية استكمال مهام ثورة ديسمبر، والتحوُّل الديموقراطي،لأن الانقلاب عقبة في مسار التحوُّل الديموقراطي.
وماذا بشأن التسوية التي يشاع على منصات “السوشال ميديا” بين المكوِّن العسكري و”قحت”؟
ليس هنالك تسوية سياسية، الحرية والتغيير أوضحت ذلك، لكن هنالك عملية سياسية لديها مطلوبات، ولها أسس ومبادئي طرحت على جماهير الشعب السوداني، وننتظر ردة فعلها وتفاعلها مع هذه الأسس والمبادئي، وأشير إلى أن هذه المبادئ تؤسس لسلطة مدنية كاملة في السودان، وتعبد الطريق نحو التحوُّل الديموقراطي، عبر الرجوع إلى مسار التحوُّل الديموقراطي، وتشدِّد على خروج كامل للمؤسسة العسكرية من السلطة، بالتالي لا تسوية ولا تفاوض فقط اتصالات مع المكوِّن العسكري بعد إقراره بتسليم السلطة للمدنيين وتوافقه على مبادرة الدستور المصاغة من قبل نقابة المحاميين كأساس لتسليم السلطة للمدنيين.
ماهي توقعاتكم للفترة القادمة..بعد طرح الرؤية السياسية؟
ليس لدينا توقعات.. ولكن نعوِّل على ما قاله المكوِّن العسكري في بيان نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو، وإقراره بخروج المؤسسة العسكرية بصورة كاملة وتسليم السلطة للمدنيين.
/////////////////////////////
نائب الأمين السياسي لقوى الحرية والتغيير “الميثاق الوطني”.. والقيادي بالجبهة الثورية محمد السماني لـ(الصيحة):
أسمِّي ما حدث في 25 أكتوبر “فض” شراكة بين المكوِّن العسكري والمدني.. ولولا هذه القرارات لوصلت البلاد إلى الهاوية
قرارات البرهان فرضها الواقع السياسي وتفاقم الأزمات بين المكوِّنات المدنية
الخامس والعشرين من أكتوبر، نقطة فاصلة وتحوُّل حقيقي في إطار إنشاء وتأسيس الدولة السودانية … .وفتح آفاق للحوار بين المكوِّنات المدنية
كيف تنظر إلى ماحدث في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م؟ هل تعتقد أنها قرارات تصحيحية أم انقلاب؟
أرى أن ماحدث في الـ25، هو فض شراكة مابين المكوِّن العسكري والمدني (قوى الحرية والتغيير)، وذلك نسبة إلى أن الوثيقة الدستورية قامت على الشراكة بينهما، ونحن لم نكن جزءاً من هذه الشراكة، لكن انضمت قوى الكفاح المسلح، الجبهة الثورية وفق اتفاق السلام.
ساهمتم في فض هذه الشراكة؟
كانت هنالك بوادر أزمة حقيقية مطوَّلة و”مرحلة” بين السياسيين، ومن يتصدروا المشهد لم يكن لديهم الرغبة الحقيقية في إحداث التغيير، لأن التغيير الشامل سوف يخصم من كياناتهم التاريخية في الدولة السودانية، أضف إلى ذلك أنهم يخشون من هذا التغيير المفاجئ، بالتالي مارسوا عملية اختطاف القرارات، حتى مع المجموعات المدنية لقوى الحرية والتغيير والطرف الثالث من أطراف العملية السلمية .
هذا الإقصاء أوجد أزمة تفاقمت إلى فض الشراكة وإنتاج قرارات 25 أكتوبر.
هنالك من يرى أن أطراف العملية السلمية فقدت فرصتها في المشاركة بالفترة الانتقالية ؟
من أسباب خروج حركات الكفاح المسلح إلى المعارضة، واستمرار بعضهم لعقدين من الزمن، كان بسبب ممارسات الإقصاء التي مورست ضدهم من قبل الحكومة المعزولة، وبالتالي فإن أطراف العملية السلمية بعد توقيع اتفاقية السلام، رفضت أي شكل من أشكال الإقصاء، والاستفراد بالقرارات التي كانت تصدر من قبل مجموعات محدَّدة داخل هذه الشراكة .
كان النداء المشهور والمشهود: العودة إلى منصة التأسيس، ويعضد ذلك أن رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك، كان مدركاً لهذه الأزمة التي تسبب بها أشخاص محدِّدين، وصرَّح بعدم قدرته الخروج من القيود والضغوط المفروضة عليه، وطرح حينها مبادرتين للحل، وجدت الرفض والصد، وحتى أن هذه المجموعة كانت تضع الشروط التعجيزية والتعسفية عند الجلوس في طاولات الحوار لتستمر في احتكار القرار، بالتالي أرى أن قرارات 25 أكتوبر فرضها الواقع السوداني والسياسي، ولولا هذه القرارات لوصلت البلاد إلى ما لاتحمد عقباه أو إلى الهاوية .
بعد عام من قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، كيف تقيِّم المشهد بين النقد والإيجاب؟
صحيح أن هنالك أصوات ناقدة عالية، أن هذه القرارات التصحيحية لم تحقق أي نتيجة على المستوى السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي، لكن في ذات الوقت أرى أن أكبر نجاح يمكن أن تحققه قرارات 25 أكتوبر، أن تكون نقطة فاصلة أو تحوُّل حقيقي في إطار إنشاء وتأسيس الدولة السودانية، وحتى يكون هنالك إطار تنشأ عليه بدلاً عن النجاحات المزيَّفة والشعارات الرنانة (البيسوقوا بيها الناس سواقة ) .
ذكرت أن قرارات 25 بسبب الأزمة، اليوم بعد عام من فض الشراكة هل تعتقد أن هذه الأزمة حلت أم زادت تعقيداً؟
في اعتقادي أن قرارات 25 أكتوبر، فتحت آفاق للحوار بين المكوِّنات السياسية المدنية والشعب السوداني ككل .
صحيح أن القوى السياسية الموجودة –حالياً- في الساحة قوى الحرية والتغيير بمستوياتها الأربعة، أضف إلى التيارات والكيانات الأخرى تقدم طرحاً سياسياً مختلفاً ومتبايناً، لكن في الإطار العام أرى أن (85 %) متطابقة في الرؤى بينما الإشكالية الحقيقية أن كل كيان يسعى إلى أن يتصدَّر المشهد ويتسيَّد القرارات بالكلمة العليا هذا التعامل بالندية أوجد خطابان التخوين وعدم قبول الآخر بالتالي تطويل الأزمة .
هنالك من يتهم الحرية والتغيير “الميثاق” الوطني”بالسبب في إجهاض الديموقراطية ومهدتم الطريق للانقلاب العسكري؟
أرد عليهم بأن من يسع لتأسيس عملية ديموقراطية، لا يغيب مكوِّنات المجتمع (شباب، نساء، إدارات أهلية، منظمات مجتمع مدني، أحزاب طائفية ومجلس الكنائس)، من المشهد، نحن نسع لإشراك كل هذه الكيانات فكيف نكون أجهضنا العملية الديموقراطية؟
الحرية والتغيير أعلنت عن المبادئ لحل أزمة الانقلاب..هل تعتقد أن هنالك فرصة لعودة الشراكة بين العسكري و”قحت”؟
أرى أن الحرية والتغيير تغيَّرت في مواقفها بين ليلة وضحاها، وهي في فترة من الفترات كانت من أشد المكوِّنات احتفاءً واحتفالاً باتفاقية السلام، ودعمهم لتنفيذ الاتفاقية، والآن تنتقل إلى موقف من يدعوا إلى مراجعة الاتفاقية والتأمين على بعض البروتوكولات، وأرى أن طلب التغيير لمراجعة المسارات أوضح أن قضية المسارات لم تكن بهدف التقسيم السياسي أو الجغرافي وإنما للتمييز بين مشكلات الولايات ومعالجة هذه القضايا المختلفة، ومعالجة الأوضاع والمشروعات المتوقفة لفترات سابقة.
هل تعتقد أن اتفاقية السلام تحتاج إلى مراجعة؟
هنالك نص في اتفاقية السلام يسمى مؤتمر الحكم والإدارة، يفترض أن يقام بعد ست أشهر من التوقيع على الاتفاقية، والمؤتمر لم يقم، لكن هذا المؤتمر يعطي أصحاب المصلحة الحق في إضافة أو حذف أي بند من الاتفاقية، لذلك أرى أنه في حال وجود أي وسيلة لمراجعة الاتفاقية أو معالجته لن يتم إلا عبر مؤتمر الحكم والإدارة الذي يشارك فيه أبناء الإقليم ذات أنفسهم، وأن يروا فيه ما يشاءون، لكن النصوص الموجودة اليوم، لايحق لأي جهة فتح أو مراجعة نصوص اتفاقية السلام إلا عبر أصحاب المصلحة سواءً من الإقليم الشرقي أو الغربي أو الشمالي والوسط.
رأيك في نص المبادئ الذي أعلنت عنه الحرية والتغيير لإنهاء الانقلاب؟
نحن نرفض أي اتفاقية ثنائية بين الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري ونعلن أننا سنقف ضد أي تسوية ثنائية، لأنها سوف ترجِّعنا إلى ما قبل 25 أكتوبر،
بينما نحتاج في هذه المرحلة إلى إشراك أكبر قاعدة سياسية واجتماعية من الشعب السوداني في عملية الانتقال الديموقراطي، وأرى أن كل القوى السياسية جاهزة للمشاركة في العملية السياسية وآلية صنع القرار، لأن وجود هذه القوى الآن تضمَّن استمراريتها ووجودها في المستقبل والانتخابات، ونحن ندعو كل هذه القوى لتكون جزءاً من العملية السياسية، حتى تكون هنالك عملية ديموقراطية حقيقية.