يسحب حقوقه من صندوق النقد.. السودان يبحث في دفاتره القديمة
يسحب حقوقه من صندوق النقد.. السودان يبحث في دفاتره القديمة
الخرطوم- الطيب محمد خير
قال وزير المالية جبريل إبراهيم: إن البلاد توصلت لتفاهمات مع صندوق النقد الدولي لسحب حقوقه الخاصة لبيعها بغرض توفير الموارد.
وقال جبريل، خلال مقابلة مع تلفزيون السودان، إنه أصبح متاحاً للسودان بعد التواصل مع البنك الدولي تحويل جزء من حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها العام الماضي والتي تبلغ حوالي (650) مليون، حق سحب يمكن تحويلها للدولار أو أي عملة الاستفادة منها في تمويل القطاعات الحيوية في البلاد، ومعروف أن حق السحب الخاص هو أصل احتياطي دولي استحدثه الصندوق في عام 1969م، ليكون مكملاً للاحتياطيات الرسمية الخاصة ببلدانه الأعضاء.
ويرى خبراء ومتابعون أن بالرغم من حديث وزير المالية عن تحسُّن في علاقة السودان مع صندوق النقد الدولي إلا أنه لم يحصل في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين السنوية على وعود كافية لفك تجميد انسياب القروض والمساعدات، وبالتالي لجأ لبيع حقوق السودان إلى بعض الدول للاستفادة من تلك الأموال لدعم موازنة 2023م، التي تشير التقارير خلوها من الدعم الخارجي وتعتمد كلياً على الضرائب، ما دفع وزير المالية للجوء لسحب حقوق السودان الخاصة كوسيلة اعتمدها الصندوق لتكملة احتياطيات النقد الأجنبي الخاصة بالبلدان الأعضاء تسمح لها بتقليص الاعتماد على الدين الداخلي أو الخارجي ذي التكلفة الأعلى من أجل بناء الاحتياطيات.
وقال عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله: في البدء لا أتوقع أن يتم سحب هذا المبلغ، لأن حقوق السحب تتم بتوقيتات وهذا المبلغ المشار إليه من الالتزامات المشروطة بأن يتم صرفه في قطاعات محدَّدة بالبُنى التحتية والكهرباء وسبق أن تم سحب جزء من هذا المبلغ المشار إليه قبل انقلاب 25 أكتوبر.
وأضاف عادل: حديث وزير المالية د. جبريل يتنافى مع تصريحات سابقة له قال فيها إنه لن يتعامل مع المؤسسات المالية الدولية، وأبدى موقفه الفكري من هذه المؤسسات، وأكد أن السودان سيعتمد على الذات، لكن حديثه هذا يؤكد أن جبريل فشل فيما التزم به من اعتماد على الذات في موازنة 2023م، من خلال اعتماده على فرض الضرائب والجبايات مع أن حشد الموارد الذاتية يعني في الاقتصاد حشد الموارد الكامنة القابلة للاستثمار وليس فرض الضرائب والجبايات.
وأضاف عادل وحسب الموقف الذي أعلنه صندوق النقد الدولي والبنك الدولى في اجتماعهما الأخير مع وزراء المالية ومديري البنوك المركزية الذين أكدوا فيه عدم تعاملهم مع السودان وربطوا استئناف تعاملهما الاقتصادي مع السودان باشتراطات سياسية وبالتالي يكون حديث وزير مالية الانقلاب وما حواه قبل تحقيق هذه الاشتراطات يكون حديث للاستهلاك السياسي.
وقال الخبير والمحلَّل الاقتصادي د. وائل فهمي، لـ(الصيحة): في ظل مثل هذه الظروف التي تعاني فيها البلاد مالياً والحكومة القائمة مطلوب منها توفير متطلبات معيشة المواطن وفق هذه الشروط تجتهد لتوفير متطلبات تسيير دولاب العمل في مؤسسات الدولة وكل هذا يكون في حدود الإمكانات المتاحة، ولهذا نحن لا نستطيع أن نقول إن الحكومة ممثلة في وزارة المالية غير مفوَّضة أو غير مخوَّل لها القيام بأي عمل باعتبارها حكومة مكلفة، لكن كون أنها مسؤولة عن شعب خلال هذه الفترة فلابد أن تتصرَّف المالية باي طريقة تراها لتوفير الموارد والاحتياجات لأن وزارة المالية يقع على عاتقها مسؤولية توفير احتياجات معيشة المواطن اليومية وهو ما أشار إليه وزير المالية في حديثه بالقطاعات الحيوية وهذه في حاجة لمال بصورة يومية.
وأكد د. وائل، ليس هناك مايمنع أن يقوم وزير المالية بسحب الموارد التي يمكن أن تنسحب في ظل هذا الوضع الاقتصادي المعقَّد، وأي شخص في مكان د.جبريل سيتصرَّف بهذه الطريقة لمواجهة المتطلبات اليومية هذه رغم السؤال المطروح هل يجوز له أن يسحب من حقوق السحب الخاصة ويقابله السؤال المضاد من الذي سيمنعه؟ هل هناك مجلس تشريعي يقوم بهذا المنع؟ طبعاً غير موجود، وبالتالي ليس هناك مخرج إلا السحب في ظل الضغوط على الدولة وفي ظل المقاطعة الدولية التي أسهمت على الضغط على معيشة المواطن .
وأضاف د. وائل، لكن السؤال هو الأموال التي ستسحب هل سيتم توظيفها لتوفير معيشة المواطن وتحسينها، كما ذكر وزير المالية في حديثه، أم سيتم توجيهها لموارد أخرى، وهنا لايمكن أن نقرر كيف سيتصرَّف فيها وزير المالية، لأن هذه مرتبطة بقرارات فوقية، وبالتأكيد هنا سيستم سياسي أعلى منه، وهو الذي يقر فيها، ولا أعتقد أنها ستوجه للتنمية، لأن الفجوة الموجودة في الموازنة العامة كبيرة للغاية فيما يلي الفصل الأول والترتيبات الأمنية .
عن الأثر الذي يمكن أن تحدثه هذه الأموال في حال سحبها، قال د. وائل: إن لم يتم تبديدها يمكن أن تثبِّت سعر الصرف لفترة ليست بالطويلة، لأنها كمية قليلة يمكن أن يبتلعها السوق بسهولة وهي لن تسد العجز في الموازنة، يعني المشكلة هي كيف يتم استثمار هذه الأموال لتغطية عجز الموازنة ،ولن يتأتى هذا إلا في حال أنه تم توظيفها في جوانب حيوية يمكن أن تعود بفوائد مثل الوقود أو يأكل السودان من سنامه.