ياسر زين العابدين المحامي يكتب : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
23 أكتوبر 2022 م
بفض الاعتصام رسمت ملامح بربرية..
لم يسبر غورها أحدٌ، لم تغب يوماً ما
عن ناظرينا…
نزع البعض نحو محوها، بانتزاعها من
ذاكرة الشعب الفضل…
الآن تُضاء شموع بأقبية العدم لتولد
شراكة جديدة…
سموها من قبل شراكة الدم…
أديب وقحت استخدما عامل الزمن
لوأد القضية…
شراكة ولدت ميتة بمسماها، ببنودها، بصياغتها الفضفاضة…
لأنها أصغت لوقع حوافر الموت…
دماء لم تجف بعد، ويراهنون على
عامل الزمن اللئيم…
وثيقة سموها دستورية، لا علاقة لها
بالدستور…
كتبوها بحبر الدم ودموع الخوف…
رسموها بالوجع، ونامت قحت قريرة
هانئة على وسائد الحرير…
سمّيناها اتفاق الخديعة فلم تمثل
أحلامنا وأشواقنا…
والموت فغر فاهه ليبتلع البعض هنا
وهناك…
حريق لم يبق، لم يذر عنواناً عريضاً..
الفجيعة تقتل ولا يطرف لها جَفَنٌ…
وهم سراب بقيعة يحسبه العطشى ماءً وهيهات…
الاتفاق تكتب نصوصه بمهل…
التسوية، يقول بعضهم بأنه توافق…
فولكر ورباعيته مضوا لذات خط
التأزيم والتأليم…
تقدمهم لكأنه يهديهم سُبل الرشاد…
في ود الماحي استوى عود الموت اللئيم…
رائحة الشواء تدلف من الشباك…
والأمر لا يعنيهم، الوقت للمعركة..
للوصول للسلطة ولو على الأشلاء…
العواء، العويل، الصراخ، النحيب…
وبآذانهم وقرٌ، ولن يسمعوا لو قتل
كل الناس…
الوقت للتسوية، لا لدفن الموتى…
الماء كفيلٌ بجرفهم إلى هناك…
ليس إكرام الميت دفنه بهذه الظروف
والمشارح مُكتظة بالجثث…
ويمتنع الدفن فهي كرتٌ يشهر وقت
الحاجة إليه…
الدود يأكلها، الذباب والرائحة مميتة…
لا يهم ليبعثوا من هنا يوم يبعثون…
والموت يحصد، يسأل هل مَن مزيد…
يتسلّلون ليلاً لمخادعهم، لبريق ولذيذ
السُّلطة…
بجنح الظلام تتكرّر ذات الرواية…
يسمعون، يتثنون، يبيعون الوهم…
بود الماحي هُدرت دماءٌ، تفحّمت
الجُثث ولا وجيع…
لا صوت يعلو على صوت المكاسب…
وفي النور يتزيّنون بأجمل الأزياء..
ينكرون التفاوض، ينزعون يدهم منه..
يحلفون يمينا غموسا، ينكرون ثانية..
ينكرون ويخرجون للملأ للتظاهر…
بود الماحي تفحّمت جُثث، ولم نسمع
هتافاً يستنكر…
ولا بياناً يشجب القتل والتشريد…
رائحة البارود دلفت حيث الرباعية…
وهم يُوزِّعون أنخاب الموت الرحيم…
شمّها فولكر ورباعيته ولا بواكي…
الناس انتابهم الرهق والوجوم…
قتلٌ جماعيٌّ يعقبه اتفاقٌ، أو لنقل
وفاقٌ سمّه ما شئت…
السلاح يوجّه من الكل ضد الكل…
تظاهر بالعمى، بالوقر وينسون تماماً
الجرح القضية…
كما اتفقوا بعد فض الاعتصام يمكنهم
كتابة التسوية في مناديل الورود…
فتسوق للقطيع والعقول الخاوية…
وتهتف الحلاقيم الكبيرة بالمدنية…
برغم تفحُّم الجثث بود الماحي فلا
صوتٌ يعلو على المدنية…
لا يهم ترويع أطفال، ونساء، وشيوخ..
لا يهم أن تمضي الذخيرة بحصدهم..
فهم يشربون النخب مع الرباعية، مع
الألماني الغريب…
تفاوض بالأقبية القصية، وينظرون
للجيب…
يغلقون آذانهم لكي لا تسمع الوجع…
ولا تسمع حشرجة خروج الروح…
اللعنة على التسوية، التوافق، الخديعة..
ولقد حدّثونا من زمان ولم نعِ…
لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين…