21 أكتوبر 2022 م
واليوم جمعة..
وهو الذي يشهد ليلة السبت… وفي مثلها – من قبل أسبوع – كتبت كلمتي هذه..
وعنوانها ليس عن ليلة واحدة… وإنما عن ليالي السبت..
فهي ليالٍ ثلاث التي كانت في بالي المحموم – أو بال قلمي – ليلة السبت الماضي..
ومنها – على ذكر الحمى هذه – حمى ليلة السبت..
وهي كانت عنواناً لفيلم شهير كله حمى ورقص… وأنا لا أحب الحمى… ولا الرقص..
ولا أن يُصاب قلمي نفسه بالحمى… كحال صاحبه..
وقد سطرت به كلمتنا المحمومة هذه مردداً – تحت تأثير الحمى – أغنية ليلة السبت..
وهي أغنية ظاهرها عاطفي… وباطنها من قبله العذاب..
فشاعرها الفلسطيني كان يناجي ليلةً ينفذ فيها عمليته الانتحارية… هي ليلة السبت..
بمعنى أنها ليلة كتب على نفسه أن يموت فيها..
لا أن يحيا الحب… وبالحب… كما تغنى حسن عطية (يحيا الحب دام صفانا)..
وتحت تأثير الحمى هذه قد يرى أحدنا موته..
أن يكتب على نفسه الموت… كما فعل الشاعر الفلسطيني هذا محمود القاضي..
علماً بأن من يكتب الموت على الناس… هو رب الناس..
ولكن الرائي هذا لا يسأل نفسه – أو يسأله آخرون – عن حالته الصحية وقت منامه..
سواء الفسيولوجية… أو النفسية… أو الفسيونفسية..
فإن فعل – أو فعلوا – فسوف يتم التوصل إلى السبب… وهو حتماً مرضٌ ما..
هو شيءٌ مثل مقولة (حلم الجوعان عيش)… مع فارق مهم..
فالجائع يحلم بطعامٍ شهي… والمتوعك يحلم بمآلٍ شقي؛ يمكن أن يبلغ حد الموت..
ومن تمظهرات هذا المآل الدم… أو اللحم… أو الذبح..
ثم قد يكون هذا المآل يخصه هو؛ أو يخص مريضاً آخر من أهله… أو صحبه..
فيقول أحدهم: علمت أن فلاناً سيموت… رأيت خروفاً يُذبح..
أو: سأموت قريباً إذ رأيت نفسي أعد لما دون العشرة… وهي ما تبقى من أيامي..
ويكون – حتماً – في حالة حمى..
أو يقول: رأيت شجرتنا العتيقة تبقَّى من صفقها القليل… فسيموت لنا كبيرٌ بالعائلة..
ويكون الكبير هذا مريضاً بمرضٍ ذي حمى..
فإن صدق المنام – ولا أقول الرؤيا – فلا ينم هذا عن صادق تنبؤ من تلقاء الرائي..
ولا عن كثير تقوى… وتدين..
وليست الحالة الصحية وحدها التي تؤثر على ما يرى النائم… وتُشكِّلها بمؤثراتها..
وإنما الحالة البيئية أيضاً… مثل الطقس… والفرش… والمكان..
فجوٌ منعش – على سبيل المثال – قد يجعل النائم يحلم بأنه (وسط الزهور متصور)..
بينما آخر خانقٌ قد يجعله يحلم بفريدي كروجر..
ثم هنالك ليلة سبت ثالثة وهي التي الصلاة فيها ذات دعاءٍ مستحب بالزوج الصالح..
وفي رواية أخرى: ذات دعاء بالرزق الصالح..
طيب؛ ما الذي نود قوله في سياق كلمتنا هذه التي كتبناها تحت تأثير الحمى؟..
تحت تأثير حمى ليلة السبت؟..
نريد أن نقول إن حالة المرء الصحية قد تؤثر سلباً على مجمل تصرفاته كذلك..
ومنها مجال عمله؛ أياً كانت طبيعة هذا العمل..
سيما إن كان ذا علاقة بصحة البشر… كالأطباء؛ أو مصيرهم… كقادة الدول..
أما في مثل حالاتنا نحن – كصحافيين – فالأمر أقل خطورة..
فما على القارئ سوى أن (يحتسب)… بينما يصعب هذا على ضحية طبيب محموم..
أو على شعبٍ إزاء خطأ كارثي من تلقاء حكومته..
أو على سكان عمارة انهارت على رؤوسهم جراء غلط تصميمي لمهندس محموم..
وأعتذر إلى القارئ اليوم بسبب حمى الجسد – والقلم – معاً..
فضلاً عن حمى (حاجات تانية حامياني)..
فإن لم يقبل عذرنا فليعوِّض بشيء يجعله يرقص طرباً أليماً… أو ألماً طروبا..
كما جون ترافولتا في فيلمه ذاك..
حمى ليلة السبت!.