عبد الله مسار يكتب: حزب الأمة القومي في مصر
19 أكتوبر 2022 م
تقوم قيادة حزب الأمة القومي بزيارة إلى مصر بدعوة كريمة من الحكومة المصرية والفعاليات الشعبية، وهي زيارة مهمة في دفع العلاقات الحزبية والشعبية بين مصر والسودان في ظل أزمة التوافق الوطني في السودان، وكذلك عدم تقدم المحادثات في أمر الوفاق لدى الثلاثية أو الرباعية.
ومعلومٌ أنّ علاقة السودان ومصر علاقة خاصة وأزلية وقديمة، وتربط الشعبين المصري والسوداني وشائج علاقات كبيرة منذ ثورة اللواء الأبيض ودعم الثوار لأحمد عرابي، وكذلك قيام حزب وحدة وادي النيل ووقوف السودان مع القضية الفلسطينية، واشترك السودان مع مصر في كل الحروب العربية 1948م و1967م وحرب أكتوبر 1973م، وكذلك استضافة الخرطوم لمؤتمر اللاءات الثلاثة والذي آخت الخرطوم فيه بين الزعيم عبد الناصر والملك فيصل وكان لهذا التآخي دور كبير في نصر 1973/10/6م.
والرابط بين مصر والسودان كبير، وأمن مصر المائي وأمنها العام والاقتصادي يبدأ ويتواجد في الخرطوم، ومصر تستضيف الملايين من السودانيين في كل مدنها من أسوان، مروراً بالقاهرة وحتى الإسكندرية، ولمصر دورٌ كبيرٌ في تعليم السودانيين منذ قبل خمسينيات القرن الماضي، حيث درس عدد مهول من السودانيين في الأزهر الشريف وباتفاقيات ثنائية، وكذلك كثير من أبناء السودان إبان حكومة نميري درسوا في الجامعات والمعاهد المصرية، وبعضهم شغل مواقع مرموقة في الدولة السودانية.
وكذلك أقامت مصر جامعة القاهرة فرع الخرطوم وكان لها دورٌ في تعليم أبناء السودان، بل وجدت في السودان المدارس المصرية
ومصر هي البُعد الاستراتيجي للسودان في شمال الوادي، وكذلك السودان من جنوب الوادي، ومصر أكثر دولة تتأثر مباشرةً بما يجري في السودان، إن كان خيراً فخير وشراً فهو شر على مصر، ومصر عاشت للسودان، وكذلك السودان لمصر.
في القرن العشرين تزوج كثيرٌ من السودانيين من مصريات أنجبن قيادات فاعلة ومؤثرة في السودان، ولذلك العلاقة بين مصر والسودان علاقة استراتيجية متينة وقوية، مطلوبٌ أن تدعم بعمل استثماري واقتصادي، وخاصة في مجال الزراعة، حيث إنّ الأرض الزراعية السودانية كبيرة وبكر، وإنّ الفلاح المصري صاحب خبرة عالية وكبيرة، وكذلك رأس المال والعلم المصري، كما توجد لمصر علاقات عالمية وعربية يمكن أن تستغل ليكون السودان سلة الغذاء العربية وبعد ذلك العالمية.
كما أن مصر يمكن أن تساهم مساهمة فعّالة في حل الأزمة السودانية، خاصة وأنها أعرف وأقرب للمزاج السوداني، ولها تاريخ قديم جداً وكان لها دورٌ كبير في استقلال السودان العام 1956م، وخاصّةً بعد قيام الثورة المصرية في العام 1952م.
عليه، خطوة زيارة قيادة حزب الأمة القومي إلى القاهرة زيارة سيكون لها ما بعدها في سيبل حل أزمة التراضي والوفاق الوطني وتسهيل ذلك، خاصةً وأنّ المصريين لهم علاقة جيدة مع حزب الأمة منذ حياة الإمام الصادق المهدي في فترات المعارضة، حيث أقامت قيادات الأمة في القاهرة ونافحت وقاتلت الأنظمة من مصر.
عليه، أعتقد أن هذه بداية علاقة جيدة مع أكبر أحزاب الأشقاء الذين قادوا الاستقلال، وجعلوا السودان للسودانيين. وكذلك فرصة لمصر أن تستلم الملف السوداني، لأنها الأقرب إلى السودان جيرة وتاريخاً ورحماً.
ويمكن لمصر أن تدعو أهل السياسة في السودان كيانات وأحزاباً إلى لقاء جامع يمكن أن ينتج من ذلك تقريب وجهات النظر بين الفرقاء للوصول إلى اتفاق لإدارة الفترة الانتقالية.
وعليه، إن خطوة زيارة قيادة حزب الأمة القومي لمصر موفقة وفي الطريق الصحيح، وسيكون لها مردود إيجابي لصالح علاقة مصر والسودان ولصالح دفع قضية التوافق الوطني وتمتين العلاقات الشعبية والسياسية بين البلدين.
تحياتي،،،