الرؤية السياسية للحرية والتغيير.. بين القبول والرفض
الرؤية السياسية للحرية والتغيير.. بين القبول والرفض
الخرطوم- نجدة بشارة
طرح التحالف السياسي (الحرية والتغيير) مؤخراً رؤيته لسلطة يقودها مدنيون بالكامل لقيادة الفترة الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات، بعد تكثيف الجهود لإنهاء الجمود المستمر منذ أكتوبر الماضي بين المكوِّن العسكري الذي يحكم البلاد والقوى المؤيدة للديموقراطية.
وأعلنت قوى الحرية والتغيير، رؤيتها حول أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب العسكري في السودان، وقرَّرت أن يكون لقوى الثورة المناهضة لانقلاب 25 أكتوبر، حق اختيار رأس الدولة – مجلس السيادة، ورئيس الوزراء، وتشمل قوى الحرية والقوى السياسية والحركات المسلحة ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والأجسام النقابية والمجتمع المدني الديموقراطي.
وقررت قوى الحرية في رؤيتها، أن يكون مشروع الدستور الانتقالي المعد بواسطة اللجنة التسييرية لنقابة المحامين هو الأساس المعتمد للحل السياسي فيما يخص قضايا الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني قومي واحد يحمي الوطن والمواطن وينأى بالجيش من السياسة، ويراجع النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية والأمنية وينقي الجيش من عناصر النظام السابق، ويؤسس لعلاقة صحية بين المدنيين والمؤسسة العسكرية، بجانب إصلاح قطاعي الأمن والشرطة وتبعيتهما الكاملة للحكومة التنفيذية.
ونصت الرؤية على مراجعة اتفاق جوبا للسلام وتنفيذه بالتوافق مع أطرافه، وتأسيس مستوى سيادي مدني كامل محدود العدد، ومجلس وزراء من كفاءات ملتزمة بأهداف الثورة، ومجلس تشريعي محدود العدد، ومجلس أمن ودفاع برئاسة رئيس الوزراء.
بين الرفض والقبول
ووجدت الرؤية تباينات وسط القوى السياسية بين القبول والرفض للرؤية، فيما ارتفعت أصوات أخرى تنظر إلى الرؤية بأنها تسوية سياسية بين المكون العسكري و(قحت)، (الصيحة) طرحت التساؤلات بشان الرؤية.
رفض اتفاق ثنائي
قال نائب الأمين السياسي لقوى الحرية والتغيير، الميثاق الوطني محمد السماني قال لـ(الصيحة): نحن نرفض أي اتفاقية ثنائية بين الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري ونعلن أننا سوف نقف ضد أي تسوية ثنائية، لأنها سوف ترجعنا إلى ماقبل 25 أكتوبر، بينما نحتاج في هذه المرحلة إلى إشراك أكبر قاعدة سياسية واجتماعية من الشعب السوداني في عملية الانتقال الديموقراطي، وأرى أن كل القوى السياسية جاهزة للمشاركة في العملية السياسية وآلية صنع القرار، لأن وجود هذه القوى الآن تضمن استمراريتها ووجودها في المستقبل والانتخابات ونحن ندعو كل هذه القوى لتكون جزء من العملية السياسية، حتى تكون هنالك عملية ديموقراطية
فتح ومراجعة
وعبَّر السماني عن استغرابه من مطالب وثيقة المبادئ التي أعلنت عنها الحرية والتغيير بمراجعة اتفاقية السلام وقال : الحرية والتغيير تغيَّرت في مواقفها بين ليلة وضحاها، وهي في فترة من الفترات كانت من أشد المكوِّنات احتفاءً واحتفالاً باتفاقية السلام، ودعمهم لتنفيذ الاتفاقية، والآن تنتقل إلى موقف من يدعو إلى مراجعة الاتفاقية والتأمين على بعض البروتوكولات، وأرى أن طلب التغيير لمراجعة المسارات أوضح أن قضية المسارات لم تكن بهدف التقسيم السياسي أو الجغرافي وإنما للتمييز بين مشكلات الولاية ومعالجة هذه القضايا المختلفة، ومعالجة الأوضاع والمشروعات المتوقفة لفترات سابقة، وأوضح هنالك نص في اتفاقية السلام يسمى مؤتمر الحكم والإدارة، يفترض أن يقام بعد ست أشهر، من التوقيع على الاتفاقية، والمؤتمر لم يقم، لكن هذا المؤتمر يعطي أصحاب المصلحة الحق في إضافة أو حذف أي بند من الاتفاقية، لذلك أرى أنه في حال وجود أي وسيلة لمراجعة الاتفاقية أو معالجتة لن يتم إلا عبر مؤتمر الحكم والإدارة الذي يشارك فيه أبناء الإقليم ذات نفسهم، وأن يروا فيه ما يشاءون لكن النصوص الموجودة اليوم، لايحق لأي جهة فتح أو مراجعة نصوص اتفاقية السلام إلا عبر أصحاب المصلحة من أبناء سواءً من الإقليم الشرقي أو الغربي أو الشمالي والوسط.
أرضية للحوار
ومع قرب حلول الذكرى الأولى للانقلاب، لم ينجح المكوِّن العسكري بعد في تسمية رئيس للوزراء.
ومع هذا، أعلنوا إنهم يعتزمون الخروج من المشهد السياسي. وأفاد قادة قوى الحرية والتغيير بأنه تم إبلاغهم بأن الجيش وافق على مسودة دستور طرحتها نقابة المحامين السودانية من شأنها السماح بحكم مدني.
وعرضت قوى الحرية والتغيير في بيان رؤيتها لما سيسعى إليه الائتلاف في أي اتفاق في المستقبل مع الحكام العسكريين وتعارض لجان المقاومة، التي قادت الحملة المستمرة منذ عام ضد الحكم العسكري، وقالت قوى الحرية والتغيير إن الاتفاق سيسمح أيضاً بإصلاح قطاع الأمن وتشكيل “مجلس الأمن والدفاع” بقيادة مدنية برئاسة رئيس الوزراء ويضم ممثلين من الجيش وعناصر أخرى في قطاع الأمن .
توافق عريض
قال عضو المكتب التنفيذي للمجلس المركزي للحرية والتغيير، وعضو اللجنة التي صاغت الرؤية السياسية لإنهاء الانقلاب معتز صالح لـ(الصيحة): إن الرؤية وضعت وفقا للوثيقة الدستورية التي توافقت عليها القوى السياسية بواسطة نقابة المحامين ونتاج نقاشات وإجماع بين القوى المشاركة والنقابات وقوى الكفاح المسلح، بالتالي فإن الرؤية الأن مطروحة على القوى السياسية الأخرى التي لم تشارك في أعداد الدستور، إلى الوصول للتوافق عريض وأوضح بأن القبول والرفض الذي قوبل به الإعلان طبيعي، وأضاف أن الرؤية مطروحة في إطار سياسي ضمن قضايا أساسية، وتوقع أن تؤسس الرؤية أرضية للخروج من الأزمة.
وأكد صالح أن كل المكوِّنات النقابية شاركت في صياغة الدستور وبالتالي توقع موافقتها على الرؤية بينما شكك في قبول بعض النقابات التابعة للحزب الشيوعي قبولها للرؤية أما بخصوص لجان المقاومة أكد مشاركة بعض لجان المقاومة بينما ترك الباب مفتوحاً للجان الأخرى لمزيد من النقاشات وأن الرؤية أرضية للحوار، وأن الإعلان وثيقة غير نهائية ويرى صالح أن التباين داخل جسم التحالف هو “مصدر قوة وتماسك”، وأكد عدم الذهاب إلى حل سياسي يشرعن الانقلاب العسكري، بل الذهاب لحل يحقق أهداف الثورة.
عقلاني يستحق الاحترام
من جانبه أعلن حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، رئيس حركة جيش تحرير السودان، ترحيبه برؤية (المجلس المركزي) للحرية والتغيير يشأن التسوية وإكمال ما تبقى من الفترة الأخيرة، ودعا لتوفيق المواقف بأعجل ما يُمكن لتكوين الحكومة.
وقال مناوي في تغريدة على حسابه الرسمي بـ (تويتر)، (بعد إطلاعي عليها أرحب برؤية المجلس المركزي) و أضاف (لأول مرة خلال ثلاث سنوات أرى أن المطروح فيها عقلاني بالرغم من تحفظنا تجاه اللغة في توزيع الحصص والحقائب والحقوق)، وتابع (إلا أن هذا يستحق الاحترام كجهد من الجهود السودانية المطروحة في الساحة).
تسوية ولكن
لكن القيادي بالمؤتمر الشعبي وتحالف نداء السودان تاج الدين بانقا، أكد أن هناك شراكة ممتدة بين المكوِّن المدني والعسكري منذ 12 أبريل 2019م وهم مسؤولين مسؤولية تامة عما دار في السودان منذ أبريل وحتى اليوم، وقال في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق إنه لا يوجد هم بأمر التحوُّل الديموقراطي في السودان ووثيقة نقابة المحامين تتحدث عن فترة انتقالية بلا أجل وأكد أن التحوُّل الديموقراطي لايتم الا عبر صناديق الانتخابات والحرية والتغيير والمكوِّن العسكري لا يمثلان الشعب السوداني والشراكة بينهم والخلافات بينهم ليس لها علاقة بالشعب السوداني.
ونوَّه إلى أن الحرية والتغيير ليست هي كما كانت في 2019م واتقسمت لخمسة مكوِّنات لايعرف من يمتلك المشروعية، وأشار إلى أن التسوية القادمة تريد إرجاع عجلة التاريخ إلى ما قبل 25 أكتوبر، ونوَّه إلى أن المشهد السياسي السوداني الآن يدار من الخارج والحرية والتغيير رهنت القرار السوداني للخارج والآلية الثلاثية والرباعية لم تكن مسهلاً لعملية الانتقال، بل فرضت إرادتها والشعب السوداني لن ينتظر أكثر ويفرض الانتخابات والإرادة السودانية.