عبد الله مسار يكتب : أزمة القرار الوطني (2)
18 اكتوبر 2022م
قُلنا في مقال أزمة القرار الوطني (1)، إنّ السُّودان دولة ذات تاريخ قديم، وقامت فيها حضارات سابقة أصيلة منذ آلاف السنين، وأخرى من الهجرات التي قدمت للسُّودان، بعضها بالدين وأخرى بالتجارة.
ثُمّ دخل السُّودان في حقبة الاستعمار الذي ضرب أفريقيا، وقُلنا بعد دخوله السُّودان استفاد من مكونات قبلية وأخرى دينية دعمها، وكذلك أسّس أخرى وخلق كيانات قبلية ودينية وبيوتات مالية وأخرى نخبوية ومجموعات مُثقفاتيّة وآخرين أجانب.
وقلنا إنّ هذه المجموعات خلقت فئة وسيطة بين المستعمر والشعب، وصارت جُزءاً من المنظومة الحاكمة، ومن النظام الأجنبي الحاكم، وهي التي كتبت التاريخ في وقتٍ من الأوقات، ولذلك تاريخ السُّودان مُشوّهٌ، حُرِّف ودس فيه ما رفع أقواماً لا قيمة لهم، وحط أقواماً أصحاب مجد باذخ، حتى المناضلين في السُّودان جعلهم خونة، وجعل الخونة ومخبرين أبطالاً!!!
لذلك صار القرار الوطني داكن اللون، ومُغبّراً ومُغبّشاً، وحتى هذا رغم ما فيه كان أقل قتامةً من الآن، حيث إنه الآن صار القرار الوطني غير موجودٍ مُطلقاً، وكل القرارات تُطبخ في السفارات الأجنبية وبعض دول أوروبية وعربية، ولها سماسرة سُودانيون يقومون عليها بالنشر والترويج والتنفيذ، وإن لم يكن أهل السلطان جزءاً من المنظومة الخارجية وهذا الأمر جعل التدخل الأجنبي في البلاد أمراً حتمياً له مؤيدون ومريدون ومشجعون، وصار أبناء الوطن حُكّاماً بالوكالة، وصار كثير من ساسة السُّودان وحُكّامه حضوراً دائماً لهذه السفارات، لذلك غاب القرار الوطني وصارت البلاد محكومة بالخارج جهاراً نهاراً، مفتوحة على مصراعيها دون حياءٍ ولا استحياءٍ، وصار العميل يتباهى بذلك، وذبح القرار الوطني، وصارت العَمَالَة شرفاً عليه ومات الوطن أو قُتل، حتى صار الوطنيون من أبناء السُّودان في شَكٍّ من أمرهم هل هم على الحق أم الآخرون؟!
ولذلك دخلت البلاد وقرارها الوطني في أزمة، وقسّمت البلاد وأبناء البلاد، وجعلت بعض الساسة وبعض الأحزاب رهن إشارة دولٍ ومنظماتٍ ومجموعاتٍ خارجيةٍ، وأثّر ذلك على القوانين وقيم وأخلاق المجتمع السُّوداني، بل حتى على العقيدة والدين، ودخلت البلاد في كارثة ومأساة، وجعلت الصراع وصل لتفكيك المؤسسة العسكرية، بحجة أن الجيش مسيس، وأن الدقن تحت الكاب.
وجاءنا من وراء البحار المثليون والشواذ جنسياً ومنظماتهم وقوانينهم ولبسهم وحلاقتهم وطباعهم وطبائعهم، حتى تشبّه الشباب بالشابات، وانتشرت المخدرات، وغاب الوازع الديني، وتكونت منظمات نسوية طالبت عدم ولاية الأب!!!
إنّ السُّودان الآن في أخطر مرحلة في تاريخه بغياب القرار الوطني، ولذلك مطلوبٌ من المجتمع المُحافظ، وقفة من الوطنيين من أبناء السُّودان، التصدي لهذه الهجمة الخارجية، وخاصةً الغربية التي تفرض علينا سلوكها وقيمها ومثلها وأخلاقها، ولذلك مطلوبٌ منا التكاتف والتعاضد من أجل إحياء القرار الوطني وبعثه من جديد لمُقاومة هذا التدخُّل الأجنبي السافر والمد العلماني الليبرالي المُصدّر إلينا من الخارج، ولنستفيد من الصراع الروسي – الأوكراني لتوطين قرارنا المحلي الوطني، لأنّ العالم الغربي مشغولٌ بنفسه والقطبية الأحادية في طريقها إلى الزوال!!!
إذن، العمل على بعث القرار الوطني ضرورة لحياة سُودانية أصيلة وإحياء القيم السُّودانيّة.
تحياتي،،،،