صلاح الدين عووضة يكتب : شاف!!
16 أكتوبر 2022م
بمعنى رأى..
لا بمعنى حطب الشاف الذي تستخدمه نساء بلادي كأداةٍ من أدوات الزينة..
إلى جانب أخيه حطب الطلح..
ورغم جمال الطلح – من وجهة شوف سودانية – فشجرته لا يبدو أنها جميلة..
وشخصياً لم يسبق لي أن شفتها..
ولكن هكذا استنتجت من وصف من يراه البعض غير جميل بقرد الطلح..
في حين أن من هو غير جميل هذا قد يصدر عنه جميل..
أو حتى (ما) هو غير جميل إن كان غير بشري؛ كوردة نبتةٍ ذات أشواك..
أو كديسمٍ جميل تلده جهبر بشعة..
والديسم هو جرو الدب؛ والجهبر اسم أنثاه… وقد تُسمى جهيزة كذلك..
والشاعر صالح عبد السيد – أبو صلاح – كان جميلا..
وكان يُبدع أشعاراً جميلة؛ منها تلك التي قالها في فتاةٍ شافها فأعجبته..
وكانت بشعره الجميل معجبة..
ولكن عندما شافته كفاحاً – وكانت حريصة على شوفه – شافته غير جميل..
أو هذا ما ترجمته عبارتها العفوية: لا… لا..
وهذا ما وثّقه – هو نفسه – شعراً حين شافها… وشاف منها ردة فعلها..
فهو كان مدعواً إلى حفل عرسٍ أم درماني..
فجادت قريحته – فوراً – بشعرٍ تغنى به كروان ذياك الزمان كرومة الجميل..
وهي القصيدة التي يقول مطلعها:
شوف العين قالت ده لا لا…. صدت من تيها ودلالا
وصديقٌ لي – ولمنبرنا – حكى البارحة ما يحاكي شوف أبو صلاح هذا..
وهو نفسه اسمه أبو صلاح..
فقد اقترح علي تجميع مقالاتي غير ذات الصلة بالسياسة ليتم طبعها ونشرها..
فقلت له: تبن أنت – إذن – هذا المشروع..
فأنت تعرف البئر وغطاها – قلت له – وصرفي على مثل هذا الكتاب سفه..
فضحك أبو صلاح… وقص علي طرفة..
طرفة (حصلت ليه وما حكاها ليه زول)… في زمان قائل هذه العبارة الطرفة..
طرفة تتعلق بفلان؛ ونمسك عن ذكر اسمه..
قال إنه طبع كتاباً عبارة عن بعض ما كان ينشره على صفحات الصحف..
وعوضاً عما كان ينشده من أرباح أحاطت به الديون..
فاستنجد بنفرٍ ممن كان يشتمهم في كتاباته هذه… من ذوي المراكز الرفيعة..
فهبوا لنجدته؛ وتبنوا فكرة حفلٍ لتدشين كتابه ذاك..
ودفع له (الكيزان) أولئك ما فاض عن ديونه… وأغراه بالسفر إلى القاهرة..
فلما عاد… عاد يشتمهم مرة أخرى..
وما زال يشتمهم إلى ما بعد سقوط رئيسهم صاحب طرفة (حكاها لي زول)..
هكذا يقول صديقي أبو صلاح ضاحكاً..
ويضيف: ذاك الحفل كنت حضوراً فيه… وشفته بعيني (ما حكاه لي زول)..
ثم يستطرد (زي شوف أبو صلاح ذاك في الحفل)..
فقلت له: أنت تشوف كتاباتي جميلة لدرجة أنها تستحق أن تُجمع في كتاب..
أو أنك تشوفها في جمال طلحٍ… وشاف..
ولكن غيرك قد يشوفها كما شاف كتاب ذاك الذي رويت لي حكايته الآن..
أو كما شافت حسناء الحفل تلك أبا صلاح..
أو كما يشوف البعض شخصاً لا يروق لهم شكلُه… فيشبهونه بقرد الطلح..
فدعني في حالي – قلت له – بعيداً عن الشوف..
ولسان (حالي) يردد حكمةً شعبية تقول… من بعد تقديمٍ وتأخير لعباراتها..
لا مِن دِري؛ ولا مِن……..
شاف!.