الحلو المر
في مدينة أبوجبيهة أكبر مدن شرق كردفان كانت السهرة مع الجنرال عبد العزيز آدم الحلو حتى الساعات الأولى من الصباح كما يقول الأستاذ أحمد البلال الطيب رده الله لوطنه سالماً بعد أن طال سفره.
الزمان في الحادي والعشرين من مايو ٢٠١١ والانتخابات بين الشريكين قد وصلت لمحطة إعلان النتيجة، وفي منزل الأخ المعتمد حينذاك والمتمرد الآن موسى كجو نتو، طلبت من الأخ عبد العزيز الحلو حديثاً صحافياً بين الخاص والعام الماضي والحاضر، خفايا النضال وأسرار السلام، لم يرفض الحلو طلبي وبيني وبينه مودة واحترام، وفي أحلك ظروف محنة الخلاف بينه ومولانا أحمد هارون شرفني عبد العزيز الحلو بزيارة بيتي ولقاء أسرتي التي فجعها حينذاك رحيل عميدها الأمين الصادق عبد المنان الأنصاري الذي لم يبع (علي الله) في دار الحزب الشيوعي حتى رحل عن الدنيا، تحدث عبد العريز الحلو أكثر من ثلاث ساعات وجهاز التسجيل أمامه، وكلما نفد شريط كاسيت وضعت آخر والأخ موسى كجو يدخل علينا ويضع فناجين القهوة وأكواب شاي اللبن ويخرج في انتظار انتهاء الحوار الذي تحدث فيه الحلو عن نشأته في قرية الفيض أم عبد الله بشرق جبال الكواليب وعن دراسته بجامعة الخرطوم، وعلاقته بالقوى الديمقراطية وبغضه للإخوان المسلمين الذي دفعه للانضمام للحركة الشعبية، وكيف رفض تنظيم “الكملو” انتسابه بحجة واهية بأن الحلو من أب مسلاتي وأم كذلك، ولم تسرِ في دمه جينات من النوبة، فقلت له إذن أنا أعز منك نسباً لأن جدتي نوباوية ومن كيقا أعز وأصلب القبائل النوبية، ضحك، وروى قصة قبول عضويته في تنظيم “الكملو” حيث أسس الذين رشحوه فيما بعد أسباب قبول عضويته في تنظيم “الكملو” لأنه من أم وأب لا تسري في دمائهما الجينات العربية.
تحدث الحلو عن مقتل قرنق ومعركة أسر داؤود بولاد، وبعد نهاية الحوار اشترط عليّ عدم النشر إلا بعد اطلاعه على النسخة لمراجعتها، وتدقيق بعض المعلومات، وقبل إكمال صياغة الحوار فرقتنا الأيام، ذهب الحلو للغابة، وبقيت في كادقلي مع رفيق الدرب وصديق العمر أحمد هارون وداهمتنا (ستة ستة).
في هذه الأيام تعددت ترشيحات الصحافيين وكبارهم كل يمني نفسه باختيار صديق له لمنصب رئيس الوزراء، وابتدر عثمان ميرغني ترشيح فيصل محمد صالح، وأمس رشح عادل الباز الإسلامي الحاج وراق الشيوعي السابق، لذات المنصب الذي يقترب من حمدوك، ويبتعد عنه تبعاً لرياح السياسة، وأخيرا أطلت الجهوية البغيضة، وأخذ عتاة العنصريين الجهويين ينتاشون حمدوك بسهامهم القذرة ويعتبرونه أكاديمياً ولا دور له في الثورة التي ركبها البعض من محطة الفرملة.
وإذا كان ثمة حاجة للتوازن في قسمة السلطة فإن منصب رئيس الوزراء يجب أن يذهب لكردفان وجنوبها خاصة وأن خروج لحمدوك إما بسبب مواقف الحزب الشيوعي أو لأسباب أخرى، وبما أني لا ناقة لي ولا حمار في حكومة قوى الحرية والتغيير، ولكن الحق الذي جعل عثمان ميرغني وعادل الباز يرشحان من يحبه قلبيهما يؤهلاني لترشيح الجنرال عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية، وهو سياسي نظيف اليد، عفيف اللسان مستقيماً في خلقه لم نعهد فيه ضعفاً أمام النساء ولا حباً للمال ولا يتعاطي حتى السجائر والتمباك ولا يجترع المريسة أو العسلية ولا يصلي ولا يصوم ولكنه لا يظلم أحداً ولا يأكل أموال الناس بالباطل، ويرق قلبه للضعيف والمسكين رغم صرامته وشجاعته وفراسته في ميادين القتال، والحلو اليوم يقود أكبر حركة مسلحة في البلاد، وأطول بندقية ي الميدان. ومنصب رئيس الوزراء ليس كبيراً عليه يستحقه وأكثر، أما شروط وضعه للبندقية المعلنة فكلها تحققت بما في ذلك الشريعة التي راحت شمار في مرقة المبعوث ود لباد .
عهدي مع الحلو ألا أنشر مقابلة الساعات الثلاث وقد التزمت بعهدي معه، ولكن إذا تم تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء تجدني في حلّ من ذلك الالتزام الذي طال وسننشر المقابلة إسهاماً مني في تعريف الناس بخفايا وأسرار من حياة رجل من حقه علينا أن نقدمه بوجهه الحقيقي لا الوجه الذي ألفه خصومه، أما معجبوه فهم في غنى عن العلم بما هو معلوم لديهم.