التسوية السياسية المرتقبة.. ضغوط دولية أم محاولة لإنقاذ وطن؟
التسوية السياسية المرتقبة…ضغوط دولية أم محاولة لإنقاذ وطن؟
تقرير- مريم أبَّشر
تسرى تسريبات هنا وهناك من أن تسوية سياسية بين المدنيين والعسكريين تستوي على نار هادئة في السودان وعلى وجه الخصوص وفق التسريبات بين العسكر ومركزية قوى الحرية والتغيير بخلاف أحزاب رافضة، وتشير المعلومات إلى التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة التي خلفتها قرارات الفريق البرهان القائد العام للجيش العام الماضي،
وأشارت المعلومات إلى أن عدة لقاءات عُقدت بين الطرفين خلال الأيام الماضية تحت رعاية الآلية الرباعية الدولية المكونة من الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والسعودية والإمارات، بمشاركة من الآلية الثلاثية المكوَّنة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد وجرت مقاربات وفقاً لذلك دفعت إلى جملة تفاهمات على أساس مسودة الدستور الانتقالي المقترحة من قبل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين.
وحسب تسريبات غير مؤكدة أن التقارب تجاوز (90 %) من الملفات المختلف حولها، وأن ما تبقى القليل ويمكن حسمه خلال اليومين المقبلين.
وأشارت التسريبات إلى أن دور الآلية الثلاثية والأطراف الدولية في العمل يكمن في تجميع كل نقاط الاتفاق حول القضايا، وصياغتها في مسودة تكون خارطة طريق للمرحلة المتبقية من عمر الفترة الانتقالية ومن ثم التوقيع عليه بشكل نهائي.
ويرى مراقبون أن التسوية السياسية حال اكتمالها رغم ما يعتريها من رفض من كتل سياسية مؤثرة ستقطع الطريق أمام الإجراءات التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر، وقيام سلطة بديلة يكون قوامها مدنيين.
انتقادات لاذعة تتقاذف الآلية الثلاثية و على رأسها البعثة الأممية لدعم الانتقال الديموقراطي في السودان ورئيسها فولكر بيرتيس، من أنها لم تعمل وفق التفويض الممنوح لها وركزت على قضايا ثانوية خلال السنتين الماضيتين، غير أن الآلية ظلت تلتقى كل الأطراف السياسية و العسكرية للبحث عن مخرج للبلاد من الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعيش فيها من العام الماضي.
وشهد الأسبوع المنصرم اجتماعاً عقدته الآلية الثلاثية للأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية مع الفريق البرهان، لاستعجال تسوية سياسية في البلاد. وقالت الآلية في بيان لها:” إن اللقاء تناول التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السياسية السودانية وآفاق الخروج من الأزمة السياسية الراهنة. ”
ووصف الناطق باسم الآلية أن “الاجتماع اتسم بروح الصراحة والإرادة الصادقة لاستعجال تسوية سياسية تكون من هندسة السودانيين أصحاب المصلحة أنفسهم على أساس أوسع توافق ممكن. ”
وأوضح أن “السودان في أمسَّ الحاجة إلى انفراجة، والحوار لا محيد عنه إذا أردنا تأمين التحوُّل الديموقراطي المنشود وبناء السودان الجديد. ”
الهدف الأسمى
البروفيسور عبده مختار، أشار في سياق تعليقه على دور المجتمع الدولي في التسوية السياسية الراهنة إلى أن الضغوط الدولية أسهمت بشكل كبير في تحريك الأمور بعد أن وصلت
الأوضاع لطريق مسدود خلال الشهور الماضية، وأضاف: إن المجتمع الدولي مارس ضغوطاً على حكومة الأمر الواقع والجانب المدني في ذات الوقت مارس الشباب الثوري ضغوطاً على المكوِّن العسكري لوضع حد لحالة الفراغ واللادولة التي تعيش فيها البلاد والأزمة المعيشية الطاحنة للمواطنين، وتابع مختار بقوله: إزاء هذه الضغوط الدولية و الداخلية وأنه من مصلحة الدولة والمنطقة أن يلتزم الجميع بالحد الأدنى من القيم الوطنية وأن تقدم تنازلات بقدر الإمكان و زاد: في كل الأحوال لا يمكن لاتفاق أن يحقق كل ما يريد وإلا فإن البلد ستضيع، وقال: بالطبع سيكون هنالك معارضين لأي تسوية ورافضين إذا لم تحقق مصالحهم، ولكن عليهم التقدير للظرف التاريخي الذي تمر به البلاد، ولفت إلى أنه حتى المعارضين سوف يرضخون للأمر الواقع إذا وجدت حكومة التسوية دعم وسند دولي، ورأى البروف أن القبول بتسوية ولو غير مقبولة للعبور أفضل من أجل الأهداف الأسمى للوطن.
فراغ حكومي
السفير والخبير الإعلامي جمال محمد إبراهيم، أشار إلى أن حكومة الأمر الواقع تتعرَّض -حالياً- لضغوط كبيرة فهي حاكمة وغير حاكمة لا تمتلك قرار للعلاقات الخارجية، وأشار إلى أن البلد مفتوحة للتدخلات الدولية وأن الحكومة في غاية الضعف والهشاشة وأن الأصابع الخارجية هي التي تحرِّك المشهد. بجانب ذلك يرى السفير إبراهيم أن الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بظلال و تداعيات كبيرة على مجمل الأوضاع في العالم ومن بينها السودان، وأضاف: في إفادته لـ(الصيحة) أن موسكو داخلة في حرب كاملة وأن كل المؤشرات تدل على استعادة الحرب الباردة، وأشار إلى أن هنالك صراع وتنافس باين بين الأمريكان والروس وهنالك وسطاء بين المعسكرين. إن بعض الدول لديها مصالح مع روسيا وأن بعض القيادات ضالعة في هذه الحرب، إضافة إلى ذلك فإن السودان لديه تأثير كبير على محيطه الأفريقي، وأبان السفير إبراهيم أنه وبعد انقلاب أكتوبر شهدت القارة ثلاثة انقلابات آخرها ببوركينافاسو وأن ما حدث في السودان أثَّر على محيطه الإقليمي ويرى المجتمع الدولي والإقليمي بما فيهم الآلية الثلاثية والرباعية بضرورة الضغط من أجل حدوث استقرار في السودان، وأن ضعف حكومة الأمر الواقع بجانب الضغوط يجعلها تقبل بأي تسوية تخرج البلاد من الواقع المأزوم.