الخرطوم- صبري جبور
مشروع ( التسوية ) الذي أعلنته الآلية الثلاثية وجد ردود أفعال واسعة في الساحة السياسية السودانية، لاسيما القوى الرافضة للتسوية، حيث ترى بانها صفقة مع المكون العسكري، فضلا عن إجهاض مشروع الثوري لتأسيس سلطة الشعب .. كما وصفت تلك القوى بأن التسوية عبارة عن حلول زائفة تحقق مصالح شخصية لبعض الأفراد والجهات.
في المقابل ترى قوى سياسية وحركات كفاح مسلح موقعة على السلام بأن التسوية المرتقبة ضرورة جدا من أجل تحقيق رؤية متكاملة لمعالجة أزمة السودان ، بالإضافة إلى أن الأوضاع الحالية لاتحتمل المزيد من الانتظار مع تدهور الأوضاع بالبلاد، الأمر الذي يسهم في تعقيد المشهد السياسي..
وأيضا لجان المقاومة ترفض مشروع التسوية، مشيرة إلى أنها تواجه تلك الخطوة بمزيد من التصعيد من خلال المواكب و التتريس والعصيان والاضراب.
*أصحاب المصلحة*
خلال هذا الاسبوع أعلنت الآلية الثلاثية الاقتراب أكثر فأكثر من تسوية مرضية لكل أطراف العملية، فيما إلتقت، برئيس مجلس السيادة الإنتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بمكتبه وفد الآلية الثلاثية المعنية بتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية، وضم فولكر بيتريس، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) والممثل الخاص للاتحاد الأفريقي فى السودان، السفير محمد بلعيش، وممثل دول هيئة التنمية الأفريقية (الإيقاد) السفير محمد يونس.
وتناول اللقاء التطورات السياسية المتسارعة بالبلاد وأفاق الخروج من الأزمة الراهنة.
وأوضح السفير محمد بلعيش في تصريح صحفي، أن لقاء أعضاء الآلية برئيس مجلس السيادة، إتسم بروح الصراحة والارادة المشتركة، الصادقة والقوية، للتوصل إلى تسوية سياسية تكون من هندسة أصحاب المصلحة أنفسهم وعلى أساس أوسع توافق ممكن.
وأضاف بلعيش أن الحوار بين السودانيين، لا محيد عنه، مشيرا إلى أن السودان في أمس الحاجة إلى الإنفراج لتأمين التحول الديمقراطي المنشود وبناء السودان الجديد.
*توحيد أهل السودان*
من جهته أكد رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان علمه بكل تفاصيل مبادرة الشيخ حاج حمد التي تدعو لتوحيد أهل السودان معلنا موافقته عليها .
وأعرب لدى مخاطبته حفل زواج جماعي بمنطقة كدباس بمحلية بربر في ولاية نهر النيل عن تفاؤله بأن الساحة السياسية ستشهد إنفراجاً في الأيام المقبلة .
*حل جذري*
بينما أكد نائب رئيس مجلس السيادة على ضرورة التوصل إلى حل، من خلال اتفاق يمهد لتشكيل حكومة لاستكمال الفترة الانتقالية.
وقال بلعيش، في تصريحات صحفية عقب لقاء أعضاء الآلية بنائب رئيس مجلس السيادة حميدتي الاثنين الماضي، قال إنه آن الأوان لينخرط الجميع في العملية السياسية بروح بنّاءة، لإخراج البلاد من هذا النفق، من أجل تطبيع علاقات السودان مع محيطه الإقليمي والدولي، ومعالجة الوضع الاقتصادي، فضلاَ عن استكمال السلام الشامل.
وأوضح إن الاجتماع تناول الحراك الذي تقوده اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، إلى جانب الحوار الجاري بين المكونات السياسية.
*رد فعل قوية*
وأعلنت لجان المقاومة رفضها القاطع لمشروع التسوية المرتقب، متمسكة بالاءات الثلاث لاشراكة لاتفاوض لاشرعية.
وأكد عضو لجان مقاومة الخرطوم مجدي تيراب في تصريح للصيحة أمس أن أي خطوة بشأن تحقيق مشروع التسوية، سوف تقابل برد فعل قوية من الشارع الرافض لاي عملية مساومة مع المكون العسكري.
وأشار تيراب إلى أن لجان المقاومة ماضية في مشروع إسقاط الانقلاب من أجل تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة كل من ارتكب جرما في حق الشعب السوداني، وقال( مشروع التسوية الناس ماشغالة بيهو.. حصلت تسوية ماحصلت ماشين قدام .. مابتخص الشارع ) في طريق تحقيق أهداف الثورة.
وقطع تيراب أن الهدف من التسوية هو تحقيق مصالح شخصية للمجموعات التي تلتقي بالعسكر .
ونوه مجدي إلى أن اتفاق التسوية السابق بين حمدوك والبرهان ، واجهة رفض قوى من الشارع الثوري، حتى تنحت الجهة التي قبلت التسوية .
*(رفض التسوية)*
فيما رفضت مبادرة “نداء أهل السودان” التي يرعاها رجل الدين الطيب الجد، ، مشروع الاتفاق السياسي المرتقب بين قادة الجيش والقوى السياسية المؤيدة للديمقراطية، وهددت بالنزول إلى الشارع لمقاومته.
وقال المدير التنفيذي للمبادرة، هاشم الشيخ قريب الله في مؤتمر صحفي، إنهم لن يسمحوا بأي طرف خارجي أن يتدخل في الحل السياسي وسينزلون إلى الشوارع في مسيرات لمقاومة أي تسوية تأتي من الخارج.
وحدد قريب الله خيارات للتعامل مع الاتفاق السياسي المرتقب، وقال إذا كان شاملا سيرحبون به وإذا جاءت ثنائيا سيعملون على إصلاحه عبر الوسائل السياسية.
*التسوية قادمة*
ويقول الخبير والمحلل السياسي البروفيسور صلاح الدين الدومة، أن التسوية قادمة لاريب في ذلك التي تفضي إلى إعلان سياسي ووثيقة دستورية.
ولفت الدومة في تصريح للصيحة أمس أن العمود الفقري للإعلان السياسي هو ماقدمته نقابة المحامين، مشيرة إلى أن هناك جهات رافضة بشدة لهذه التسوية، وقال لكن الحاكم في هذا الأمر أمريكا .. “شاء من شاء وأبى من أبى”.
وأكد الدومة إلى أن الوضع العام في السودان، أصبح لايحتمل كثيرا من الانتظار، لافتا إلى أنها كلها عوامل تتطلب المعقولية في الاعلان السياسي والوثيقة الدستورية.
*بادرة انفراج*
ويرى المحلل السياسي محمد علي عثمان، في ظل الاحتقان السياسي والاقتصادي الذي تعيشه الدولة السودانية كان لابد من وجود بادرة وانفراج لهذا الاحتقان.
وقال في تصريح للصيحة أمس مبادرات كثيرة لاحت في الأفق كمبادرة الطيب الجد والدستور الانتقالي لنقابة المحامين وتحركات الآلية الثلاثية أزالت كتلة الجمود والتعنت بين الفرقاء .
وأشار إلى أن التسوية السياسية التي ظهرت للأفق أيا كانت تعتبر نقطة تحول له مابعده في سبيل الوصول لانتقال مدني سياسي من جانب وعسكري مرضي من جانب آخر، وأضاف شريطة أن تشمل تلك التسوية أطراف حقيقية كانت فاعلة في الثورة وتم اغفالها إبان الفترة الأولى للانتقالية.
ودعا محمد علي الحادبين على أمر البلاد والوطنين ، إلى ضرورة اعلاء المصلحة الوطنية العليا من أجل الوصول لحلول عاجلة تؤدي لتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالية، فضلًا عن تحقيق استقرار سياسي واقتصادي لينعكس على معاش الناس.
*تفاوض سري*
مستشار رئيس الوزراء السابق أمجد فريد، قال إن استمرار قوى الحرية والتغيير في مسك العصا من المنتصف، والحديث عن اتصالات غير رسمية واستمرارها في التفاوض السري الذي يعلمه الجميع غير مفيد ولا سبب للإصرار عليه.
وأضاف في تغريدة على تويتر “أنت تفاوض في سلطة حاكمة وتمارس القمع ولن تتورع عن التنصل من اي التزامات سرية كما فعلت ذلك عدة مرات منذ تاريخ الانقلاب”.
ومضى قائلاً “هذه السرية تضعف موقف مفاوضيك، وتنزع عنك الدعم الجماهيري والذي هو سلاحك الوحي والاستناد إلى التأييد الأعمى الذي يمنحه لك خطاب التصعيد الشعبوي هو سلوك غير أمين، وسيجعل من المستحيل خلق قاعدة قبول جماهيري لأي اتفاق يتم التوصل إليه سرا”.
وتابع “توقفوا عن إنكار ما أصبح معلوما للجميع، وأخرجوا للناس بأهدافكم وبشكل العملية التي ترغبون في خوضها والضمانات المتوفرة لكم فيها. وستكون الرقابة الجماهيرية هي أكبر ضامن أما الاتفاقات والتفاهمات السرية فلن تنتج سوى مكاسب ذاتية موقتة لمن يدفعون بهذه العملية في السر”.
*وضع مأزوم*
في الأثناء قدم حزب الأمة القومي اسم إبراهيم البدوي لشغل منصب رئيس الوزراء، خلال التسوية التي قالت التقارير إنّ جميع فصولها اكتملت بين العسكر وقوى الحرية والتغيير.
وأشارت صحيفة الحراك في عددها الصادر، الخميس، إلى اكتمال فصول تسوية سياسية لإنهاء الوضع السياسي المأزوم في البلاد.
وأكّدت أنّ العسكر أبدوا زهدهم الكامل في التمسّك بالسلطة، وارتضوا تكوين حكومة مدنية يقودها رئيس وزراء، فيما يتمّ تكوين مجلس أمن ودفاع يكون تحت مسؤولية رئيس الوزراء.