الركود وتراجع الطلب والاستهلاك يشل قطاعات اقتصاديّة
الخرطوم- جمعة عبد الله 13 أكتوبر2022م
أسهم الركود التجاري وتناقص الاستهلاك بسبب الغلاء، في إفرازات ضربت عدة قطاعات حيوية، ومنها قطاع الطاقة الذي يشهد تناقصاً في معدلات الاستهلاك، بالتوازي مع خفض أسعار الوقود، وهي قضية يتناولها خبراء اقتصاد من زاوية أخرى.
رُكودٌ حَادٌ
يعتقد بروفيسور حسن بشير ان تراجع الايرادات من الوقود كان نتيجة لتراجع الاستهلاك، كما أدى ارتفاع أسعار الوقود لارتفاع تكاليف الإنتاج فقلّ الإنتاج وتراجع الطلب وارتفعت الأسعار وأنتج ذلك تضخماً ركودياً.
وقطع بروفيسور حسن بأن تخفيض أسعار الوقود لم يكن رأفة بالشعب السوداني، وإنما لضرورة اقتصادية محكومة بالأداء الاقتصادي وحسابات الربح والخسارة واستجابة المُنتحين والمُستهلكين واستجابة الأسواق.
هذا الوضع أدى لنقص الإيرادات الضريبية ليس المباشرة فقط، وإنما غير المباشرة المعتمدة على الاستهلاك بما فيها الضريبة على القيمة المضافة ذات العائد الأكبر على الخزينة العامة، وكانت للأسباب اعلاه ارتدادات مطلبية وآثار سياسية انعكست في حركة مطلبية غير مسبوقة لزيادة الأجور واحتجاجات على الرسوم والضرائب والجبايات الأخرى، كان ذلك في قطاعات التجارة والإنتاج والخدمات، وقد احدث كل ذلك ارتدادات اجتماعية وسياسية تم استثمارها من قِبل الحِراك المعارض للانقلاب، مضيفاً أن هناك سبباً آخر في غاية الأهمية هو ارتفاع تكلفة التسيير الحكومي، إذ أن المالية تدفع تكلفة الوقود لجيوش جرّارة من قوات نظامية وحركات مسلحة، إضافةً للمتحركات وغير المتحركات الحكومية التي تعمل بالمُشتقات النفطية حتى إن بعض الهيئات الحكومية أُصيبت بعجز في ميزانياتها المُخصّصة للوقود، مُضافةً إليها تكلفة فاتورة الكهرباء وتكلفة قطوعاتها أيضاً.
باختصار، العقلية الجبائية هزمها الواقع الاقتصادي، إذ أنك إذا حملت الاقتصاد عبئاً زائداً وفوق احتمال الطاقة المتاحة سيكون الأثر سلبياً على مجمل النشاط الاقتصادي، بالضبط مثل تحميل طائرة بحمولة زائدة تؤدي لانفجارها، وتقلص كبير في الطلب على الوقود ركود اقتصادي وتراجع في القُدرة الاستهلاكية أدّى لتراجع الإيرادات، مع حركة مطلبية قوامها الإضرابات والتوقف عن العمل وإغلاق الأسواق، وفي النهاية أصبحت زيادة الوقود على قول السوق غير مُجزية.
توقُّعات الأسواق
ويرى المحلل الاقتصادي د. وائل فهمي، أن انخفاض أسعار الوقود داخلياً أحد أهم المؤثرات في المستوى العام للأسعار، وأشار إلى أنّ وزير المالية التزم بحرية عمل آلية العرض والطلب الداخلي وفق تقلُّبات أسعار السلع بالأسواق العالمية، وتابع: لا يعني بالضرورة أن تنخفض أسعار كل سلعة أو خدمة بالأسواق تناسبياً، وأرجع ذلك لسببين هما: أن التضخُّم السائد هو تضخُّم جامح، تغذي فيه الأسعار للسلع والخدمات بعضها البعض ذاتياً في ظل حرية آلية العرض والطلب بالأسواق، هذا فَضْلاً عن توقُّعات الأسواق المحلية والعالمية في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، واستمرار تهديد روسيا بتشديد الخناق بالوقود على أوروبا من ناحية، ويشير إلى سعي الولايات المتحدة الأمريكية في إيجاد مصادر غاز ووقود أرخص وأوفر لأوروبا وأمريكا نفسها، مع وضع مجموعة السبع لسقف أعلى لشراء الوقود الروسي، ويعتقد في ظل عدم معرفة كيف ومتى ستنتهي الحرب الدولية، فإن توقُّعات الانخفاض، دون توقُّعات الارتفاع الدولي، لا يمكن الجزم به إلا بنهاية الحرب الروسية – الأوكرانية، وذكر: فعدم التناسُب لانخفاض أسعار السلع والخدمات التي بالضرورة تشمل تعرفة النقل، بنفس نسبة انخفاض أسعار الوقود المُعلنة هو استمرار المُستوى العام للأسعار في الارتفاع، رغم الانخفاض المُتوقّع في سُرعته أو حجمه، وأضاف في ظل استمرار السياسات الاقتصادية التضخمية القائمة، خاصّةً وأنّ سلع المستهلك والمنتج تُهيمن عليها الواردات التي تتأثّر بأسعار الصرف التي تتأثّر بدورها بأزمة التضخُّم الجامح السائدة حالياً في البلاد.
خَفضٌ مُتوقّعٌ
ولكن المحلل الاقتصادي د. عبد الله الرمادي، يقول إنّ المُفترض يحدث نظرياً من ناحية اقتصادية نسبةً إلى أنها تكلفة لخدمة تقدم، خاصّةً أنّ النقل داخل في كل شئ، وأوضح من الناحية النظرية ينبغي أن يكون هناك انعكاسٌ لهذا التخفيض رغم أنه جاء طفيفاً جداً، وصاحب حديثه إشارة إلى أنّ هناك مُعدّلات تضخُّم ما زالت في حد جموح الجموح ويقال الآن في حدود الـ130% وإذا صح ذلك هذا يعتبر تضخُّماً عالياً جداً، ولفت إلى أن أوروبا الآن تجأر بالشكوى، لأنّ مُعدّلات التضخُّم فيها ارتفعت من 2% إلى 9%، قائلاً: إن هذا لم يحدث من قبل، وفي ظل ما تُعانيه البلاد من ارتفاع في التضخُّم بحسب المحلل الاقتصادي لا أتوقع أي انخفاض في الأسعار، علماً بأن التضخُّم يعني تآكل القوة الشرائية للعُملة وهذا بالتأكيد سيقود إلى تَصَاعُدٍ مُسْتمرٍ في الأسعار، وأوضح لذا فإنّ صعود الأسعار معناه تآكل القوة الشرائية للعملة، داعياً إلى توضيح نسبة التخفيض في أسعار الوقود مع نسبة مُعدّلات التضخُّم وفقاً لعملية حسابات دقيقة لوضع حدٍّ للتوازن، ويُرجّح د. الرمادي بأن تكون نسبة التضخُّم أكبر، وبالتالي سوف تمتص وتبتلع هذا التخفيض في أسعار الوقود وقد تؤثر، بمعنى أنّها توقف أي زيادة جامحة في المستقبل القريب في أسعار النفط والمشتقات، وبالتالي في تكلفة الترحيل والمواصلات وقد تحدث ذلك وتقلل من ارتفاع التكاليف ربما تمنعها ولا تخفضها بحسب تقديراته، وأردف: ما زالت مُعدّلات التضخُّم مُرتفعة بصفة تفوق جموح الجموح الذي حدد بأنه يصل بين 50 إلى 100% والآن تجاوز حدود ذلك.