عبد الله مسار يكتب: دفن الليل أب كراعاً برّه (الطبخة النيّة)
13 أكتوبر 2022م
بعد أن قامت الثورة في أبريل ٢٠١٩م تحت شعار تسقط بس.. دون برنامج ولا خطة واضحة للفترة الانتقالية، وتكوّن المجلس العسكري الانتقالي كرأس للدولة تحت رئاسة الفريق أول البرهان قائد الجيش، نيابة الفريق أول محمد حمدان قائد قوات الدعم السريع، وقام تجمع سياسي من بعض التنظيمات السياسية وبعض منظمات المجتمع اختطف الثورة من الثوار في الشارع، وسيطر على المسرح السياسي.
وبضغط خارجي في أغسطس ٢٠١٩م، وقّع العساكر والفصيل السياسي الذي استلم الثورة كاستلام (المال المسروق)، وثيقة دستورية لقيادة الدولة في الفترة الانتقالية، وقامت هذه الوثيقة على شراكة بين العسكر والحرية والتغيير المركزي، وأُبعد من ذلك كل القوى السياسية والمجتمعية والأهلية الأخرى، بما في ذلك الذين كانوا في ميدان الاعتصام، وتكونت حكومة حمدوك الأولى والثانية ومجلس السيادة بنفس هذه الوثيقة، وهذه الوثيقة الثنائية لم تُعمّر كثيراً، لأنها قامت على أسس غير علمية ولا موضوعية، وكانت شراكة مختلة وبها ابتزازٌ للمكون العسكري، وهي طبخة خارجية ممن لهم صلات خارجية من المدنيين، وحتى المؤسسة التي وقّعت الوثيقة لا رابط فكري أو تنظيمي بينهم، بل كان تجمعاً هلامياً هدفه كيكة السلطة وداخله تكتلات فكرية مختلفة، وهو تنظيم (لحم رأس).
مشتركات الخلاف أكثر من مشتركات الاتفاق، وأغلب مكوناته يسارية دون النظر في اليمين عدا حزب واحد
أيضاً كانت الوثيقة أشبه بالمنشور السياسي، وظهرت معايبها عند التطبيق، ومن أهم معايبها تخصيص السلطة واحتكارها وعزل كثير من القوى السياسية، وتوجهاتها الفكرية وتعالي مكونها المدني على الشعب والمكون العسكري، والاستقواء بالخارج. ولذلك جاء تصحيحها في أكتوبر ٢٠٢١م في قرار البرهان بفض الشراكة مع قحت والدعوة لوفاق وطني جامع، وكسر موضوع العزل واحتكار السلطة عند فئة قليلة.
الآن يدور في الكواليس أنّ هنالك طبخة جديدة أشبه بالطبخة الأولى تتكون من بعض قحت (١) يقال إنّ البعث العربي والمؤتمر السوداني وتجمع الاتحاديين خارج ذلك، وقحت (٢) وجزء من الشعبي والاتحادي الأصل، مع عزل باقي القوى السياسية والأهلية والطرق الصوفية، بما في ذلك نداء السودان والحِراك الوطني والحزب الشيوعي وباقي الاحزاب والقوى الوطنية. ويقال إنّ وراء ذلك الآلية الثلاثية وخاصة فولكر، وكذلك الرباعية.
ويقال إنّ هذا الأمر يتداول الآن لدى المكون العسكري.
وأعتقد لو صح ذلك، فإنّ نفس المشهد الأول قد تم، وهذا أسوأ من ما قبل أكتوبر ٢٠١٩م.
ثانياً لغى مبدأ حكومة كفاءات وطنية غير حزبية، ورجعنا إلى مبدأ المُحاصصة الحزبية.
ثالثاً لغى مبدأ الإجماع الوطني ورجعنا لمربع حكومة حزبية جزئية اصطفافية.
رابعاً مبدأ الجزئية معناه رجعنا إلى مربع الصراع مرة أخرى وأقوى وبآليات مختلفة.
خامساً واضح أنّ هذا العمل ضغط خارجي من الثلاثية والرباعية، وحتى الضغط الخارجي جزئي، تأثير فولكر واضح فيه.
أخيراً رسالتي الى الأخوين البرهان وحميدتي، أي المكون العسكري، إذا صحت هذه التسريبات، فإنّ هذا لا يؤدي إلى استقرار السودان، ولا حل الأزمة، ويدخل البلد في أزمة جديدة وكبيرة وكارثية، لأنه ما هي المعايير التي جمعت هذه القوى، خاصة وإنّ كل هذه القوى شاركت الإنقاذ، وبعضها حتى أبريل ٢٠١٩م، بل بعضها صنعت الإنقاذ نفسها!!
إذن هذه الطبخة نيّة وهي دفن ليل أب كراعاً برّه لن تنجح ومصيرها الفشل،
والاصطفاف ضد هذه الطبخة سيكون كبيراً، وقطعاً ستسقط كما سقطت الأولى.
آمل أن ينتبه الجميع.. ومازالت فرصة الإجماع الوطني عبر الجلوس في مائدة مستديرة لكل مكونات السودان، ويدعو لها البرهان خارج الحلول الأجنبيّة.