* صادف التاسع من يوليو الجاري الذكرى الثامنة على انفصال دولة الجنوب، ولازالت الدولة الوليدة رغم نجاح مفاوضات الخرطوم وكمبالا وأديس أبابا ونيروبي، تعاني من آثارالصراع الداخلي الذي أفضى إلى أزمة إنسانية قتل فيها الآلاف وشرد أكثر من مليونين، ووسط تدهور الاقتصاد في البلاد اضطرت الحكومة إلى إلغاء الاحتفال بالانفصال للمرة الرابعة توالياً.
* جوبا أعلنت إلغاء الاحتفالات بالذكرى الثامنة للاستقلال التي صادفت الثلاثاء الماضي، لأسباب اقتصادية. وقال مايكل مكوي لويث، وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة “لن يكون هناك احتفال رسمي بأعياد الاستقلال لهذا العام.. لا نريد أن نخسر المزيد من الأموال لأننا نمر بأوضاع اقتصادية عصيبة”.
* مرت الذكرى الثامنة على انفصال الجنوب، ولكن ليس هناك ما يستحق الاحتفال، فاتفاق السلام الذي وُقّع العام الماضي في الخرطوم ويفترض أن يُنهي الحرب الأهلية المدمرة هناك، لا زال قيد الإجراء رغم المؤشرات الإيجابية..
*بعد أقل من عامين من الانفصال عن السودان الموحد، غرق الجنوب في حرب أهلية اندلعت وسط قادة الحركة الشعبية الحاكمة، وقادت إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص، فضلاً عن تشريد ما يتجاوز 2.3 مليون نسمة، وفق أحدث تقارير منظمات الأمم المتحدة.
*حين نُظّم الاستفتاء وسط الجنوبيين في يناير 2011م صوّت أكثر من 98% من الجنوبيين لصالح الانفصال، في ظل قناعة راسخة كانت لديهم بأن الاستقلال عن الشمال سيقود نحو حياة أكثر استقراراً.
*وهو ما دفع أيضاً آلاف الجنوبيين الذين كانوا يتواجدون في الشمال وحتى في خارج البلاد، إلى العودة لجوبا بحماسة قبل أن تبدد التطورات آمالهم بعد خلافات قادة الحركة وتداعيات الاقتتال، وتطرح من جديد علامات استفهام حول ما إذا كان خيار الانفصال صائباً.
*كما أدى اندلاع الحرب في الدولة الوليدة، وفشل كافة جهود وساطة (إيغاد) في تحقيق السلام إلى إحباط المجتمع الدولي الذي شجع بقوة الانفصال وتبنى الجنوب. ويشهد على ذاك الفشل محاولات إيغاد الفاشلة..
*الأيام أثبتت أن عملية الانفصال التي دُفع إليها الجنوبيون دفعاً من قبل قادة الجنوب، قد أثرت سلباً على الدولة. ففي الجنوب اشتعلت الحرب الداخلية ولا سيما أنّ العدو المشترك، أي “الشمال”، قد انتفى، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والإنسانية.
*الآن، وبعد مرور ثمانية أعوام، ومع مرور الأيام واشتداد المعارك في دولة الجنوب بين القوات الحكومية والمعارضة يزداد الأمر سوءًا والوضع الاقتصادي والسياسي تعقيدًا هناك.
* كل مناطق جنوب السودان تشهد ارتفاعاً حاداً في أسعار المواد الغذائية نتيجة لتدهور العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي في السوق الموازي. بجانب خلو الخزينة العامة من الأموال وهو أمر دفع الرئاسة إلى إلغاء الاحتفال بـالذكرى الثامنة لـ(استقلال) وهو إلغاء جاء للعام الخامس على التوالي لأسباب مالية.!
*عموماً ما اتفق عليه (سلفا ومشار) في ليلة الذكرى السابعة لانفصال بلادهما ينتظره الجميع أن يمشي على قدمين .. وإلا فإن الجنوب سيواجه الدمار والفشل الذريع.