صراعات (المدنيين).. عثرات في طريق الحل
الخرطوم ـ صبري جبور
رفع تحالف الحرية والتغيير ولجان المُقاومة- منذ إجراءات 25 أكتوبر الماضي، شعار “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”، احتجاجاً وعدم اعتراف بالسلطة الحاكمة.. ولكن سرعان ما تفجّرت الخلافات داخل التحالف وإطلاق اتهامات لبعض الأحزاب بالانفراد بالقرار.. تلك الخلافات التي تعصف بالقوى السياسية قد تمثّل عقبة أمام الحل الشامل للأزمة، الأمر الذي يتطلّب حدوث توافق واسع بين المكونات المدنية من أجل الوصول إلى اتفاق حول القضايا الوطنية، وعلى ضوء ذلك ظهرت عدة مُبادرات في السَّطح لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المُتصارعة، لا سيّما من جانب التحالف الشريك السابق للعسكر خلال الفترة الماضية.
لا اعتراف
(الثلاثاء)، أقرّ المتحدّث باسم تجمُّع المهنيين الوليد علي بعدم اعترافهم بالمجلس المركزي لقِوى الحرية والتغيير، مشيرًا إلى أنّ مركزي الحرية والتغيير يتبنى قضايا كانت تُحسب على المهنيين.
وكشف علي بحسب (الحراك السياسي)، أنّ خارطة ميدان الاعتصام لم يكن لتجمُّع المهنيين دورٌ فيها رغم أنّه ظهر في الميديا بأنّه من المُساندين لها، وأضاف أنّ إخراج كولومبيا من الاعتصام أيضًا لم يكن جزءًا من توجيهاتنا، فضلاً عن تسليم ملف السلام للعسكر.
وتابع (كل هذه القضايا وقفت خلفها قوى الحرية والتغيير وفي الأخير حسبت على المهنيين).
هرجلة سياسية
وتعليقاً على الخلافات بين المهنيين والحرية والتغيير، تساءل الباحث في الشأن السياسي الطيب عبد الرحمن الفاضل، من هم الحرية والتغيير ومن هم تجمع المهنيين، مشيرا الى الانقسام الحاد وسط هذه الاجسام بما في ذلك قياداتها بكل اجنحتها.
وقال الطيب في تصريح لـ(الصيحة) أمس ان ما يحدث داخل المهنيين والتغيير هرجلة سياسية، وأضاف كلها صراع من أجل المصالح، لافتاً الى أن ما يحدث الآن بين هذه المكونات لا يبشر بوجود بارقة أمل في الوحدة أو الخروج بالبلاد من أزمتها الحالية.
وأوضح الفاضل أن المصالح هي العنصر الفاعل في المشهد السياسي، منوهاً الى أن خلافات الحرية والتغيير وتبادل الاتهامات بينهما حتى قبل انشقاقهما، وأكد الطيب أن تجمع المهنيين كان رهان الشباب السوداني منذ مجيء الثورة، وقال إلا أنه أثبت فشله لولائه للحزب الشيوعي الذي يرفض كل المبادرات المطروحة، وأيضاً لم يقدم أي حلول للأزمة، بل يزيد المشهد السياسي أكثر تعقيداً بمواقفه التي لا تحقق التوافق بين القوى المدنية من أجل العبور بالمرحلة الانتقالية.
توهمات وصراعات
وقال الفاضل “لو علت الحرية والتغيير شعارات الثورة وأنزلتها على أرض الواقع لسلمت وسلم الوطن من الانشقاق والتشظي”، وأضاف الدليل تخوين من كان يسمونهم رفقاء الكفاح المسلح، وبيّن ان الخاسر الوحيد من صراع فيلة ادعياء السياسة هو الوطن والمواطن. ونوه عبد الرحمن الى أن ما وجدته الحرية والتغيير والمهنيين من فرص كبيرة وما وجدته قوى سياسية أخرى كان بالإمكان يجعلها رائدة في المشهد السياسي ومصدر عز وفخر للسودان، وقال “لكن للأسف ما استطاعت توظيف ذلك فخسرت.. لأنها غارقة في أماني واحلام وتوهمات وصراعات حتى داخل الحزب الواحد، دعك من المكونات الكبيرة”.
ودعا الطيب، المهنيين والحرية والتغيير بمسمياتها الى ضرورة تقديم تنازلات من أجل الوطن والمواطن، باعتبار أن الأوضاع التي تمر بها البلاد لا تحتمل المزيد من عدم التوافق بين السودانيين.
عدم تفاهم
في ذات الاتجاه، قطع القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد المعتصم حاكم، أن الأزمة الحقيقية تكمن في عدم التفاهمات بين مكونات الحرية والتغيير.
وقال حاكم في تصريح لـ(الصيحة) أمس، الخلافات والصراعات في نهاية الأمر لن تؤدي الى معالجة الأزمة، وأضاف “من الواضح ان الحرية والتغيير ترفض كافة المبادرات المطروحة الآن”. ونبه حاكم أن (90%) من الشعب السوداني مع توحيد المبادرات في إطار واحد بغية الوصول الى حل للازمة، مؤكدا أن التغيير تتطلع الى انتخابات بعد فترة طويلة، وقال (لان الانتخابات المبكرة لن تأتي بهم).
عثرات في طريق الوحدة
ويرى المحلل السياسي محمد علي عثمان أنّ الخلافات بين تجمع المهنيين والحرية والتغيير نتاج طبيعي، باعتبار أن هذه الاجسام ما يفرقها أكثر مما يجمعها، خاصة وأن أي طرف يسعى من خلال تحركاته بأنه هو صاحب الثورة ولولاه ما كان حدث التغيير.
وقال محمد علي في تصريح لـ(الصيحة) أمس، في ظل هذه التشاكسات والخلافات بين المكونات السياسية يصعب جدا توحيد القوى المدنية، خاصة وأن تلك الأجسام أيضاً لديها خلافات مع التغيير (التوافق الوطني)، فضلاً عن المكون العسكري.
مشدداً على ضرورة أن تضع القوى المدنية القضايا الوطنية في نصب أعينها من أجل الوصول الى نقاط تلاق بين الأطراف تسهم في تحقيق الاستقرار وتكوين حكومة مدنية متوافق عليها تعبر بالمرحلة الانتقالية إلى بر الأمان وصولاً إلى الانتخابات التي يُشارك فيها الجميع.
تقديم اعتراضات
كشف الحزب الناصري في بيان سابق، عن تقديمه اعتراضات داخل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير على خارطة طريق إنهاء الوضع الحالي قبل إجازتها، وقال الحزب (كنا قد أبدينا ملاحظاتنا واعتراضنا على صياغتها بهذا الشكل الذي لن يؤدي إلا لشرعنة واستمرار الانقلابيين في السلطة ولم تتم الاستجابة لتعديل ما اقترحناه حتى ولو شولة وتم تمرير النسخة التي صاغها محتكرو القرار ومالكو فصل الخطاب كما هي، كأن ما كتبوه منزل لا يأتيه الباطل من بين يديه او من خلفه).